الأحد، 9 أكتوبر 2022

نهاية رحلة الحلقة السّابعة..قلم رشدي الخميري

نهاية رحلة الحلقة السّابعة تجمّع المعلّمون في ذلك المساء ، وقبل " النّزول " إلى الدّكان، حدّدوا ما يحتاجونه من لوازم في المطبخ وانطلقوا في جلبة من النّقاشات الثّنائيّة والجماعيّة حول مواضيع متفرّقة لا تخلو من النّكتة ولا من الاختلاف النّزيه فنقاشهم ليس للتّباهي ولا للرّكوب على ظهور الغير للوصول إلى منصب أو مصلحة غائيّة مبيّتة. وصل الزّملاء إلى المنبسط والتقوا بمجموعة من أهل القرية الّذين بحكم طيبتهم وأخلاقهم العالية بادروهم بالتّحيّة وفسحوا لهم الطّريق للجلوس أمام الدّكان. سيّدي المعلّم وبنيّة صبر أغوار الأهالي ليبني فكرة شاملة حول تلاميذه، سمح لنفسه أن يتجاذب أطراف الحديث معهم في وجهة وخطّ محدّد. ولقد تمكّن من جمع ما قد يفيده ويشفي ضالّته من دون أن يجلب الاهتمام ولا الرّيبة حوله. انطلقت "السّهرة" فاجتمع السّاهرون في مجموعات للعب الورق وآخرون للفرجة والتعليق بالسّلب تارة وبالإبجاب أخرى على أداء هذا اللاّعب أو ذاك في اللّعبة، وقد تنفجر حنجرة أحد اامتفرّجين ضحكا أو تعليقا محتجّا على طريقة لعب لاعب معيّن، فيغضب من تعليقهم ومن ضحكهم ويعلن خروجه من اللّعبة، فيهرع إليه آخر ليثنيه عن قراره متعلّلا بأنّ الغاية من اللّعبة أصلا هو التّفريج عن النّفس بالضّجك والتّعاليق المستفزّة..فيعود اللاّعب وتتواصل اللّعبة وبالتّالي السّهرة. صاحب الدّكان يقف دائما محايدا كي لا يخسر زبائنه وإذا ما تدخّل فهو يتدخّل ليلطّف الجوّ وليذكّر السّاهرين بأنّهم إخوة وأحبابا ولا يجب أن يوجد ما يفرّق بينهم. في تلك اللّيلة، أتى أحد المؤدّبين- وهو من حفظة القرآن وهو المخوّل لقراءته على الموتى ويلعب أيضا دور الشّيخ أو "المفتي" في تلك المنطقة- سلّم على الحاضرين ودعا لهم بالصحة والخير، ولأنّه لا يعرف سيّدي المعلّم فقد سأل عنه واقترب منه ورحّب به ترحيبا خاصّا وبزميله الجديد أيضا وراح يثني على علاقة أهل المنطقة بالمعلّمين القدامى وزملائهم الّذين سبقوهم. وتركّز حديثه بعد ذلك على قيمة المعلّم في المجتمع وفي تطوّر أيّ بلد ثمّ رؤيته هو لدور الدّولة في إعلاء شأن التّربية والمربّين. تعوّد سيّدي المؤدّب أن يتحدّث في النّاس ولا يقاطعوه إلاّ للسّؤال أو للتّوضيح، وفي تلك اللّيلة وجد من المستمعين إليه مقاطعة ومعارضة فيما يخصّ الواقع المعيش والقوانين ممّا أحرجه أحيانا أمام الحاضرين ممّا اضطرّه إلى إمّا تعيير الموضوع بتعلّة أنّ ذلك حديث في السّياسة والمقام لا يسمح بمواصلة الكلام فيه، أو بالقول أنّ هذا الموضوع أو الآخر لا يمكن لأيّ كان أن يخوض فيه..لكنّ الجوّ ساده الاحترام وأحيانا المجاملة. انتهت اللّعبة وعقبها نقاش يشتدّ ويلين حسب الوضعيّة ليعود السّاهرون بعد ذلك إلى منازلهم فرادى وجماعات بعد أن تسلّحوا بمصابيح تنير لهم طريق العودة إذ ليس هناك إنارة عموميّة خارج الدّكان، وليس هناك كهرباء ولا طاقة شمسيّة أساسا آنذاك. رشدي الخميري/جندوبة/ تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق