السبت، 26 أكتوبر 2024

قصّة قصيرة بقلم الأستاذ كمال العرفاوي

 (قصّة قصيرة بقلم الأستاذ كمال العرفاوي) 

*تحت وابل من الرّصاص*

صاح ياسين بأعلى صوته :"اللّه أكبر، اللّه أكبر، وللّه الحمد" 

، وهو يجري ويقفز عاليا في فخر واعتزاز، يكاد يطير من شدّة الفرح والبهجة كنسر قويٍّ يحلّق في الفضاء الرّحب مفتخرا بفريسته الثمينة الّتي غنمها بعد متابعة طويلة ورصد دقيق، وهو يرى دبابة الميركافا الشّهيرة تحترق بمن فيها من جنود العدوّ الصّهيوني الغاشم، بعد أن وضع في مؤخّرتها عبوة شواظ شديدة الانفجار، وأسرع لمغادرة المكان كي لا يُصاب بشظاياها القاتلة. كان ياسين في قمّة السّعادة والانبساط وهو يتابع تصاعد النيران الحمراء الملتهبة، والدخان الأسود الكثيف من جسم الدّبابة العظيمة، ويزيد انتشاءً بسماع صراخ جنود العدوّ المغتصب وهم يتألّمون وسط اللّهب الحارق، ويطلبون النجدة دون جدوى، حتّى خفتت أصواتهم شيئا فشيئا، ثمّ كُتِمت نهائيا...

في لحظة انتشاء غادرة، سها ياسين ونسي توصيات قائده 

أبي خالد بالعودة مباشرة إلى النّفق بعد إنجاز مهمّته، فبقي متسمّرا في مكانه الّذي لا يبعد أكثر من خمسين مترا عن الدّبّابة المُحتَرَقة وهو في قمّة نشوة الانتقام، فسبحت به ذاكرته النّشطة في بحر أسودَ من الذّكريات الأليمة حين عادت به سبع سنوات إلى الوراء ليتذكّر الأيّام العصيبة الّتي عاشها صحبة والديه وأخته سلمى الّتي كانت تصغره بثلاث سنوات، لمّا كان شابّا في ربيعه الثاني والعشرين. كانت أصوات أزيز الطّائرات المجرمة تصمّ آذانهم، وكانت أصوات القنابل تبعث في نفوسهم الرعب والفزع والجزع، فيحتمي الجميع بأحضان بعضهم البعض، وفرائصهم ترتعد خوفا وهلعا...

مرّت الدّقائق ثقيلة مخيفة، والطّائرات تستهدف منازل

الآمنين بقنابلها المُرعبة، وفجأة دوّى انفجار كبير تهاوى له سقف المنزل الّذي يأويهم، وتدمّرت جدرانه الّتي تحميهم، فغاب عن الوعي ولم يستفق إلّا بعد سبعة أيّام على صوت طبيبه الّذي كان يعالجه وهو يقول له:

_ الحمد للّه على سلامتك يا بني. بماذا تشعر الآن؟ 

فأجابه ياسين بصوت خافت متقطّع:

_ يدي اليسرى دكتور، تؤلمني جدّا، وأشعر أيضا ببعض الدّوار. 

فطمأنه الطّبيب مبتسما:

_ لا عليك يا بنيّ، لقد تجاوزت مرحلة الخطر، ستتماثل للشّفاء بعد بضعة أسابيع من العلاج المنتظم، وستعود إلى نشاطك الطّبيعيّ بعد ثلاثة أو أربعة  أشهر على أقصى تقدير بإذن اللّه تعالى. 

فرح ياسين وقال ممتنّا:

_  شكرا جزيلا دكتور، حفظك اللّه ورعاك. 

خرج الطّبيب من غرفة العناية المركّزة الّتي يرقد فيها ياسين، 

بعد أن طمأنه على صحّته وترك بجانبه ممرّضة شابّة للعناية به.  وقد علم منها ياسين لاحقا بأنّه فقد والديه وأخته في تلك الغارة المشؤومة، وقد نجا هو بأعجوبة بعد أن تمّ إخراجه بصعوبة من تحت ركام منزلهم. لم يتمالك ياسين نفسه عن البكاء والنّحيب، فسالت دموعه الحارّة على وجنتيه مدرارا حزنا على فقدان كامل أفراد عائلته، فخفّفت من حرقته الممرّضة فاطمة، وواسته بكلمات طيّبة لطيفة تبعث على الصّبر والاحتساب، فنزلت عليه عباراتها بردا وسلاما، فهدأ قليلا ولكنّه لم ينسَ ولن ينسى أبدا هذه الحادثة الأليمة بعد أن عقد العزم على الثّأر لأسرته أوّلا، ولوطنه الحبيب ثانيا...

أُعجِبَ ياسين بالممرّضة فاطمة الّتي خصّته بعناية 

مميّزة، وزاد إعجابه بها بعد أن لاحظ حسن سلوكها، ودماثة أخلاقها، وأُعجِبت هي أيضا به وبادلته نفس الشّعور، فتوطّدت العلاقة بينهما بمرور الأيّام والأشهر حتّى تزوّجا على سُنّة اللّه ورسوله وأنجبا بنتا جميلة سمّياها رجاء، وعاشوا جميعا في سعادة وهناء... 

ذات يوم قرّر ياسين الانضمام لكتائب المقاومة الإسلامية حماس بعد أن اقتنع تمام الاقتناع بأنّ ما سُلِب بالقوّة لا يُستَرَدُّ إلّا بالقوّة، وأنّ الحرّية لا يمكن التّمتّع بها إلّا بعد استرجاع كامل الأراضي الفلسطينية المحتَلّة وعلى رأسها القدس الشّريف، فأخبر زوجته فاطمة الّتي رحّبت بالفكرة، وشجّعته عليها رغم علمها المسبق بمخاطرها، وذلك لأنّ العدوّ الغاشم واصل غطرسته وعدوانه وانتهاكاته المتكرّرة والمتعمّدة لحقوق الفلسطينيين، وقد تجاوزت اعتداءاته حدّا لا يُطاق لتصل إلى مرحلة تدنيس المسجد الأقصى، وهو الخطّ الأحمر الْذي لا يمكن لأيّ فلسطينيّ حُرًّ أو مسلم  أن يسكت عنه... 

  بعد اختبارات ذهنية وبدنية عديدة، وقع اختيار ياسين 

ليكون عنصرا من عناصر وحدة النّخبة لحماس بجنوب خان يونس، فشارك في عديد الدّورات التّكوينية والتّدريبية على مختلف الأسلحة، وقد أظهر مهارة عالية في الرّماية بجميع أنواع الأسلحة من مسافات مختلفة، ولياقة بدنيّة ممتازة، وذكاء حادّا وقّادا، فكسب ثقة قادته العسكريّين... 

استفاق ياسين من غفوته على صوت قائده أبي خالد

وهو يستحثّه على مغادرة المكان للعودة إلى النّفق الّذي انطلق منه لمهاجمة العدوّ، وفجأة شعر بألم في صدره، وبحرارة سائل الحياة الأحمر الّذي سال بغزارة من جرحه الغائر بصدره، بعد أن أُصيب برصاصة غادرة من بندقية أحد الجنود الصّّهاينة الّذين جاؤوا متأخّرين لنجدة زملائهم المحترقين داخل الدّبّابة... 

لم يقوَ ياسين على النّهوض، فطلب النّجدة من قائده الّذي

طلب من بقية أفراد المجموعة أن يقوموا بإطلاق نار كثيف نحو الأعداء للتّغطية على عملية نجدة ياسين. وما هي إلّا لحظات حتّى انطلق القائد الشّجاع كالسّهم نحو الهدف غير مُبال برصاص العدوّ. ولمّا وصل إلى ياسين وجده فاقدا لوعيه، رافعا سبّابته نحو السّماء، فحمله على ظهره وانسحب به تحت وابل من الرّصاص المتبادل بين المقاومين والجنود الصّهاينة، وأسرع به نحو فتحة النّفق. ولمّا وصل سلّم ياسين لعمّار وياسر اللّذين أدخلاه إلى النّفق، وواصل القائد الشّجاع قتاله للعدوّ مع بقيّة أفراد مجموعته حتّى أوقعوهم جميعا بين قتيل وجريح. ثمّ انسحب مع زملائه الّذين سبقوه للدّخول إلى النّفق، وفجأة حدث ما لم يكن متوقّعا.. لقد أصيب القائد أبو خالد برصاصة لعينة اخترقت ظهره وصدره، فسقط على الأرض متألّما. تحامل القائد الشّجاع على نفسه وسجد سجدة شكر للّه، ثمّ غاب عن الوعي وخمدت حركته...

بعد أسبوع من هذه العملية الفدائية الجريئة، فتح ياسين 

عينيه بعد أن نجا للمرّة الثّانية من موت مُحَقَّق، وأجال بصره في أرجاء غرفة العناية المُركّزة، وكم كانت فرحته عظيمة حين شاهد زوجته الحبيبة فاطمة منتصبة أمامه والابتسامة تعلو مُحيّاها! وقبل أن يسألها أشارت إلى السّرير المُجانب له، فرأى القائد أبا خالد مُمَدَّدا عليه، وهو يبتسم و يرمقه بنظرة فخر مشوبة بالعتاب، وقد رفع شارة النّصر عاليا ولسان حاله يقول:  لن نهدأ، ولن يُغمَض لنا جفن، ولن نُلقِي السّلاح إلّا بعد قيام الدّولة الفلسطينيّة الكاملة السّيادة على كلّ شبر من أراضينا المُحتَلَّة وعاصمتها القدس الشّريف... 

كمال العرفاوي

تونس



عرس الذيب بقلم الكاتب والروائي بنمرزوق عبدالرحيم

 عرس الذيب 

بعض   الدكريات، التي أطلت فجأة في أحلامي، بعدما نهضت من الذاكرة .. وجوه   اناس  خلت ،و اندثرت بعادات نخرها الزملن في مراسيم القرية ،التي كنت أحضر أفراحها، وأنا طفل صغير ، لكنها استقرت في دار جدتى ، وصارت تتردد علي في المنام؛  ليالي متتالية.. حين كنت  رفيقا    لوحشتها ،،وسط اشجار التين والزيتون، التى تحيط بنا،  من كل مكان،  فينتابنى الخوف وسط  النهار، 

تعودت القرية على حكاية  عرس الذئب،، الذي يختطف البنات الجميلات، ، من وراء العين التي  تروي عطش القبيلة وهن ساقيات  او عائدات من الحقول المجاورة 

وتعود ، اهل  الدوار  على مسك الهراوات ،والمناجل  تأهبا لقتله، ولكنهم لم يقدروا على ذلك   ،فهو حذر يباغت فريسته، من حيث لا تدري، ويجرها ، الى مكان مرتفع... وهكذا تعودت العجائز، على استعادة روح خرافة ،تثير قشعريرة  والخوف

 لقد رحلت ا المراة  السبعينية، الأليفة، عن الدار الترابية؛ القديمة ،التي تنبعثت فيها الروائح  ، قطع من العجين المخمر تحت  روائح حليب الصباح  الباكر وهو يحلب من ضرع البقرة. و  الدجاج ،  ينبش في التراب ،  وهدير الحمام  يملاء وسط الدار  فوضى عارمة  من  الضجيج ،  ،يتطار فوق راسها ،من كل مكان  ..

 كانت الحكاية تزدحم في رأسي في هذه الدار منذ الطفولة، ولكنها كانت تختبئ في الذاكرة ..

وأفتح أبواب الغرف،، باحثا عن شخصيات ،من صنع أحلامي الأخيرة، استحالت إلى جزء من القرية، بحثا عن حنين قديم أو عن أحلام جديدة...فتنبعث روائح * الزعتر  *و فليو*و الدى كانت . رواءحه لا تنقضى  على طول الستة القمرية ،حين بدات ارتب الا يام والسنين، بالمفاهيم العددية ، وجداول الضرب والحساب التى ارهقتنى ،ايام  دراستى الا بتداءية بقلم 

الكاتب والروائي بنمرزوق عبدالرحيم



ممر للأمان بقلم الكاتب سلام السيد

 ممر للأمان


في دجى الليل،

وصوت الروح والشكايا،

بفم المرارة،

تلفظ أنفاسها الأخيرة.


إفراغ ما بجعبة الألم،

هو البكاء،

يُعيدها إلى مستقر الذكرى،

والصور المعلقة في زوايا الروح

تتخذ هيئة الاعتبار،

كأنه الموت.


أثرٌ محفور

يحيك النبض،

يعدّه لجراح القلب،

ويلملم شظاياه.


سلام السيد

.أقاصيص خادعة! بقلم الكاتب دجلة العسكري

 بقلمي .....أقاصيص خادعة!


نحن أسرى ليلة مفقودة

غصّ فيها الشوق

فوق المدّ الأزرق

حُملنا أوزار الموج الأخرق

لنسرق وميض الشاطئ الأقرب

غمرتنا العواصف بندا الأحلام

تبددّ المطر في رحم العاصفة

فأقتلع الذكرى من بكاء الحالمة

الشجن المُلام خنق الذاكرة

لن نحصد القبلات تحت السماء 

لن نفقه الحب في الأحضان الدافئة

أحلامنا تندب الليل

والليل ينحر القمر

القمر يطفو فوق الركام

دون ذنب،،،،دون تعب

نتهالك في القيود

لا نرى الوجوه ....نفتقد اللقاء

في أقصوصة النجاة

تحت الأشرعة الخادعة

يتهالك المدّ الرخيم 

مع ألحان المسير الأخير

للرحلة الغامضة


دجلة العسكري

العراق

٢٠٢٤



أزقة...وضباب بقلم الكاتب+ لطيف الخليفي/تونس

 أزقة...وضباب


بين الخماىل جلست

ارتشف ساعات التعب

واتدثر بمسافات الامس

أنحت من الذكرى رسما

يعيدني إلى تلك الهضاب الجدباء

وأجوب أزقة الامس البعيد...

تجاويف الليل تدعوني

تحاور مساءاتي...

وتتناوم بين أحضان الصمت...


من وراء تلك التلة  الهرمة

تعلو ترانيم الطير

وصوت أمي وهي تجوب حياتها

يضفي على الروح مسحة الود

وكان أبي يجهز يومه

ويجتر أيامه 

ويجعلها عبرة في شكل حكمة

وأراني اراقص الابتسامة

علني أصنع منها تاج ود

فابتسم خفية 

..............وأتناوم

فيوقظني صوت أخي المبحوح

يؤذن لصلاة الالتقاء...

سنوات لا اذكر عددها 

.............وامي تنتظر ساعة 

ساعة ( مارقة )عن التاريخ

لتحضنه...وتصرح دمعا...

أعاتب قساوة اللقاء...وبأس الراعي

(أن تشكو أمرك لغير الله

فأنت ذليل.....)

وطال الانتظار

وأذنت الساعة بالإنبلاج

واعشوشبت ضفاف شبه الحياة

وغنت

 الطير...ورقصت الساعة...

وانقشع الضباب

وتواصل زحام الأزقة....

+ لطيف الخليفي/تونس

(27/10/024)

مَنْ نحْنُ بقلم د. أسامه مصاروه

 مَنْ نحْنُ

حتى الرَّضيعُ عِنْدَهمْ يَكْذِبُ

يبْكي وَمِثْلُ أمِّهِ يَنْدُبُ

وَيْلَكَ تبْكي دوَنما حاجَةٍ

غِبْ مثْلَما أهْلُكَ قدْ غُيِّبوا


أُمَّكَ قد قَتَلْتُها ما بِكَ

لسْتَ بحاجَةٍ لَها وَيْلَكَ

كيْ لا تكونَ في غَدٍ قاتِلًا

مُتْ مِثْلَ أطْفالٍ قَضَوْا قبْلَكَ


كمْ قَذِرٌ أنتَ وَكمْ نَتِنُ

وأنتَ أيْضًا مثْلُهُمْ عَفِنٌ

انْظُرْ إلى الْبَوْلِ على الْحُصَرِ

بَلِ اكْتَسى مِنْ قبْلِها الْبَدَنُ


تبًا أتسْتَخْدِمُهُ سِلاحا

وما غدا البوْلُ هنا مُباحا

الْغازُ أيْضًا مثْلُهُ قاتِلٌ

لكنَّهُ كانَ لنا مُتاحا


سوْفَ تموتُ سَريعًا جائِعا

فالْجوعُ ما زالَ هُنا شائِعا

لِمَ الرَّصاصُ والْبَديلُ مَعي

فالْجوعُ يبدو دائِمًا لاذِعا


أحْسَنتَ صُنْعًا قالَ مَنْ قادَهُمْ

فَلْيُقْتَلِ الأَهْلُ وَأَوْلادُهُمْ

وَلْيُذبَحِ الرَّضيعُ في مَهْدِهِ

وَلْتُقْذَفَنْ للْوَحْشِ أَجْسادُهُمْ


توقَّفَ الْبُكاءُ في لَحْظَةِ

لَحْظَةِ حِقْدٍ غِلّةٍ فَظَّةِ

فالآخرونَ عيْشُهمْ موْتُهُمْ

سِيّانِ ما بِالأمْرِ مِنْ غِلْظَةِ


الصِدْقُ لا ينْفَعُ مَنْ يًصدُقُ

والْعَدْلُ أخْرسٌ ولا يَنطقُ

والْحَقُّ لا يشْفَعُ للْواهِنِ

إنَّ الصُّراخَ طبْعُ مَنْ يَنْعَقُ


نَكْذِبُ والْغَرْبُ يُصّدِّقُنا

وَنَفْتري والْغَرْبُ يَعْشَقُنا

وأنْتُمُ الأَعْرابُ خُدامُهُ

خُدّامُ مَنْ للْقَتْلِ يَسْبِقُنا


إِلهُنا الأقْوى وَحُكّامُكُمْ

خُدّامُنا والْكُلُّ ظُلّامُكُمْ

فَهُمْ على أمْلاكِهِمْ أحْرَصُ

هِيَ الْأَهَمُّ ليْسَ إسلامُكُمْ


وَلْتَعْلَموا يا أَيُّها العَرَبُ

مهما عَلَتْ وَضجَّتِ الْخُطَبُ

نحْنُ لا قانونَ يَرْدَعُنا

ولا مواثيق ولا أدَبٌ


يُضْحِكُنا للْغَيْرِ تشْكونَنا

وَلِلسَّلامِ الْمُرِّ تَدْعونَنا

هَلِ الْغباءُ قد أحاطَ بِكمْ

حتى لهذا السِلْمِ ترْجونَنا


إنَّ السَّلامَ شَرُّ أعدائِنا

مُنّْذُ وُجودِنا وَإنْشائِنا

ففي السَّلامِ موتُ أحلامِنا

أطماعِنا حتى وَأَهْوائِنا


ليْسَ خَفِيًا لا سلامَ لنا

مَعِ الشُّعوبِ فِعلًا حوْلَنا

حكامُهُمْ عبيدُنا وَيْلَهُمْ

إنْ فكَّروا أَنْ يُنْكِروا صوْلَنا


حكامُكُمْ نَحْمي عُروشَهُمُ

حتى يُخَزِّنوا جيوشَهُمُ

تِلْكَ الَّتي لِقَتْلِكُمْ تَخْرُجُ

حينَ تثورُ وُحوشَهُمُ


ثُمَّ حُدودُنا مُؤَقّتَةُ

مِثْلَ نوايانا مُبَيَّتَةُ

غيْرُ السَّلامِ لا يُحَدِّدُها

حَدٌ إذِ الْقُلوبُ ميِّتَةُ


معْ أنّنا لا شيءَ نكْتُمُهُ

وَكلَّ ما للْعُرْبِ نَعْلَمُهُ

لكِنَّما الْحُكْمُ كعادَتِهِ

لا قتْلَ أوْ تهْجيرَ يُؤْلِمُهُ

  د. أسامه مصاروه

عباءةّ النّدى.. أحاسيس: مصطفى الحاج حسين.

 * عباءةّ النّدى.. 


    أحاسيس: مصطفى الحاج حسين. 


يتدحرجُ الجوعُ

على بلادٍ

كانت تطعِمُ الأيّام

عسلاً ومجداً

وتُلبِسُ الأفقَ

عباءةَ النّدى

وتَروي عطشَ الصّحراءِ

كرامةً وأماناً

بلادٍ تستلُّ السّحابَ

وتَغيرُ على أسرابِ الخوفِ

وتفتكُ بحيتانِ البَرِّ

إنْ تآمرتْ على ضحكةِ

العشبِ

وثديِّ الفراشةِ المرضعةِ للربيعِ

الصّاخبِ بالعشقِ

وقصائدِ النّوافذِ المفتوحةِ 

على السّلامِ 

بلادٍ.. 

َوقعتْ أسيرةَ الكرامةِ 

هاجمَها لصوصُ الوباءِ 

دهسوا نبضَها 

اقتلعوا نضارتَها 

اغتصبوا صرختَها 

وحطّموا روابيها 

وجاعَ كلُّ مَنْ يتمسَّكُ بقامتِها 

ويدافعُ عن كُرومِ يديها.* 


         مصطفى الحاج حسين. 

                 إسطنبول



مناقصة في مزاد بقلم : الكاتب لشهب حسين

 مناقصة في مزاد

وضعت العرب و العروبة في المزاد

اهتلاك و أعطاب في هذا العتاد

من يعطي درهم أو بالمجان إن أراد

من يشتري الصخر في قلوب عباد

كنوز الإيمان الموروثة من الأجداد

استبدلت بالخيانة و جبن  أحفاد

علماء الجهل حرموا الجهاد

و قالوا إن للخنزير أرض الميعاد

تبا لكم و للقرود و الإستبداد

من يريد الحرية يتمسك بالزناد

فمقاعد العز على ظهر الجواد

و من أحترق بالذل صار كالرماد

تفرقت الفرق و للباطل الإتحاد

ما بكم و أموالكم وقود الفساد

تحرق نساء و براءة الأولاد

تبا لكم و من اشتراكم يا أوغاد

سوق عكاظ في زمني قد ساد

سماسرة الأرواح و بهتان  نقاد

فاليهوم الشعراء على ضفاف الواد

من قحط الأقلام   جف المداد

القدس ،بيروت ، دمشق و بغداد

في حبل المشنقة مكبلة بالأصفاد

مسلم مسالم في بيته يباد

ضعف لا يقوى حتى على الإنقاد

يا ليت صوتي يهز سبات البلاد

و ينهض الضمير العربي من الرقاد

صليبية صهيونية و التاريخ  يعاد

فأين صلاح الدين و طارق ابن زياد

و أرض العروبة قد غزاها الجراد

من سوق عكاظ قصيدتي في حداد

حتى تعلو راية الإسلام يا أسياد

بقلم : لشهب حسين



أشلاء بلا مقابر بقلم الكاتب عبد الكريم محمد الهتاري

 أشلاء بلا مقابر

وصمود يكابر

والنصر يأتى يفاخر

لأهل غزه طوعا وحاضر 

 بطولات تصنع فى التحقيق  والمحاضر 

غزه إليها يسعى النصر

طوعا يقول حاضر


عبد الكريم محمد الهتاري

قصة قصيرة دبل من غير كيك للكاتب المصري م محمود عبد الفضيل

 قصة قصيرة 

دبل من غير كيك 

للكاتب المصري م محمود عبد الفضيل 


بعد المعاش قررت ان ادخل دار مسنين فقد سافر الابن الوحيد لامريكا و تزوجت البنت و رحلت مع زوجها إلي دول الخليج .شعرت بالوحده بعد وفاة زوجتي و لكن قررت ألا اتزوج حتي أتم تربيه اولادي و ها أنا ذاك أديت الرساله علي اكمل وجه ، اخترت أحدي درو المسنين الراقيه التي تضمن رجال و سيدات ممن يعانون من نفس مشكلتي و هي الوحده و بالفعل التقيت باللواء متقاعد أركان عماد مدير الدار الذي سهل لي اوراق الالتحاق بعد مقابله شخصيه سريعه و من اليوم الأول هنا وجدت أن الجميع يعيش في وحده ربما الكل متواجد في حديقه الدار و لكن تحسبهم جميعا و كأنهم أصنام أو تماثيل ،بعضهم منشغل بقراءه الجرائد و اخرون في العاب الدومينو و الشطرنج 

اما السيدات فالكل يجلس في حلقه واحده منهن من تشغل التريكو و بعضهن في القراءه و اخرون في مداعبه ازرار الموبايل بتحركن ككتله واحده إلي المطعم و إلي الصاله التلفاز ولا يفترقن الا عند النوم 

*****

الحياه في الدار تشبه الحياه في المدرسه الابتدائيه المشتركه الأولاد في ناحيه و البنات في ناحيه 

ورغم مرور عشرات السنين الا ان تلك العقيده مازالت مترسخه في وجدان الجميع رجال و نساء 

بدأت في اكتساب صداقات الكثيرين من الرجال و معظمهم  

أما أن ترك أولاده برغبته و اخرون تم القائهم في هذه الدار  جحودأ من ابنائهم 

بدأت في تجميع الرجال للاشتراك في انشطه رياضيه فالمعظم مازال بصحه جيده و البدايه كانت المشي في أرجاء الحديقه مع عمل تمرينات خفيفه ثم اشتريت كره قدم و بدأنا في لعب مباريات و بدأ الجميع رجالا و نساء يتوافد لمشاهده تلك المباريات خاصه أن بها مفارقات مضحكه و تدور بشكل كوميدي 

لاحظت اهتمام فايزه بمتابعتي و تشجيعي خلال المباريات فقد كان حماسها و عيونها المتابعه لي ملحوظه بدرجه كبيره  خاصه أنني احاول لفت نظرها بمهارتي في لعب الكره و عمل الدبل كيك بطريقه بهلوانيه تظهر قوتي البدنيه و مرونه حركتي 

و في مره من المرات و هي تجلس تتابعني حاولت عمل الدبل كيك أمامها و بالفعل دخلت الكره المرمي و لكني لم استطع الوقوف مره أخري فقد أصبت في ظهري و تم نقلي إلي المستشفي و قام الجميع سيدات و رجال بزيارتي و بصفه يوميه و هي معهم 

حتي أتي اليوم الذي طلبت منها الانتظار و ابديت اعجابي بها و كم كانت سعيده بذلك الاعجاب الذي انتظرته طويلا 

و مع الوقت و في زياره اللواء اركان طلبت منه إحضار المأذون للزواج منها في المستشفي و دعوه جميع النزلاء من الجنسين لحضور مراسم الزواج 

و بالفعل  تم عقد الزواج و انا في سرير المستشفي و بعد انصراف الجميع جلست بجواري علي السرير 

بتطلب مني عدم لعب الكره مره أخري 

و لما اعترضت علي طلبها 

ابتسمت بصفاء و خففت الطلب خلاص العب بس من غير دبل كيك 

خليها دبل من غير ما ترمي نفسك علي الأرض

___رقصة مع الأحلام بقلم الكاتب _زيان معيلبي (أبو أيوب الزياني)

 ___رقصة مع الأحلام 

يفيض الأمل من ربوع 

المساء

تزدان ساعاتي 

شوقاً وبهاء

تتسع رؤي في 

المدى... 

لتشرق شمس الحبيبة 

من بين

ثنايا الغروب 

لتبث

في القلب 

بهجة الحياة

تتسارع نبضات قلبي 

شوقا إليها

سلاماً لملاك يزرع 

فينا الحياة

فيما مضى كنت موغلاً 

في غربتي

أسرق يقظتي من الحلم 

أخاطب الفرشات 

أحمل في كفي كل 

الأماني 

وأردد كل الأغاني 

أعيش دفء الأماكن 

يصاحبني الربيع 

كي أفر من الحزن 

وكل القيود

راحلاً لا أحمل تأشيرة 

الرجوع....... 

أعرف أن الأحلام 

تنزف مثلنا.....! 

كما ننزف نحن من الحزن 

المقيم

تراني أرتل صلاة 

الراحلين في قلبي 

في كل مساء 

أحمل داخلي زهو السنين 

لا رغبة لي برجوع فتلك

الأماكن ماعادت تهمني 

لقد رسمت لنفسي الطريق..! 


_زيان معيلبي (أبو أيوب الزياني)


تخلّف ركْبُنا بقلم الشاعر محمد الدبلي الفاطمي

 تخلّف ركْبُنا


تأمّلْ حالَ مَدْرســـةِ النّجاحِ

وقلْ لي:هلْ سنَـــفرَحُ بالفلاحِ

وكيف سَنرْتقي وسَط اكْتظاظٍ

تلوّثَ بالضّــــــجيجِ وبالصّياحِ

تخلّفَ ركْبُـــــــنا في كلّ حَقلٍ

فزادَ الغــشُّ في عُمْقِ الجِراحِ

نُعلّمُ نسْلنا شَططاً وحـــــيْفاً

ونبدِعُ في العِراكِ وفي النّـــطاحِ

وأقبحُ ما ارْتكــــبنا في بلادي

تجسّدَ في التّلاعبِ بالنّـــجاحِ


 غداً سنرى إذا انْقشعَ الغُــــبارُ

بأنّ الشرّ أنبـــــــــــتَهُ الكــبارُ

وأضحى اللّيلُ في وطني عقاباً

كأنّ اللّيل ليـــــــــــسَ لهُ نهارُ

دعَوْتُكَ يا شبابُ فلمْ تُجِبْني

وكيف سَتهْـــتدي والجهلُ عارُ

أجِبْني يا شبابُ فأنت أهْلٌ

وأنت مُغامِرٌ ولك اقتدارُ

ولستُ بتاركٍ وطني أسيراً

إلى أنْ يَسْتَجيبَ لنا القَرارُ


سأصرخُ بالصّريحِ منَ المعاني

وأنتزعُ الشّـــهامةَ منْ لســاني

فَتحْملُــــــني إلى الإبداع أمٌّ

مَواهِبُها تُعَــــشّشُ في كِيــاني

يقولُ لنا الضّباعُ غداً سَنرْقى

وقد رحلَ الزّمانُ عَنِ المـــــكانِ

ولوْ علمََ الرّعاعُ متى سنَصْحوا

لَفَـــــــرّوا قبلَ زلْزَلــتٍ الأوانِ

ولكنّ الصّـــباحَ لنا قريبٌ

إذا ما الحَـــرفُ هاجَم بالبـيانِ


محمد الدبلي الفاطمي

٠٠٠ رهام ٠٠٠ بقلم غياث خليل

 ٠٠٠ رهام ٠٠٠


ما لي بدرّيّ المحيّا مُغَيَّبُ

أتراني من شرب الخمور مُتعَبُ!؟

لكنّني ما ذقتُ إلّا ثغرَها

أترى رضابُه بالتَّعقُّل يُذهِبُ!؟

قالَتْ ومبسمها يُكشِّف لؤلؤاً:

 "حذّرتكَ لكنّكَ آليتَ أنّكَ شاربُ

  و دنوتَ لم أمنعكَ وصلي تعطُّفا

  فغرقتَ في بحر الشفاه تَنهبُ

  قلتُ تمهّل فالطّريق طويلةٌ

  أخشى عليكَ من الجنون تَتعبُ"

فنظرتَ كالظّمآن ينظر واحةً

وتلوتَ من فرط الجنون تُعاتبُ:

 "قل للمليحة ويح حسنها فاتكٌ 

  أما تَراني بناره أتقلَّبُ!؟

  فلقد حباها الله أروع مُزْنَةٍ

  فَلتسكب الغيث يُريح و يُعشبُ

  يروي العطاش ففي الفؤاد حرائقٌ

  هلّا تُحسّ رجاءَ قلبٍ يُعذَّبُ"

فهطلتُ أُسقيكَ الغرام أنهراً

فإذا بناركَ تلتظي تتلهَّبُ

وتلوتَ من فرط الجنون مجدداً:

 "قفزَتْ هنا خلف القميص أرانبُ

  ما عجبي من لعب الأرانب إنّما

  عجبي بأنّ للأرانب مخلبُ !

  شقَّ القميصَ وجاء نحوي هاجماً

  فوقفتُ منبهراً لخدشه أرقبُ"

فرجوتكَ الصّمتَ كفاكَ تَقَحُّماً 

خذ ، لكَ ما شئتَ سوف أسكبُ


بقلمي

غياث خليل



رسائلُ عزاء بقلم الكاتبة روضة الدّخيل

 رسائلُ عزاء


كيف تُغلقُ سبعة ُالأبواب

يا واحة العذوبة

والياسمينة ُالبيضاء

كساها الذبولُ ثوباً للحداد

والفراشة ُالملوّنةُ.

حول اللّهب عمياء

والاحتفال ُقائمٌ

في فوّهة بركان

فكيف بأمان

تنسدل ُالأجفان

و أنت السّبيّةُ

يا شام


و أنت...

كيف غطّاك السّواد

و دجلة ُتعثّر

ثكلان

وعلى الضّفاف

ٌحمائمُ تنوح

فهل مازالت عشتار

تسأل ُعن تمّوز و الغياب

والعراق ُتُمورٌ

يلوكُها التّجار

في حفلة انتصار

أوّاهُ يا بغداد


يا ذي الفاتنة

يا طمع الحالم بالمستحيل

مزّقوا أوصالك

بتروا ساقك

و ارتضوا أن تكوني 

يا بيروت الجميلة

عرجاء


كم كان صوتُك الهادي

وكوثرُك سلسبيلُ طهرٍ

فكيف ارتضيت أن يستباح نيلُك

في عهد الطّغاة 

دُعاة الجبن

بياعي العروبة بأبخس الأثمان

و حضارة ُالأهرام

تزيّن ُمتاحف الغرباء

ياالقاهرة


وأنت...

مهد ُالأنبياء

والمسجدُ ذبيح ُغفلة الأعراب

أضحية على مذبح الأغراب

والثّكلى أمّتي

على اللّطم و النّحيب و البكاء

مدمنة

فمنك ألتمس ُالسّماح

يا قدسُ


لو كان لي على القدر اختيار

لزلزلتُ الوديان و القفار

لينهض النّيام

و تمّحي مواكب ُالطّغيان

ولن يبقى لأيّ سؤال

علامة استفهام ..


روضة الدّخيل



تدعي البراءة... بقلم الكاتب عزت شعراوي

 تدعي البراءة...

تدعي البراءة .....

وعيونها سهام

تقتلك النظرة ....

فما بالك بالكلام !!!

تستدعي من أجلها ..

جيش معاني

وفي حضرة عينيها

 الصمت هيام

يحبها قلبي ...

ويشتاقها بلا أمل

ويكفيني منها 

الوصل والاحلام

أنا  في هواها ....

لا  أريد أن تكافئني ...

 أعرف أن الجنة .....

علي العاصي حرام !!

ولكن لا املك في حبها.....

 غير حلمي

و كلمات أكتبها .....

ليست كباقي الكلام

تارة هي حلم ....

وتارة هي وجع ....

وبكل الحالات...

 اجدها الإلهام !!

عزت شعراوي



قزم وأجندات بقلم الأديب والشاعر:أحمد الكندودي

 قزم وأجندات***

مُخْلصٌ أنت كالإعصار في هدم القمم

مخلص أنت وفي تطبيق الأجندات...

مخلوق مدجًنٌ مبرمج أبكم

لكنك ، ظللت الطريقَ...

تهت في السرمدية والعدم

مخلص أنت لهدم النور...

تدنيس طهر التراب والجذور

صبيانية وكبث...

وعقلية حبيسة الظلام والمستفهم

رذيلة وفجور...

اتخذها تمدنا عميلٌ ذليلٌ مقهور..

مَنْ بين الفهود والصقور صغير قزم

مخلص أنت للأجندات

نقش الأرض بالخزعبلات

وبالمفاهيم الفضفاضة والقاذورات...

وما خشيت زئير توبقال  غريق السقم

خلْتَها مقبرةَ أموات...

لا بقاء ولا حياة

حظيرة تعُج بالأكباش والغنم

فهل اشبعت  النقص بالنزوات

ام بلا عزة قضيت وتقضي صغيرا...

يقَبل الجزم

فأنت الطاعون...

أنت القبح المحموم

من شاء أرضي قينة ومجون

مقايضة الحرة بسواك ومرهم

يزداد الطيش ...

تتناسل بهيمية الخفافيش

يتطاول الفقد والعدم

يختلط الحق بالباطل...

والنذالة بالعزة والهمم

مخلص أنت كالإعصار في دك الفضيلة

قد بدلوا زرعك قبحا ورذيلة...

وبقطع فَلْس دُسْتَ العهد والقسم

فارحل، قد فقدت الصواب

بهلوان إمتاع وجراب

نزال للأجندات...

وبضغطة زر يتكلم

فارحل عن درب ريحاني

سحابات الوداد وخرير ودياني

سماوات الطهر والعفة والنغم

فلا تلوًثْ بطاح قمحي بالجذام ...

وإن شئت اغرق خشا  في الصمم

اِرحل ...ففي أرضي ألف دردار

يحميها من الغفلة والعار

وأنت للأجندات لست إلا  صرصار

ضريرا ملًتُه نزوة ودرهم

***المغرب ****الأديب والشاعر:أحمد الكندودي***



لا شيء في غمرات البنفسج..يثبت أنّي حزين..! بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 لا شيء في غمرات البنفسج..يثبت أنّي حزين..!


سِمِعت صوته..

                 مِن داخِلِ القبرِ

قد رفع صوتَهُ زهرةً..

          تتعطّر في هدأة الليل 

"السلامُ عليكَ يا أبتي.."

                كم كان صوتُه دافِئاً

ما تغيَّر قَط

                 ولاعثرة في البَوح

ولا رعشة..

في السؤال

رَغمَ صمتِ السنينِ الطويل

                    يصعد حزني

    بين السماواتِ والأرض

           ومضاتُ عينيكَ..يا مهجة الرّوح

كانت تنير..الدروب

وكل الهضاب التي أنهكتني..

صوتك..

كرِياحِ المساءات..اختَفي

وحلّ الصقيع..

يصعد نشيجي..

          في ارتفاع إلى الجوّ

أبكي..

ولا شيء في عتمات الدجى..

يضيء دربي..

يمسح شرفة الدهر

وينير نجما على عاتق الليل

فلم "يبقَ شيءٌ لم يطبق على مضغةِ قلبي"

غير طيف..

يضيء

          وبخبو

ويرنو..

                      إلى جهة في المحال..

  ها أنا..أسري إليكَ.. 

   كأن النرجس..

ينبت الآن

لكأنّي في غمرات البنفسج..

أتحسس جرحي..

ولا شيء في نشوة الشوق..

              يثبت أنّي حزين..

غير كتابي..

يا ابنَ أربع وعشرينَ؟

السلامُ عليكَ..

وُلِدتَ..في الزمن المستحيل

           تلتَمِسُ الله مرضاتَه

مفعما بالأماني

إلى آخر زرقة في البحر

ألا تراني..؟!

فإنكَ..في الزمن الضجري

بوصلتي..

ودليلي

وفي هدأة الليل..

      وبين المدى..

والدجى

أصغي إليك :

"سلام الله عليك..يا أبتي

يوم وُلِدتَ

                    ويومَ تموتُ

وتُبعَثُ حياً.."


محمد المحسن



حلو و مر (729) بقلم . الكاتب. صبري رسلان

 حلو و مر  (729) 

............

أحلام بترسم ودها عكس اللي كان

أصحى أحاول أفتكر

فين ده الزمان

حاسه إني طايره فى السما 

طفله فى أمان 

ورده في ضحكه حسنها رقه وحنان 

طايرة لبعيد أبعد كثير 

عمر ومكان

شوفت اللي عمري ما شوفتهوش 

والليل بيسدل ثوب رموش 

بأوتار كمان

فجأه لقيت صورتي في بيت 

ونسيت نسيت من فين  بديت 

وتوهت جوا الليل بكيت 

على جرح بان

كان أملي أهرب من اللي كان 

وأعيش في حلم وغير مكان 

ولا دمعه تاني

أتاريه محال تلقى الكمال

ومين يعاني 

دنيا تقل بختها

بتدي مش محتاج لها

نواياها بانت 

وغيرها بيحكي غدرها

قد أيه دي خانت 

هتهرب لفين راجع لها 

وهتيجي تطلب ودها 

شمسك ما غابت 

عيشها بحلو ومرها 

وأرضى بنصيبك منها 

وأصبر دي هانت 

بقلم .. صبري رسلان



دور المؤسسات الأدبية في تفعيل المشهد الثقافي ( مؤسسة الوجدان الثقافية-نموذجا ) بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 دور المؤسسات الأدبية في تفعيل المشهد الثقافي ( مؤسسة الوجدان الثقافية-نموذجا )


 قد لا أستصغر من شأن  المؤسسة الأدبية في دعم وتبني الأديب وتقديمه للمتلقي منذ بداية موهبته حتى اكتمال ونضج مسيرته،لأن العملية الثقافية ذات الطابع الأدبي تكاملية،لكن دور الأديب هو المبتدأ وإليه المنتهى،إذ لا تستطيع أي مؤسسة صناعة أديب !

وهنا أقر بأنه لا يمكن تخيل قدرة أي مؤسسة ثقافية  مهما كان حجمها على تقديم نتاج أدبي ضعيف بشكل ناجح مهما بذلت من جهود الدعاية..فالأدب الواعد يلج وجدان المتلقي،ويلامس ذائقته الفنية.دون الحاجة إلى-وسيط-كمؤسسة ثقافية على سبيل الذكر،لا الحصر..

لكن ما لا يختلف فيه إثنان،هو رحابة الفضاء الذي أتاحته المواقع الثقافية الالكترونية أمام الكتّاب ( مؤسسة الوجدان الثقافية- نموذجا) لإيصال إنتاجهم الأدبي إلى أوسع قطاع ممكن من القرّاء، بعيدا من إشكالات النشر في الصحافة الورقية-سابقا- للذين لا يمتلكون أسماء معروفة. 

هذه المساحة الهائلة خلقت بدورها علاقة جديدة،أساسها حرية الاختيار التي فتحت الأبواب للتعبير عن الآراء ووجهات النظر، وأيضا لإنشاء مواقع خاصة بحسب هذه الآراء والاتجاهات.لكن ذلك تحقق بمرونة أكثر من تلك التي عرفناها في الصحافة الورقية المحكومة أساسا بقيود الحركة وما يثقلها من قوانين رقابية عربية ومن رأس مال كبير تحتاجه الصحيفة الورقية المرشحة دوما إلى الوقوع الحتمي في الخسارة..!

حال كهذه جعلت بروز صحافة الكترونية أشبه باكتشاف يمدّ يد العون إلى الأقلام الشابة،مثلما يكسر أمام المثقفين والقوى السياسية حواجز المنع ويمنحهم القدرة على توصيل ما يشاؤون من آراء ووجهات نظر،سيما ذات الطابع الإبداعي.

كثيرة في شروط سهلة،هي المواقع الالكترونية التونسية والعربية.على أن هذه الكثرة تحمل بدورها ملامح ضعف تعتور النسبة الغالبة من هذه المواقع التي تأسست خارج شروط المستويات الفنية ومواصفات الجدية والرصانة.فالنظرة الموضوعية الى هذه المواقع تهمل الكثير منها،رغم انها تنتشر اليوم كالفطر،لتلتفت الى مواقع أخرى نجح مؤسسوها في جعلها صحافة حقيقية تقدم الجاد والرصين وتلاحق تطورات الحياة الأدبية والثقافية بكفاءة عالية،وتتمكن في الوقت ذاته من تحقيق فكرة الثقافة الحرة والحداثية،والتي تحمل روح التسامح والديموقراطية وحقوق الإنسان وتواكب الآداب والثقافات العالمية،على غرار كما أسلفنا مؤسسة الوجدان الثقافية التونسية.

-الوجدان الثقافية-دون مجاملة ولا محاباة،تمكنت ببراعة واقتدار من بلورة اتجاهات حقيقية ونجحت في استقطاب قراء ومتابعين في مختلف الجهات التونسية وكذا البلدان العربية،بل نجحت في "استدراج" مساهمات الكتاب المعروفين من المشاهير والذين تعوّد القارىء متابعتهم في الصحافة الورقية.جمعت هذه المؤسسة الرائدة ( الوجدان الثقافية)بين أسلوبين،الأول نشر المواد الأدبية والمقالات النقدية المكتوبة خصيصا لها،والثاني أنها ثابرت على نشر أبرز ما تشهده الساحات الثقافية تونسيا وعربيا من نشاطات   إدراكا من القائمين عليها وعلى رأسهم الكاتب والشاعر التونسي الكبير د-طاهر مشي أن  الثقافة لا ترتهن للجغرافيا بل تتجاوزها إلى آفاق أرحب..يتسع لها الوطن العربي من المحيط إلى الخليج..

وهنا،أدعو الكتاب والقراء-على مسؤوليتي الضميرية-،إلى متابعة هذا الموقع ( الوجدان الثقافية) الذي احتل مكانة مهمة في الحياة الثقافية على المستوى الوطني،الإقليمي والعربي.فقد واظب على الاهتمام بنشر النصوص الخلاّقة والمقالات النقدية المتقدمة ذات المستوى المتميز،فاحتفظ لنفسه بمكانة مرموقة حظي من خلالها باحترام وتقدير الكتّاب التونسيين والعرب على اختلاف أقطارهم وأمزجتهم. 

في الأحوال كلها،يمكن القول إن حضور المواقع الالكترونية في حياتنا الثقافية يفتح عصرا جديدا.فقد انكسرت قيود وتحطمت حواجز وانفتح الطريق الحر للنشر في فضاء شاسع،بل لعله فضاء بلا ضفاف.

والسؤال الذي نختم به : أليس العالم..قرية صغيرة ؟!

والسؤال..في حد ذاته جواب..


محمد المحسن


*تتويه : ثمة مواقع الكترونية أخرى تقدم جهدا جميلا وتحاول المساهمة في تنشيط الحياة الثقافية،لا نقلل من شأنها ولا ننكر دورها في تفعيل المشهد الثقافي التونسي والعربي.وسنتطرق إليها في قادم القراءات.

**ملحوظة : فضاء الانترنت مفتوح،بما يعني أن الإشارة إلى المواقع الالكترونية الواعدة،في مقالاتنا القادمة لا يلغي توافر مواقع أخرى صارت تُعدّ بعشرات الآلاف وربما أكثر،لكنها في الغالب إما من النوع البسيط الذي لا يتجاوز مستواه عمل الهواة والمبتدئين وإما من تلك "الديوانيات" التي يقبل عليها الشباب لتبادل الآراء العابرة والتعارف.جانب آخر من عالم النشر الالكتروني لعله الأهم والأكثر غزارة اليوم، يتمثل في المواقع الالكترونية الشخصية التي انتشرت في السنوات القليلة الفائتة.أصبح من المألوف وشبه الطبيعي أن يؤسس الكتاب والشعراء مواقع خاصة بهم ينشرون فيها إنتاجاتهم الأدبية ويتلقّون في زاوية خاصة فيها آراء الآخرين من النقاد والقراء على حد سواء.ذلك كله لا يلغي الفوضى الكبرى الناجمة عن ظهور أعداد لا تحصى من مواقع الكترونية شخصية لا تمتلك من المبرّرات سوى رغبة مؤسسيها في إرضاء نزواتهم.وهذا موضوع آخر سيستدعي منا الحبر الغزير.



طيف الحاقدين بقلم : عماد فاضل(س . ح)

 طيف الحاقدين


ليْلٌ بطيْفِ الحاقدين تمرّدَ

واسْتوقف الدّنْيا عليَّ وأقْعدَ

أرْخى على جسدي المحطّم وعكةً 

وأذاقني مرّ الكؤوس منَ الرّدى

بيْن الأنين ولوْعتي أنْعى الهوى

وأسامر اللّيْل الطّويل مُمددّا

تحْت المتاعب تسْثغيت مفاصلي

والدّمْعُ  في رمْش العيون تجمّدَ

حتّى المنام  رمى الغطاء وخانني

وعلى الوسادة في الظّلامِ تبدّد

في خلْوةٍ بيْن الصُّداع وحيرتي

يقْتادني الموْت البطيءْ  إلى المدى

كلُّ الأماني هدّها حرُّ الجوى

وأبى الرّحيل وبالعنادِ تقيّدَ 

أهٍ منَ العُسْرى ومنْ أهْل الهوى

وقساوة الدّنْيا ومنْ كيْدِ العدى

ربّاهُ قدْ ضاق المكان باهْلهِ

فاضْرب لأسْباب السّعادةِ موْعدا

وارْحمْ قلوبا قدْ براها جائرٌ

وافْتحْ لنا باب السّلامةِ والهُدى


بقلمي  : عماد فاضل(س . ح)

البلد : الجزائر



تداعيات من الزمن المنكسر قصة قصيرة .... بقلم الكاتب على السيد محمد حزين

 تداعيات من الزمن المنكسر   

قصة قصيرة ....                      بقلم / على  حزين                       

الثكنات الهندسية الشكل تبدو رائعة والسيارة تسبح في بحر الشارع الطويل تطوي الحقول الخضراء على جانبيها والبحر أمامها يقترب والشمس العذراء تتستر خلف الغُلل البيضاء وتطل من بين الأغصان,...... 

وكان الهواء النقي يضرب وجهي بعنف, يعبث بمعطفي الرمادي, ويخبط شعري, والشوارع المتسعة هادئة جداً تلهو فيها الشمس الباردة, والفساتين الملونة ترقص علي مناشير الغسيل, وستائر الشرفات تعلو وتهبط فتصفق في الهواء الطلق, وأغصان الأشجار الوارفة الظلال يوشوش بعضها بعضاً, وصبية صغار يلعبون  بالكرة, وأخرون يتحاورون بالدراجات ......

وكنت أتخيلها وهي تجلس بجواري تشاركني المقعد الوثير, والطريق الطويل فجاء صوتها يتهادى ينبعث من أعماق الذات, ليكسر صلَف الصمت القاتل.. ورنين ضحكتها الحلوة يدغدغ مشاعري المرهفة , وتعليقاتها الساخرة من كل شيء, حتى من نفسها, حين كانت تريح يدها البيضاء في يدي, وهي تشبك الأصابع المرتجفة في أصابعي , وتضغط , فيقشعر جسدي وأنتشي, ويهرب الدم من عروقي,...............

" كانت زهرة برية جميلة, وكان في عينيها العسليتين رعد ٌ, وبرقٌ وصواعق تدمر كل قلاعي, وحصوني المنيعة, وتحطم جدران الذاكرة وتذيب كل الفواصل التي بيننا والحدود المحصنة , فأصيرُ طفلاً بين يديها لا يعجبها تصرفاته الصبيانية.. آآهِ ... لَكَم أنا مشتاق إليك يا" حنان " وأكثر مما مضى أحتاجك .. تلفينني بين ذراعيكِ الجميلة , وتمسحي بيدكِ النحيلة رأسي, لتنفضينَ من فوقها كل سنين الاغتراب, محتاج إلى دفء صوتكِ لكي يغسلني حتى النخاع .. محتاج لضحكتكِ الحلوة تزلزلني, وشعركِ الغجري المتمرد وهو ينام فوق طرقات وجهي الشاحب, هذه يدي خاوية فمدي يدكِ, شبكِ الأصابع المرتجفة, واضغطي , فأنا الآن مشُتاق وبي لوعة البائس التعيس, فبرغم الجو الماطر, الساحر, إلا أني أفتقدكِ , وأحن إليكِ بطول المسافات التي تفصل بيننا, أناديكِ, وأشتهيك ..".........

تنحنحت التي بجواري, نظرتُ إليها فابتسمتْ, وكأنها تريد أن تأخذني منكِ تسألني عن الزمن المتوقف في يدي, فمنذُ فارقتكِ كل شيء قد توقف عندي..!!

(( لا تخافي, صغيرتي , واهدئي, فالنهد المترجرج , الصابئ, المتمرد .. والفتنة النائمة في عينيها السوداويين, والجسد الأبيض اللدن الطري, وعطرها الأنثوي الفواح , وبسمتها الخبيثة كل ذلك مجرد تأثير وقتي وعابر سرعان ما يتبخر عندما نفترق, وأمور عفوية, عارضة, فلتهدأ روحكِ الثائرة بداخلي..)) ................

تحسستُ حقيبتي حتى أتأكد أنى لم أنسى شيئاً, ارتخيتُ على المقعد, أتابع صوت المغنى المنبعث من المذياع الشاكي لكل الناس أوجاعه وعيناي كانت تلتهم اللافتات العريضة التي سُمرت على جانبي الطريق, وبعض المباني المتناثرة هنا وهناك في عشوائية رائعة, وسطر الأشجار الذي لا ينتهي, ورائحة البحر التي لا تقاوم, كل ذلك ذكرني, بتلك الليلة, البعيدة, الكئيبة .. المحفورة في الذاكرة .. حين اقترضت عشرون جنيهاً.. من جارتي العجوز .. وتركت لها البلد وهربت, نعم هربت, رميتُ نفسي في آخر قطار متجهاً إلى القاهرة  ... وكان الرحيل , والاغتراب, حين رفضتْ أن أكون فارس أحلامها المنتظر .... لن أنساها أبداً تلك الليلة الحزينة من ليالي الشتاء القارص, كم جاهدت معها, وحاولتُ كثيراً أن أكسر صخرة عنادها, أن أثنيها عن قرارها , أحميها من نفسها, وبرغم أني أَثبتُّ لها, أن فلسفتها للحياة خاطئة, وخبرتها ما زالت قاصرة, إلا إنها فضلت الانتحار في أحضان غريبة, كلها حفنة أيام, وستصبح مدام فلان .." هه .. هه " طظ " ...... 

(( صوتها في تلك الليلة, كانت كرابيج من نار, ما انفكت تنهش لحمي, وتطاردني في كل مكان, تصفع مشاعري المرهفة, بلا رحمة, حتى ضحكتها صارت ككلاب تنهش عقلي, وكلاليب تمزق قلبي أشلاءً من بين ضلوعي, انهرتُ ساعتها, وكدت أسقط أمامها, لولا أني تماسكت, ووددت أن أبصق عليها, أن أصفعها بكل قوة, أدهسها تحت حذائي الرخيص حتى أُسويها بالأرض, ولكني تحاملتْ, وتحملتُ للنهاية, ولعنت ضعفي وذلي أمامها, وفضَّلتُ الهروب منها, ومن الشوارع التي كانت تضمنا عند المساء, ورحلتُ بعيداً عنها, بعدما حرقتُ كل رسائلها, والصور, وارتديتُ آخر عربة بالقطار, تكورت فوق حقيبتي, أتلمس ضوء المصابيح الخافتة, المصطفة, وهي تحارب أشباح الليل وتهتك أجساد المدن الناعسة, تحت عباءة الليل البهيم, وظَلَ القطار يخبط, ويخبط, يوقظ صوته الليل والمدى البعيد, يُعلن عن نفسه يناوش القرى وينادي المدن البعيدة, والباعة الجائلون يلجون من بين الكتل البشرية المصفوفة في ردهة القطار بأصوات مرتفعة , كل منهم ينادي سلعته بطريقته الخاصة, ثم يسب ويلعن الدنيا, والعيشة, والحياة المرة, والناس ينظرون إليهم ولا يتكلمون ولا يشترون , وأصوات الركاب تداخلت كدوى النحل, وكنتُ وحيداً , شريداً, محطماً, مهزوماً , مهتماً بما للغد الآتي, لا أعبأ بالعيون التي كانت تناوشني, وتتحسسني من حين لآخر خلسة, حتى هدأ الليل , ونامت العيون, ومُلأت الجفون عن شواردها, وذهبت النجوم, وسكن الليل, وانقطع بكاء الطفل الذي كان يلقم صدر أمه )) .......

تنبهت لصوت التي بجواري, وهي تطلب من سائق التاكسي تهدئة السرعة ..  في تلك اللحظة تفرستها جيداً, تحققت من ملامحها كاملة .. كانت تشبهك يا " حنان " إلى حدٍ كبير نفس النظرة, نفس الابتسامة الساحرة, التسريحة, الفستان, الشفاه المستديرة المحددة, المقددة, حتى العطر الذي تفضلينه يفوح من كل الجسد الأبيض.. مصادفة عجيبة أدهشتني وأعجبت لها كثيراً .. أدارت وجهها صوب البحر, ووضعت ساقاً علي ساقٍ, فضاق عليَّ المقعد, قاومت, ارتبكت خفت, فتركت لها المقعد, وقمت من جنبها, فاستدارت نحوي ترنو إليّ وهي تخرج من عينيها جيوشاً من علامات التعجب, والاستفسار, والاندهاش, ثم وضعت يدها على فمها في دهشةٍ, وأخذت نفساً عميقاً, وفضلت الصمت, والنظر إلى موج البحر الهادر, والحقول الخضراء الجميلة, والشمس وهي تبتسم في كبد السماء ......

(( في أول مرة هبطتْ قدمي سلم القطار, لأجد نفسي في بلد غريبة , بعيدة, خفت, وحدثتني نفسي بالرجوع إليك يا" حنان " لكن أمواج البشر المتلاطم ألقي بي في قلب المدينة الخرسانية, لأجد نفسي أسير تحت الشمس المحرقة, وبين العربات الفارهة, أقفز, وأجري, كي أتفاداها  كالبهلوان, ورصيف يُسلمني لرصيف حتى ناوشني التعب, فارتميت فوق قطعة خضراء, في الأرض  اليابسة, توسدتُ حقيبتي, أغمضتُ عيناً واحدة, والأخرى أبقيتها مفتوحة للصوص المدينة حتى لا تُقلِّبني أيديهم التي لا ترحم غربتي, أتحسس جيبي لأتأكد من هويتي, وأوراقي المهمة, التي تثبت أني غريب عن هذه المدينة ورحت أقلب في" المتواليات " أقرأها " أتعلم كيف يصاغ الحرف, ليغير وجه المدن البعيدة  ليعطينا وجهاً  نألفه, ويغير فينا وجه الرحلة, لون الأيام, يعطينا لوناً آخر للأحلام" ويجئ المساء غريباً, يشبه وجه المدينة فطوبى للغرباء أمثالي, طوبى للحزانى , والبؤساء لأن الجوع ينهش أحشاءهم,  طوبى للذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.. وتصرخ الكلمات بداخلي (( للثعالب أوجرةٌ , وللطيور أوكار )) حتى كلاب الأرض الضالة لها زوايا من الأرض تعرفها جيداً, وتأوي إليها حين تشتهي الموت, أما أنا فليس لي هاهنا مكان آوي إليه, لأضع رأسي المتخمة بالجراح, وآلاف الكتب الصفراء, والأسماء , والعناوين , وأحلامي الكبيرة الملقاة  في الشارع عارية في الطل, غير مأسوف عليها, يدهسها أزيز المحركات, وهي تنهب الطريق, وتلعقها عيون المارة, وتلوكها الأفواه  الفاغرة ..........

وكنتُ أشعر أن كل ما برأسي باطل, وقبضُ الريح, ومزيف, كوجوه نساء المدينة .. 

فجأة اقتربت مني سيارة شرطة حينها أسلمتُ قدماي للريح, حتى لا توضع يداي في أساور من حديد .. حدث ذلك معي ـ  في يوم ما, ..... 

{{ حين كنت عائداً من محاضراتي, وبينما كنت ألهث خلف القطار, أوقفتني سيارة زرقاء كهذه, ابتلعتني من قبل أن أنطق ببنت شفة, كلمة واحدة لم أقلها , ورضيت الاستكانة .. استسلمت, وجبنت فيّ الكلمات, ورضخت للأمر الواقع, شهراً كاملاً, ثلاثون ليلة متواصلة يفترسني الجوع, وبرد الشتاء, وثلاثون ليلة أُخَر, كل صباح, تشدني خيوط الشمس فوق نافذة صغيرة حتى أصبحتُ كعنكبوت يجري فوق الحائط ,أرمي عيناي في كل اتجاه, أنتظر قطارات الجنوب وهي عائدة, وأنا يعاودني حنين الخيل للصهيل, والطير للرحيل, والسفر, ويرحل فيّ الحنين , مهزوماً,  مكسور الوجدان, يجفف دموع انكساراتي .. }}

فررت منهم لما خفتهم, لأني لست مثلهم, هم معهم إقامة, وأنا بلا إقامة, هم يملكون بيوتاً خراسانية في المدينة, وأنا بلا بيت, أو وطن, أو عنوان .. هم يتربصون بي , وأنا لا أملك من أمري شيئاً .. فاخترت الفرار, وفررت, كحمار وحشي, ارتديت المنعطفات, والأزقة , والحواري الضيقة حتى اختفيت ــ كفص الملح ــ  في الظلام .. ومشيت مهرولاً .. اقتربت من مشارف المدينة التي فتحت لي جناحيها عند الدخول واستقبلتني كمخلص .. هكذا سولت لي نفسي .. وتهيأت .. وتوهمت , ولما احتواني ظلام المكان , ذهب الخوف عني , وتوقفت عن السير كي ألقف أنفاسي المتقطعة, وأجفف نزيف العرق, ويهدأ القلب المرتجف, الذي كاد يتوقف من الفزع, هدئت استرحت .. لترجع إليّ نفسي .. برهة قصيرة غفوت فيها, فحلمت, بامرأة بيضاء, فارعة القوام, بارعة الجمال, وساقطة في الثلاثين من عمرها تدنو مني , وهي تتكسر في مشيتها بخطوات كلها دلع , ودلال .. وبحركة لولبية .. ترمي بنفسها عليّ .. تمسح علي رأسي .. وهي تهمس في أذني .. تساومني بصوت كله نعومة , ورقة , وغنج , وعطرها الأنثوي .. يطغى على المكان .. وأنا لا أستطيع المقاومة...............

ــ   بكم تبيع هذا الجسد, المتعب اللزج, المليء بالأتربة ..؟ 

ــ  بالطعام والمبيت علي سرير وثير, وحفنة نقود 

ـــ  هه .. هه .. هذا كثير جداً ... !

ــ  إذاً  فليكن  بالمبيت  والطعام ... !!!!

ـــ وهذا أيضاً صعب ..!

ـــ  إذاً فاختاري أيهما شئتِ سيدتي ....؟!!

ـــ  وهذا أصعب ..! 

تنهض مسرعة .. وهي توسد الخد  قبلة ساخنة .. وتنصرف .. تركب عربتها الشبح .. وتنطلق بسرعة البرق .. أجري خلفها .. فتختفي فجأة في الظلام ... 

أستيقظ فجأة من نومي, لأجد نفسي ما زلتُ, في الظلامٍ الدامس ..على مشارف المدينة الخراسانية , البعيدة , الغريبة .. تسكعت , تصعلكت , ضحكت من نفسي .. وضربت كفاً بكف .. ثم رفعت رأسي إلى السماء, وبكيت ومشيت بخطىً ضعيفة موهنة, تحسست جيوبي الخاوية  إلا من قطعتين من النقود المخرومة أخرجتهما ولوحت بهما في الهواء, بحذر شديد وضعتهما ثانية في جيبي ..عصبت بطني بيدي من شدة الجوع .. وضربت الأرض بقدمي , فتطاير حجر صغير من أمامي, رأيت فتاة جميلة على الجانب الأخر من الطريق .. تشاركني الليل, والتسكع .. وربما الاغتراب.. اقتربتُ منها ............ 

ــ لو سمحتِ الساعة كم ...؟

استمرت في سيرها , وكأنها لا تسمعني , لكن شفتاها انفرجت عن ابتسامة تشجعتُ ثانية وواصلت حديثي معها ... 

ــ غريب في المدينة .. وطالب منك نزهة ....

وقفتْ ..غرستْ عيناها في وجهي .. فشعرتُ بقلبي يرفرف طرباً ... برهة .. استدارت وانصرفت .. دون أن تتكلم .. اعترضتُ طريقها .. وقفت في وجهها ... تشجعتُ أكثر, وأنا ابتسم في وجهها, قلت: ...  

ــ كنتُ عارف إن قلبك طيب ..... ؟!

قطعتْ سيرها ... توقفت ثانية ... التفت إلي باستغراب  ... حملقت باندهاش ... ابتسمت ... ثم  فاجأتني  بصفعة قوية على وجهي ... وبصقت على الأرض ... وانصرفت تستأنف سيرها ... بينما أنا كنت واقفاً في ذهولٍ ... ممسكاً موضع الألم .. وأنا أصرخ في ظهرها 

ــ " يا مفترية " ... 

أتنبه لصوت أجش ... يقطع تداعياتي ... وينتشلني من بئرها العميق ......

ــ نازل فين يا أستاذ ....؟

تنبهت ... التفت إليه .. والشمس كانت باردة .. تجنح للغروب .. والسيارة متجهة صوب البحر .. وما زال صوت المغني .. يشدو عبر المذياع .. بأخر أغنية شدى بها لحبيبته الغائبة ..... 

" ستفتش عنها يا ولدي في كل مكان .. وتسأل موج البحر وفيروز الشطآن .. وتغوص بحاراً وبحارا.. وتصير دموعك أنهارا.. وستعلم بعد رحيل العمر.. بأنكَ كنت تطارد خيط دخان  "..  

ــ شارع ( 25 ) ..... 

ــ ما فات يا أستاذ من بدري  ........؟ 

ــ يعني أرجع المسافة دي كلها تاني .......؟؟ 

ــ  أعمل لك إيه يا بيه .. ما أنت كنت نايم علي ودانك .....!!

ــ .............؟! 

وكانت السماء تكتسي عباءتها الرمادية .. وأسراب الطير تحلق في فضاء الكون المتسع .. ورائحة البحر التي لا تقاوم  تدغدغ  مشاعري .. وموجه الأزرق ينتظر, الجسد المُثْخَنٌ بالجراح , وانكسارات الهزائم , ليعبث به.. يغسله من وَعْثَاءه ... ويلهو معه..... و.....

******************** 

على السيد محمد حزين ــ طهطا  سوهاج ــ مصر

من مجموعتي الأولى " دخان الشتاء" ثلاثة طبعات



المطلفات. بقلم الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون -باحث إجتماعي مؤرخ -ستراسبورغ فرنسا

 المطلفات

كلمة مطلقة, مطلقات في مجتمعنا .

كلمة لم تستثني أية واحدة ولم تفرق لا بين التي طلقت قهرا وتعسفا و لا التي طلقت تطليقا بسبب الضرر ولا وديا ولا من خلعت نفسها.

كلمة مطلقة باتت السهم القاتل المخترع لقلب الملقبة به بدون إستئذان والرصاصة القاتلة, الكابوس المسلط عليها وحبل الإعدام الملتف حول عنقها . الذي لا يرحم بسبب النظرة الغير عادلة الموجه لهن من قبل المجتمع بمن فيه أقرب الناس إليهن.

كلمة مطلقة, صفة, إسم و نعت بعلامة مسجلة بتعريف دولي لا يختلف عليه إثنان ولا يتيه عنه أي أحد.مهما كان تعليمه ومعرفته و درياته.

كلمة مطلقة تعرف بها هاته الفئة المغلوبة على أمرها ولا ذنب لها إلا ما رحم ربي في زمن باتت تعرف وتوصف وتنعت به من كل الفئات, من قريب و من بعيد بدون إسثتناء.

مطلقة كلمة مدوية قاتلة خانقة, مفقدة للوعي ومتلفة لخلايا الدماع و مثيرة للأعصاب, أصبحت مدونة ببطاقة حياتها الشخصية اليومة وبأوراق حالتها المدنية بداية من العائلية ومحيطها الأسري إلى المهنية والإجتماعية والتي أصبحت هاجس يؤرق حياتها. وكابوس يلاحق الأف النساء بكل الأقطار العربية عامة والتي تتفاقم درجات خطورتها وكوارثها من بلد لأخر ومن مجتمع لأخر خاصة بالجزائر وبمنطقتنا المحافظة.

كلمة مطلقة أصبحت تعاني من جرائها العديد من الفئات النسوية بمختلف أعمارهن و مستوايتهن وحالتهن المادية والإجتماعية, من حالة نفسية هيسترية صعبة للغاية جراء المضايقات والإستفزازات والأوضاع المزرية. وجملة المشاكل التي تتفاقم وتزداد كل يوم. وباتت موضوع إهانة وتجريح ومساس بكرامتهن و شرفهن  ومادة لزجة لدى الجميع للتفوه بها.

أصبحت الكثيرات منهن منبوذات من المجتمع, مرفوضات مهمشات وممنوعات من الزواج بدون سبب يذكر و بدون مبرر لا لشيء إلا لأنها مطلقة, غير مرغوب فيهن و لا يلتفن إليهن محرم عليهن الحلال و والستر و التحصن والتعفف, لكن مرغوبات كخليلات مطلوبات عشيقات للمجون والليالي الحمراء و الدعوة لسلك طريق الحرام والتشجيع عليه.

مكروهات نهارا محبوبات مطلوبات ليلا بكل حرص .

كلمة وإسم مطلقة كرهته معظم المطلقات وتسعى للتخلص منه ونفيه جملة وتفصيلا بكل الطرق والوسائل و شتى الطرق , منهن من تسرع في إعادة الزواج خاصة الفئات هشة السن ذوات العشرينيات و الثلاثينات,في غالب الأحيان بأي عريس كان حسب وجهة نظر بعضهن و تصريحاتهن لا لشيء إلا لإجل محو هذا العار اللاصيق بها و بأهلها والمشوه لسمعتها وبمكانتها والمدمر لحياتها وحياة أطفالها و التأثير على نفسيتهن و إجبار الكثير منهن على التشرد و جر البعض للإنحراف لا سيما عنصر الإناث , ولأجل إثبات مكانتها بين أوساط المجتمع و أفراد أسرتها من جهة بأنها ليست سيئة وتم أهل لإعادة الزواج ولإقناع نفسها بأنوثتها ومكانتها من جهة ومن جهة لإغاضة مطلقها والإثبات له بأنها مطلوبة و مرغوب فيها و يمكنها إعادة الزواج و العيش في سعادة و ثبات دون حاجتها إليه ومن جهة اخرة وأهم إسكات الأفواه المتشدقة المشوهة لها.

والكثيرات من رفضت هذا الطرح والفكرة التي لا تجلب لهن سوى التعاسة والمشاكل، لا سيما المتاعب النفسية والفكرية مما ينجم عنه خاصة أنها تعتبر نفسها سلعة وعرض حقل تجارب للتذوق والإستمتاع بها و بجسدها.

وفئة أخرى أقسمت وجزمت وحسمت أمرها ونذرت نفسها لخدمة نفسها وأهلها ومجتمعها بعدما جربت حظها و رضيت بنصبيها و مكتوبها حسب تصورها لأنها فقدت الثقة الكاملة في صنف الرجال و باتت لا تأمن لهم مهما كانت العقود و المواثيق و الضمانات و الإغراءات ...

أما الفئة الناقمة القلة القليلة من رضيت بالزواج لتكميم الأفواه وخرس الألسن كما سبق وأن ذكرت ولحاجة في نفس يعقوب.

وفئة أخرى فضلت الإنتقام لنفسها ورد إعتبارها بطريقتها الخاصة وخوض بحر التجارب والمغامرات ولكل منهن وجهتها وتوجهها وتصورها والطريق الذي أختارته لنفسها دون إدراك ولا تميز. غير مبالية بالقيل والقال وغير مكتثرة وضاربة بكل الأعراف والتقاليد عرض الحائط.

وتبقى الفئة المحصورة بين إرضاء نفسها وأسرتها وإسكات مجتمعها بين المطرقة والسندان في حيرة من أمرها أتقبل بالتسمية والوصف أم ترفضه وتصمت للأبد أو تدافع بطريقتها التي تراها الأصلح والأنسب.

أما الفئة المثقفة حسب رأيهن المتدينات الراضيات بالقضاء والقدر ومكتوبهن مفوضات أمرهن للمولى عز وجل هو صاحب الأمر من قبل ومن بعد والواتي هن غير مباليات ولا مكثترات للأمر ولا تفكرن فيه أصلا ولم تتأثربه.

وفئة المحظوظات اللواتي لقين الدعم النفسي والأسري والإحاطة و التكفل من أهلهن و ذويهن و محيطيهن لا بتالي أصلا به.

موضوع شائك ويتطلب الكثير مما سببه وخلفه من تركة جد ثقيلة على مدار الأعوام في مجتمع لايرحم ولايقدر ولا يأبه بحالة هولاء المظلومات المهظومات المهدورات الحقوق المستغلات, المعرضات للعنف و التسلط و الإستغلال ناهيك عن المساومة والتحرش و ما شابه ذلك بسبب النظرة السائدة والمفهوم الخاطئ من أقرب المقربين الذي زاد للطين بلة, ناهيك عن باقي الأوساط المجتمعية التي ترى في المطلقة سهولة السيطرة وإغرائها للنيل منها وقت ما شاوؤا, خاصة ذوات الظروف المادية و المالية السيئة و حالة الفقر والعوز كما أثبته و بينته الإحصائيات والمعطيات بالأرقام من الدراسات والملفات المعروضة على أروقة المحاكم و مخافر الشرطة وباقي الجهات الإجتماعية, وما خفي كان أعظم وأثقل.

إن كلمة مطلقة ومطلقات أستفحلت ظاهرتها للعلن ولم تعود تلك الكلمة المحرمة من الطابوهات السابقة, بل أصبحت محل دراسات و ندوات و محاضرات و سلسلة دورات و تكوينات من طرف المختصين لاسيما علماء النفس والإجتماع عامة و مرشادات السلك الديني نتيجة عدد من العوامل المترابطة بها هاته الفئة خاصة بعد تجاوزهن مرحلة الانفصال و حل حبل الآرتباط الذي كان يشدها ويحميها ويقيها من كل هذا.

إكتفاء الساعة لفقرة الموضوع لا ختاما وعليه.

إن هذا الوضع التي تعيشه المطلقات من معاناة ومآس ومضايقات داخلية و خارجية و التي لا تعد ولا تحصى, أصبح لا يطاق ولا يحتمل ولابد من حل عاجل إن لم يكون جدري فسيكون جزئ بحول الله وإجتهادات أهل الإختصاص .

كانت هاته وجهة نظر دراسة حالات من أمهات القضايا المعروضة علينا والمعالجة من طرفنا ومن مناقشات صاحباتها ونظرتهن وإستشارتهن لحالتهن سواء النفسية أو الإجتماعية. يتبع.....

بقلم الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون -باحث إجتماعي مؤرخ -ستراسبورغ فرنسا



مِيعَادُ الزَّمَنِ بقلم الكاتب فتحي مديمغ

 مِيعَادُ الزَّمَنِ

ـــــــــــ

ذاتَ اليَوْمِ

التَقَينَا...

طَمَّنُونَا...

هَنّؤُونَا...

حَدّثُونَا

أخْبَرُونَا

عَن الحَاضِرِ

به للآتي

بنَوْا لَنَا

و ما بَنَيْنَا

أغْلقُوا بَابًا عَليْنا

سَطّرُوا و دَبّرُوا

و أحْكَمُوا تسْطِيرًا

لما بِه مَا نَوَيْنَا...

ـــــــــــ

ذاتَ اليَوْمِ

التَقَيْنا...

هَنّأْنَا بَعْضَنَا...

تَوَاعَدْنَا و وَاعَدْنَا

أنْفُسَنَا

و عَاهَدْنَا

المِطْرَقَةَ

رأَفَةً بِسِنْدَانِهَا

طَوَاعِيَّةً أو كَرْهًا

ـــــــــــ

أغْلقْنَا بَابًا عَلَيْنَا

تَحَدّثْنا و تَخَابَرْنَا

عن مَاضٍ

لمْ يُصَلِّ عَلَيْنَا

عَزَمْنا وَ عَلَيْه تَوكَّلنَا

اِنْبرَيْنَا

بَانَتِ الرُّؤى...

على غَيْر ما رَأينَا...

بانَت الرُّؤى...

على غَير عَادَتِها...

فمَا اسْتَويْنَا...

لا المِطرقَةُ رَأَفَتْ بسِنْدَانِهَا

و لا السِّنْدَانُ طَاعَ ضَربَاتٍ

غَدْرًا تَحْكُمُ قَضَاءَهَا...

ـــــــــــ

**فتحي مديمغ**

**صَمْتُ الكلامِ**

**صَمَتَ الكلامُ على باب الحبّ**




إلى الأمجادِ يا سنوار بقلم الشاعر يوسف الحمله

 إلى الأمجادِ يا سنوار(للشاعر يوسف الحمله) 

من مجزوء بحر الوافر

-----------------------------


إلى الأمــجـادِ يـا سنـوار

               فما قصّـرتَ في المشوار


وإن بــاعــــــوك أنـــذالٌ

              فـأنـت الـصـنـو للأحـــرار


رميـت الخوف كي ترقى

               جنان الـخـلـد خير قـرار


كَُلِـفْـتَ بـحـقِّ مسلـوبٍ

                ومـرهـونٍ لدى الـكُـفّـار


إذا استعصى على عُربٍ

              فلـن يـعصى على الـثـوار


فــلا تأسف لـمـن خـانـوا 

               ومن جـلـبـوا إلينا الـعـار


ولا تأسف لــمـن بــاعــوا

              وهـان عـلـيهـمُـو الأطهار 


فـمـنـا مـن بـكى حـزنـاً

               ومــنــا أشـعـل الأنـــوار


فحال الـعُـرْبِ شرذمـةٌ

               وصمتٌ قد أصاب الـدار


وخزيٌ قـد سرى فيهم 

               وخـوفٌ صـار كالأسوار


سيوف العرب من خشبٍ

               وقـد صارت غـذاء النار


بـلى والله قـد شاخـت

           خيول العرب في الأمصار


فكيف الـزود عـن بلدٍ

            وقــد عُــدنــا بــلا أقـمـار


-------------------------

إلى الأمجادِ يا سنوار

بقلم الشاعر يوسف الحمله

25/10/2024



هي ذي المقاومة الفلسطينية الباسلة..مجلّلة بالوجع ومطرّزة بالبهاء..والتحدي.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 هي ذي المقاومة الفلسطينية الباسلة..مجلّلة بالوجع ومطرّزة بالبهاء..والتحدي..


"أنا أتألمُ،بينما أنتم تَمدحونَ كتاباتي"..كافكا


"لست شاعرا ولا كاتب رواية ...فقط صحفي يكتب قصصا وينقل اخبارا ، غير أن متابعة القصص و الأخبار  تدفعك احيانا إلى أبعد منها ...إلى أبعد من القالب " ( أ-نوالدين المباركي)

--------


قراءة متأنية في-قصة قصيرة-جدا منبجسة من ثقوب الوَجَع..-للكاتب والصحفي التونسي القدير أ-نوراالدين المباركي


(تقديم محمد المحسن)


هذا النص الإبداعي المقتضب للصحفي القدير أ-نورالدين المباركبي-التقفناه من صفحته الخاصة دون إذن منه نظرا لخصوصيته المتميزة مبنى ومعنى-إذ يعتبر-في تقديري-قصة قصيرة جدا ناجحة من حيث الفكرة والمتن الموحي،وأيضا من حيث التكثيف وبساطة السرد والايحاء والمفارقة القوية  والمدهشة.علما أن اللغة الابداعية لجنس القصة القصيرة جداً،كما اتفق عليه كل نقاد المعمورة،لا يحتمل التفصيلات والشروح والحوارات كما هو الحال في الرواية أو القصة القصيرة أو المقالة أو ما إلى ذلك من الأجناس الأدبية الأخرى..

فالقصة القصيرة جداً لغة إيجاز،وترميز،وإيحاء،تكثيف حاد،وحذف إبداعي،وإيقاعات متعددة في عبارات محددة..

وهنا أضيف : تتجلّى أركان القصة القصيرة جداً في القصصيّة والتّكثيف،فهذا النّوع يتميّز بقصر الحجم والاعتماد على الإيحاء المكثف،بالإضافة إلى سمة التّلميح والاقتضاب،واعتماد النّفس الجملي القصصي المرتبط بالحركة والتّوتر مع الميل إلى الحذف والإضمار،أمّا التّقنيات فتتمثل في خصوصية اللغة والانزياح والمفارقة والتّناص والتّرميز والأنسنة والمفارقة والتّنويع في الاستهلال والإختتام.

بخصوص هذه اللوحة الإبداعية للصحفي الألمعي أ-نورالدين المباركي ،تبدو لي من ناحية المبنى موفقة جدا خاصة في-السرد القصصي-المكثف بطريقة عجيبة ملفتة للنظر،مع حسن اختيار الكلمات بعناية و دقة..( "الأرض لم تعد  ثابتة تحت اقدامهم

تهتز عند كل تسلل بين الأحراش...عند همسة لا تحملها الريح 

 تفقد توازانها..)،وجعلها في مكانها المناسب،بحيث تشكل لنا عقد القصة أو مفارقتها التي وصلت إليها برمزية في منتهى الرقي  والجمال اللفظي دون أن ينفلت منها عمق المعنى الذي أراد أن يصل إليه الكاتب،كما نلمس جيدا تلاحم وتماسك المعنى بالمبنى دون أن يطغى أحدهما على الأخر ( "تهتز الأرض ،ترقص على صدى لحن واحد.لحن الرصاص وازيز الصواريخ يعزفه فتية لا تراهم..") و هذا راجع إلى حنكة في السرد و حسن استعمال الأدوات الإبداعية عند صاحب النص.

كما احتوى النص على صياغات أدبية غاية في الجمال،جعلته يرتقي بسرعة في سُلم الأدبية،وذلك بتوظيف تراكيب لغوية متماسكة،دون ترك فراغات سردية تجعل القارئ ينفر من القصة، وقد ساهم هذا في جذب انتباه القارئ و تحريك احساسه  والتفاعل وجدانيا مع أحداث "القصة" التي اشتملت على صور بيانية موحية،تحمل ايحاءات رقيقة تارة ("..قد تلقى صورهم تملأ  الجدران وترفع على الرايات..") و تارة أخرى قوية في وقعها على نفسية القارئ،سيما وهو يرى رجال المقاومة الفلسطينية البواسل يتسابقون إلى الموت لأنهم مؤتمنون على استمرارية الحياة.ومن غزة تستمدّ المواجهة لديهم عنفها المدوّخ الضاري.كأن الكاتب يمسك شعوره و يدير دفته حيث يشاء وكما يريد.

هوذا،الإبداع الجميل كلما تعددت تفسيراته يزداد عمقا و ثراءً،بل أُحادية النظرة هي التي تحشره في دائرة ضيقة و محاصر جدا.

وعند محاولتك سبر أغوار هذا النص المربك،تكتشف أنك تدخل في مشهد متكامل و مستقل،فيه من السيمياء والطرح العميق ما يكشف عن مخيال خصب،وهذه الحكاية التي يكتبها الكاتب أ-نورالدين المباركي،من نسيجه الخاص،حتى يخلق شخصيات مرتبطة بطين الأرض-الوطن،أكثر من ارتباطها بُمثلٍ أو بعاطفة من عند الكاتب الذي يمتلك خصائصها الواقعية من جهة والدلالية من جهة أخرى،وهذه اللوحة الإبداعية القصيرة جداً  تحرك فيك الكثير من الهواجس والأسئلة بين الذات،والأرض والوطن،والإنسان.

والكاتب هنا”كمن يحمل كامرته على ظهره لينقل لنا الثيمات التي فيها من الموضوعية الكثير،وكأنه يقوم بتسجيل الأحداث وتوثيقها عبر لغة بلاغية مكثفة فيها الكثير من الاختزال في المعاني."

ختاما أقول : إنّ تحليل النص الوارد،يدفعنا إلى الإسترسال والإستفاضة والبحث في تقنيات القصة القصيرة جداً. 

والمقام هنا لا يسمح بذلك،وهو ما يمكن أن يكون في دراسات لاحقة..

لنقرأ هذه اللوحة الإبداعية المتميزة مبنى ومعنى-كما أسلفت-  والتي خطتها أنامل الصحفي التونسي القدير أ-نورالدين المباركي،ولكم حرية التفاعل والتعليق:


هناك.. بعيدا 

.. الأرض لم تعد  ثابتة تحت اقدامهم

تهتز عند كل تسلل بين الأحراش...

عند همسة لا تحملها الريح 

 تفقد توازنها ، عند هرولتهم  في صفوف لا يفهم ترتيبها سواهم 

تنتفض عند صراخهم.. تقدم.. اضرب..

تنمو فوقها شجرة سقاها دم أحمر قان ..

***


هناك بعيدا  بعيدا

حيث السماء تراقب 

والريح تعاند ..

هناك 

تهتز الأرض 

ترقص على صدى لحن واحد .

لحن الرصاص وازيز الصواريخ 

يعزفه فتية لا تراهم ..

و قد تلقى صورهم تملأ  الجدران 

وترفع على الرايات ..


أ-نورالدين المباركي-مراسل صحفي لقناة فرنسا 24/ France 24


قبعتي..يا مبدعنا الفذ.



سلمت لبنان!!! بقلم الكاتب عبدالرحيم العسال

 سلمت لبنان!!! 

========

لبنان دمعك هالني

والدمع ذا أبكاني

مالي أراك حزينة

وقريحة الأجفان

إن كان جاءك معتد

وإنهار من بنيان

وإلى الشهادة قد مضي

الغر من ولدان

بذلوا النفوس رخيصة

في قائظ الميدان 

مهما تجمع كيدهم

وإنهال من عدوان

ستظل أنت حبيبتي

من سائر البلدان

عربية في طبعها

والطبع ذو تحنان

مهما أتاك من الأذي

أدعو من الديان

سلما لكل حبيبة

من رملك الفتان

يا رب فاطفئ نارها

يا خالق الأكوان

وأقسم لها كل المني

وإطفئ لظي العدوان


(عبدالرحيم العسال مصر سوهاج أخميم)

ترجلت في بقلم.الشاعر الدكتور سامي حسن عامر

 وترجلت بين أضلعي 

تخاطب النبض والقلب 

يا روحا تسري بالخفق 

ما رحلت أشتمك بين أنفاسي 

تعبر  ردهات القلب 

يا وطنا يسرد ألف حكي 

وعشقا يخالط الحنايا 

كيف ترحل وتترك ديار العشق 

حاضرا أنت في آخر حدود الحلم 

تسمعك حوائط غرفتي 

وتنقشك المرايا حكايا من صخب

وتعرفك حتى خطوات الدرب 

أحبك ما تكفي الحروف 

وهذا الشعور من الخوف 

أن لا نلتقي ولو حتى في الحلم 

خذني معك لآخر ما وصف من سكن 

في ترانيم معتقة من مشاعر 

في همس الستائر 

في شتات المسافات 

خذني معك في كل حروف القصيدة 

في عناق النظرات 

لا تتركني لبقايا ألم 

ترجلت في كل مكان 

حتى أبصرك الزمان 

وفاضت المشاعر بحكايا من عبق

ترجلت في.الشاعر الدكتور سامي حسن عامر



بكره هتفهم لما هتكبر بقلم الشاعر_فهد_الحوتي

 بكره هتفهم لما هتكبر

 إن الدنيا أضيق من حلمك 


و إن الناس لو زادو في مدحك 

نفس الناس في الضهر تذمك 


و إن وشوش السوق خداعه 

دايما تظهر  أحلى بضاعه

 

و بعد ما تفرح بيها شويه 

تظهر ليك الوش التاني 


كل الناس مشغوله بروحها 

و إنتا تواسي كتير و تعاني


و لو فكرت تداوي جروحك 

كل الناس هتقول .... يا أناني 


الشاعر_فهد_الحوتي



قصة قصيرة جدااااا ( النافذة المشوهة ) بقلم الكاتب: السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر

 قصة قصيرة جدااااا

( النافذة المشوهة )

بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠

في منتصف الشهر القمري فتحت النافذة ليلا ً مذعورة ، فوجدت صراع في عمق الشارع ، فأغلقت نافذتها المشوهة قهرا ، و ظلت على مهل ترقب القمر من شيش الشباك و هو يغازل وجهها كالمرآة الباهتة في خجل ٠

ماعاش من زعلك بقلم محمد الناصر

 ***ماعاش من زعلك ***

ماهان علي زعلك 

ولا هانت علي دموعك 

من بين كل الناس قلبي إختارك

يا القلبك مرهف وحساس 

ياشاغل بجمالك كل الناس

ماعاش من زعلك 

******

أداري حسنك ودلالك 

قمر ومافي بجمالك 

واكيد عذالي وعذالك 

لما أقعد قبالك 

ماعاش من زعلك 

******

تحلى الدنيا بضحكتك 

ويختفي القمر بطلتك 

ملك بحضورك وغيبتك 

ياساحر الناس بطيبتك 

ماعاش من زعلك 

بقلم محمد الناصر

خيال محب بقلم الشاعر سليمان كاااامل

 خيال محب

بقلم

سليمان كاااامل 

********************

حينما .......يزهو قصيدي

فأنت لحن الحرف وشذاه 


ففيك أنت....... كل المعاني

نهار قلبي........ وأنس ليلاه


وحينما .....تأتلف الحروف

فأنت لغة...الحرف وشفتاه


ليست قيسا ...بدون حبك

يعشق هواك...بالحب هواه


لست أكتب .....الحرف إلا

وأنت تملي..... علي فحواه


قولي بربك....... من تكوني

إذا كنت........ للحرف يمناه


فقد أوليتك... قلبي وحبي

وللقصيد .....دنياه وأخراه 


وكل ما ........تتمناه أنثى

حزتِ الذي ...سواك تتمناه


من أنت......... وفيك عمري 

فنبضي بنبضك... قد طواه 


من أنت........ سألت شعري

لم يسمع القلم..... إلا صداه


من أنت .........ياكل آمالي

ومن أنا ....وأنت كل رجاه 

*********************

سليمان كاااااامل... السبت 

2024/10/26



الخروج عن الشريعة من اشعار المرحوم /طارق محمد الحزامي من ديوان احاسيس في نهر الحياة

 الخروج عن الشريعة

غند الغبار العاصف

تمتدّ أرجاء الفراغ الضارب

من شرقها لغربها

تلك الدّروب النائمة

والرّيح تنعي جوعها

حين إشتداد للعواء

بين التلال القاحلة

كم ألمتنا المسألة

من بدءها

لا فتح ينجو من أحزاننا

لا فتح يذكي حلمنا

لا فتح حلّ المسألة

ما من مفر من شيوخ الثرثرة

من أجمعوا على حصاد المهزلة

ما في الجبال الغافلة

عن سيرها

في دريها

أو في وجوم السّابلة

فلننتهك يا سادتي

ستر الظلام

ولننطلق من جوفه

مثل الحمام

ولننتزع ثوب التخاذل

والفشل

فالليل حضن دافيء

واللّليل قاس كالرّدى

لم يتّعظ من دفئه

من لم ينتزع عنه الثياب البالية

من اشعار المرحوم /طارق محمد الحزامي من ديوان احاسيس في نهر الحياة

حتى يكون النقد الأدبي-كفكر وفن وعلم-في مستوى التحدي.. وفي طليعة-الثورة الثقافية الشاملة- بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حتى يكون النقد الأدبي-كفكر وفن وعلم-في مستوى التحدي.. وفي طليعة-الثورة الثقافية الشاملة-


ليس هناك نقد لأنه ليس هناك أدب “هكذا يقال..الصحافة خطفت خيرة النقاد وحولتهم إلى صحفيين ” قيل أيضا ، لكن أليست علاقة الأدب بالنقد، علاقة الندية والتكافؤ والأسرة الواحدة!؟

 ثم ألا يجوز القول بأن “حضور” أحدهما مرهون بحضور أو غياب الآخر، وإن كان غياب “الأدب” يكاد يكون أمرا مستحيلا!؟

 ثم أولا وأخيرا: ألم يحن الوقت بعد، لصياغة عطاء نوعي ومستقل في حقل النقد الأدبي ينأى عن ” العفوية ” التي تفرض الإنطباعات الجزئية دون استخلاص المعيار!؟

قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا ما قيل أن ” التقصير ” في النقد العربي الحديث ذو دلالة سوسيولوجية تتجاوز أسوار المصطلح الجمالي للنقد إلى أبعاد اكثر شمولا يمكن ايجازها في الإشارة التالية:

تتجلى أبرز ملامح التقصير في مجمل الحركة النقدية العربية الحديثة في غياب ” المناهج ” التي تضبط ايقاع هذه  الحركة مما يعني التقصير في إكتشاف قوانين التطور الأدبي العام في بلادنا، أي اكتشاف المسار العام للحركة الأدبية العربية الحديثة من ناحية ، والقوانين المضمرة في التجربة الأدبية النوعية كالرواية والمسرح والقصيدة والقصة القصيرة من ناحية أخرى . وقد يظل هذا التقصير قائما ما لم يرافق هذا الأكتشاف المزدوج ” نقد النقد ” وهذه مسألة أخرى تدعونا بإلحاح إلى وضع “إستراتيجية”نقدية تضع في الإعتبار خصوصية الظاهرة الأدبية مع الإفادة من مكتسبات التراث النقدي الذي مازال في حاجة إلى الدرس والإضاءة (1) ” لا سيما أن هذا النقد (نقد النقد) هو نقد للذات كما أنه نقد للأخر، وذلك بقدر ما يتيح طُرق بعض القضايا  المحورية، وبلورة المنهجيات المناسبة للمقاربات التي تفترضها.

ومن هنا فالنقد مدعوّ الى ” الأخذ بمنهجية محددة في البحث وإعتماد طريقة موضوعية في معالجة المادة الأدبية،وإجتراح المصطلاحات والمفاهيم الملائمة لها والسعي إلى غايات مستقلة بها(2) ” مما يعني أن النقاد -مدعوون-إلى الإستفادة من كافة مناهج النقد الغربية،ولكن دون نقلها نقلا أعمى لا يراعي خصوصيات النص الإبداعي العربي،ناهيك وأن التطبيقات البنيوية والتفكيكية وغيرها موغلة في الغموض والتعقيد مما حدا ببعض المبدعين للقول بأنهم لم يستفيدوا مطلقا من النقد ولم يسهم في تطويرهم كما أعلن ذلك مرارا الراحل نزار قباني.

 ضمن هذا السياق  علينا الإعتماد على خبرنتنا الخاصة وتجربتنا النوعية التي تستفيد من المنهج الحديث بالإضافة إليه والحذف منه  والتعديل فيه بما من شأنه أن يرمّم الجسور بين العمل الأدبي المعاصر والنقد من ناحية،و يردم الهوة بين القارئ والناقد من ناحية أخرى..

كذلك يغيب عن نقدنا الحديث تقليد البحث عن المواهب الجديدة والإحتفال بها  فقط عندما تتحول إلى مؤسسات، أي بعد أن تكتمل ولا تعود هي أو القراء إلى النقد،هذا في الوقت الذي بتناسى فيه النقاد.

إني أتكلم هنا عن ” النقاد الأكادميين ” بالمعني المدرسي للإصطلاح،لا عن أشباه-النقاد- ممن يعملون مديري دعاية للأدباء والفنانيين-أن الموهبة الحقيقية الجديدة تعني بالأساس أن ثمة نبضا متميزا جديدا في الثقافة والمجتمع .و الإحتفال بها ليس تطوعا أو منّة ولا حتى ” واجبا ” بالمعنى الأخلاقي وإنما هو اكتشافا لظاهرة ثقافية-جتماعية لمن يريد أن يبني رؤيا صحيحة للثقافة والمجتمع الذي يعيش فيه.اي لمن يريد أن يكون ناقدا ذا نهج.

 أقول هذا لأن ساحتنا النقدية بخاصة غدت مرتعا ل(تكتلات) غير بريئة،مافتئت تصنع من بعض الأسماء المشهورة( ….) في الشعر والقصة والرواية أصناما تعبد وتمجّد.وكأن الإنجاز الإبداعي العربي في هذه الفنون توقّف عندهم (!).

بعض النقاد  إن لم أقل الكثير منهم "ينظر الى المسألة نظرة مصالح،فلا يلتفت لما تطرح ما لم تكن ذا مكانة اجتماعية او اعلامية مثلا يمكن ان تعود على ذلك الناقد بفوائد جمة وانت تعرف مثل هؤلاء.

ومنهم من يعيش نرجسية تامة او ربما تحجبه عن النظر لما يقدم هذا المبدع او ذلك الكاتب لانه اي الناقد اعلى من مستوى ان يلتفت لمثل هؤلاء ويظل متشبثا بتلك الاسماء اللامعة التي يعتقد انها هي الاولى بقلمه,ومنهم من شغلته الصحافة بحكم عمله بها من المواصلة بجدية في عالم النقد,،فالساحة تائهة يا عزيزي،وكما انه هناك تراجع ملحوظ في اعداد القراء والمهتمين بالقراءة،فان هذا سينعكس على الجوانب الثقافية والمعرفية بلاشك ولقد قال لي احد النقاد من الاسماء اللامعة: انه بات يخجل الآن من المواصلة في تقديم زاويته الاسبوعية والتي تمتاز بالطابع الاكاديمي البحت في الطرح في المجال الادبي لانه يتساءل وبكل بساطة من سيقرأ هذا الكلام." (3)

 وهذا يعني عدم الإهتمام بالأسماء والمواهب الجديدة في الفنون كافة ولسوف تظل معظم الكتابات النقدية -هنا وهناك-كتابات فوقية على هامش النص الإبداعي مالم تتجاوز هذه السلبيات نحو أفق حركة نقدية واعية وواعدة..

ما أريد أن أقول؟

أردت الإشارة إلى أن التعالي على أية ظاهرة أدبية -اجتماعية كالتجاهل المقصود لهذا الكاتب او ذاك لمجرد أننا نختلف معه فكريا،أو لأن أدبه لم يحقق  مستوى جماليا راقيا هو في الحقيقة إحتقار لعديد القراء،أكثر مما هو إحتقار للكاتب نفسه،في حين نولي وجهنا عنه بدعوى أنه تحت مستوى النقد (…).

 "النقد المحلي بحاجة لان يواكب الحركة الثقافية والادبية المحلية،النقد بحاجة لان يكون متتبعاً لكل ما يكتب،ويكون متميزاً،اما ان نهتم باسماء ونغفل اسماء اخرى فهذا في ظني هو الخطأ."'(4)

وإذن؟

 ليست هناك إذا، ظاهرة أدبية تحت أو فوق مستوى النقد، طالما أنها “ظاهرة” وطالما اننا ندعي الإهتمام بالمتلقي.وطالما ندّعي أننا أصلا نقاد أدب مهمتهم استكمال دورة الكتابة والقراء بالنقد. وأخيرا طالما أننا “نقاد نبحث عن مناهج تسترشد بالمدلول العام لحركتنا الأدبية في خط متواز لتطورنا الإجتماعي-الثقافي وفي خط متقاطع مع القوانين النوعية لفنوننا الأدبية”(5)

استتباعات:

إن ما يفضي إليه الرصد المقتضب للخطاب النقدي الحديث استتباعا لما تقدّم هو أن النص النقدي يتموقع في خانة التقصير-التي يعسر الخروج منها بغير السعي الحثيث إلى أن يكون همزة وصل بين نهضتنا والحضارة الحديثة في العالم،وهذا يقتضي منه “النضال” بقدر ما يستطيع في سبيل المشاركة الفعلية في نبض العالم بالإنتاج والعطاء، لا بالإستهلاك أو النقل لاسيما وأن الثقافة لم تنته بعد بانتهاء الحضارة الغربية أو انقطاع العطاء الغربي للحضارة بتعبير أدق .

على أية حال،بقليل من التفاؤل وبمنآى كذلك عن التعسفية أو الإسقاطية الذاتية أقول: إن النقد العربي الحديث قد حقّق بعض النجاحات سوى بتحويل مجموع اجتهاداته إلى “حركة من تيارات” لا مجرد التماعات فردية،أو بإقترابه الجسور من جوهر التجربة الأدبية المحلية، أو بإلتصاقه الحميم بالطبيعة الخاصة للأدب.و مع ذلك فليست النيات-على طيبتها-هي المقياس أو الحكم في مثل هذه المسألة،بل  الفعالية الإجرائية العملية في مقاربة النصوص الأدبية وهي تتجلى في مدى اتساق المنهج البحثي وملاءمته للعمل الأدبي المتناول،و مدى إقناعه  بتماسك طرحه وخصوبة نتائجه ..

و تظل المفارقة في حالة توالد مع الأصوات النقدية الجديدة التي تنحت دربها  في الصخر بالأظافر،حتى أنها ” تؤسس لتحويل نقدنا العربي الحديث الى حركة قومية من ناحية  وتخصصات نوعية من ناحية أخرى.. الأمر الذي يشير ببطء شديد إلى إحتمالات نظرية أكثر شمولا في المدى المنظور (6).

على سبيل الخاتمة:

إن العمل الفني الجدير بصفة الإبداع هو ذاك الذي يصوغ جدلية العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل في حوار مجلجل ومساءلة عميقة،كما أن النقد المنهجي الجدير بصفة الإبداع هو أيضا ذاك الذي يعتقد في جدلية التطور التاريخي وينآى عن التضخم  النرجسي والأحكام المسقطة ليستشرف  المستقبل  بعمق وثبات..

وأخيرا،فإن التقصير في النقد العربي الحديث ليس خاصا بالنقاد كأفراد، بل كحركة نقدية عربية معاصرة شهدت "إشراقات خلاقة" على درب الإبداع،منذ فجر النهضة إلى مغيبها.وكل ما أقصده هنا، أننا غدونا نعيش في ظل متغيرات كونية كاسحة تعبق برائحة التحديات،إذ أننا على هذه الأرض في مفرق الطرق بين الإنسحاق خارج التاريخ أو الولادة الجديد في ” ثورة ثقافية ” تصحح التاريخ باشراكنا من جديد في العطاء الحضاري للعالم.وما على النقد الأدبي-كفكر وفن  وعلم-الإ أن يكون في مستوى التحدي وفي طليعة هذه-الثورة الثقافية الشاملة-كي يسجّل بحضوره الفعال علامة مضيئة في طريق التحول ومنعطف الإنتقال..


محمد المحسن


الهوامش:

1–  زهرة الجلاصي: أنظر مقالها المنشور بمجلة الآداب – البيروتية- العدد 12/11 – ص  100

2–  سامي سويدان – المرجع السابق  – ص 54 – بتصرف طفيف

3-عن القاص السعودي د-خالد الخضري-صحيفة الجزيرة العدد9996

4- د-خالد الخضري-.ذُكر سابقا-المرجع نفسه

5- الدكتور الراحل – غالي شكري- عن كتابه: سوسيولوجيا النقد العربي الحديث – ص257.

6- د. غالي شكري –ذُكر سابقا – ص 223 – بتصرف-



جَمَلُ السَّانِيَةِ... (إعادة نشر) بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف ... تونس

 جَمَلُ السَّانِيَةِ... (إعادة نشر)

مَـا لِـي أرَاكَ حَبِيـسَ البِئْـرِ يَا جَـمَـلُ؟

لا العِتْقُ يَحْدُوكَ،لا الإيمَانُ، لا الأمَلُ؟

مُغَــمَّـضَ الــعَـيْـنِ، مُــقْـتَادًا عَلَى مَـهَلٍ 

أحِرْتَ؟ أمْ شُـعِّبَتْ في فِكْرِكَ السُّـبُلُ؟

تَضَـاحَـكَ الصِّبْـيَةُ الزَّاهُـونَ في جَـذَلٍ

وأنــْتَ حَــــيْـرَانُ لا عِــيـدٌ و لا جَــذَلُ

تَسْقِـي الـخَـلاَئِـقَ مَـاءً سَائِـغًا ثَـلِـجًــا

وأنـْـتَ ظـَــمْآنُ ،لا طـَـــلٌّ ولا بَــــلَـــلُ.

عَـجِـبْت مِنـك، مَحْـبُوسًا ومُكْتَـنِـزًا

لـَحْــمًا وشَـحْــمًا ولا يَنْتَـابُكَ الـمَلَلُ؟

تَـجْـتَـرُّ في دَعَـةٍ، تَـخْتَالُ مُعْـتَـدِلًا؟

فَأيْنَ مِنْـك اخْتِيــَالٌ أيُّـهَـا الجَمَــلُ؟

مَكَانُكَ البِيـدُ في الأسْفَارِ تَقْـطَـعُهَا

وتَحْمِلُ العِدْلَ حِين اللَّيْلُ يَنْسَـدِلُ

مَعَ الـمَهَـا والقَطـَا والرِّيـمِ مُنْـتَعِـشًا

بِالشِّيـحِ، تَرْغُو على أعْطَافِك الإبِلُ

تقُـودُهَا بالـحُـدَا والشِّعْــرُ مُلْهِمُها

وطَلْعَــةُ البَـدْرِ هَلَّتْ كُـلُّـها أَمَـلُ.

*   *    *    *

إِنِّـي لأرْثـِي لِحَـالٍ لسْتُ ذَائِـقَـها

لكنْ بَرَانِيَ مَنْ في العَيْشِ قَدْ قُتِـلُوا.

حمدان حمّودة الوصيّف ... تونس

خواطر : ديوان الجدّ والهزل



الشاعرة التونسية السامقة د-آمال بوحرب: شاعرة تمارس إكراهاتها على نصها الشعري..وتضبط اتجاه بوصلتها الإبداعية بمهارة. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 (نافذة مفتوحة على الإبداع التونسي )


الشاعرة التونسية السامقة د-آمال بوحرب:

شاعرة تمارس إكراهاتها على نصها الشعري..وتضبط  اتجاه بوصلتها الإبداعية بمهارة.


"ليس الشعر أن تقول كل شيء،بل أن تحلم النفس بكل شيء" (الكاتب والناقد الفرنسي سانت بوف )


-الحزن لف دموعي في خيط من عسجد/والبعد يأكل من عمري

وعمري لا يدري/إنه قد أرمد ..! ( الشاعرة والكاتبة التونسية د- آمال بوحرب )


قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ الكتّاب الحقيقيين يشتغلون بشكل دائم،في رؤوسهم وفي نصوصهم،على آليات الكتابة التي يقيمون فيها كتأملات وتقطيعات خاصة للعالم.وهم بذلك الصنيع،يرقبون الحياة والوجود من نقطة دقيقة بمثابة فتحة بابهم المكتظ بالأسئلة والإشتغال الدؤوب.

الشاعرة والكاتبة  التونسية الألمعية د-آمال بوحرب التي دأبت على مداعبة الحرف ومراقصة الكلمة كي تنحت دربا إبداعيا متميزا  واحدة من هؤلاء،تشتغل بحرقة في الكتابة الشعرية،لتأسيس نفس وخيار جمالي،له تسويده وتقطيعه ونظره الخاص ليس للحياة فحسب،بل للنص الشعري نفسه الذي يغدو مرتعشا في يدها وزئبقيا وشفيف المرايا إلى حد الكسر في الرّوح..

هذه الشاعرة المتألقة تؤسس لمشهد شعري متميز،عبر استمرارية وصيرورة ذات قيمة انتمائية فذة،حيث تبيح لقلمها،لرؤاها ورؤياها،متعة التحليق في الآقاصي لتأثيث عوالم بعيدة،باحثة من خلالها عن ممرات دلالية وصورية ومديات بلاغية روحية لكونها الشعري اللامحدود،وخالقة عبر توظيفاتها متعة دلالية،ولذة تصويرية حركية،لتمارس فعلتها الكينونية الإبداعية،حالمة بولادة جديدة في رحم النص الشعري.

وأنا أضع يدي على بعض قصائدها  أحسست،بعد تمحيص ونظر،أنّ الشاعرة-د-آمال تكتب وفق استراتيجية في الكتابة الشعرية.

ولذا وجب-في تقديري-لفت النظر بدقة لكل الآليات والتقنيات المستعملة وفق وعي جمالي ونقدي ملازم.وإذا حصل،سيتم تقليب صفحات كتاباتها الإبداعية الخصبة،مثلما نقلب المواجع الرائية،لأنّ الألم في الكتابة،له بكل تأكيد،ينابيعه الخلاقة التي تغني نهر الإبداع الإنساني بالإضافات العميقة والجميلة.

وهذا يعني أنّ نجاح المبدعة التونسية د-آمال بوحرب في جل منجزاتها الشعرية متمثّلا في عدم سقوطها في الإرهاق اللغوي،فهي تملك لغتها وتعرف كيف تتلاعب بها ومعها،وتبدو رؤية الشاعرة واضحة،واعية تماما لطروحاتها كشاعرة بالدرجة الأولى،وكفنانة تعشق الرسم بالكلمات في الثانية،ففي قصائدها المنتقاة بحذق ومهارة تحاول الإنفلات من عقال ذاتها والإنفصال عنها لصالح المحيط،والعبور من الخاص بإتجاه العام والإنساني.فالكتابة-في تقديري-شكل تعبيري مثل الرسم والموسيقى والنحت وغير ذلك،وتحتاج إلى وعي كبير بالذات،وإلى قدرات أخرى بطبيعة الحال،ثم تكون هي نفسها أداة تعبيرية عن ذلك الوعي وسبيلا لتطويره.كما قد يكون أيُّ نتاج للكتابة بحثا عن ذات يُفترض أنها موجودة على نحو ما.والشعر عند   الشاعرة د-آمال بوحرب تدوين لحياة البشر،للألم وللخذلان،وللفرح المقبور منذ أزمنة بعيدة،ورثاء لحب مغتال..

لنقرأ هذه القصيدة الموجعة التي خطتها أناملها-بحبر الروح-ولكم حرية التفاعل والتعليق:


أصداء الجراح 


يا مُعيدَ الجراحِ أعدْ مكنونَنا

واصنعْ لأطفالِنا أحلامًا تغنى  

إذا حسبنا الفقدَ قصيدَةً حزينةً

تغنينا،وقدمنا لهُ أدمعَنا

ما سألنا الزمانَ يومًا ولا سألنا

نختارُ الوجعَ خلسةً دون أن يَرَنا

يا مُعيدَ الجراحِ لا تقبلْ هزيمةً

في الزوايا أذكرْ مَن كانوا  قدوتنا 

***


يا مُعيدَ الذكرياتِ ارفعْ صوتَنا

واهتفْ بماضٍ فيه آلامٌ تُحزِنَنا 

إذا قسا الوجعُ وكسرَ عزمَنا

فلا تنس أن الروحَ تُعيدُ وصالنا

تتشبثُ الأحلامُ رغم الصعوباتِ

وتنسجُ من دموعِ الفجرِ آمالنا

يا مُعيدَ الذكرياتِ، أعدْ ضوءَنا

ولا تدعْ ظلالَ الحزنِ تُسْكتُنا  


د/آمال بوحرب 


إن لقصائد-د-آمال (وهذا الرأي يخصني) قيمها المؤثرة في تحريك حساسية القارئ،من خلال دهشة الصور والاستعارات والفيوضات الوجدية التي تبثها في الأنساق بين الفينة والأخرى،مما يجعلها غاية في الرقة والحساسية والجمال.

ومن هنا،فإن المثيرات الجمالية التي تؤسسها قصائدها ترتكز على الصور اللاهبة بدلالاتها،وكثافتها،وحركتها الجمالية،مما يدل على شعرية بالغة التنوع،والمواربة،والاختلاف في رؤاها ومؤثراتها الجمالية،وهذا ما يحسب لها على الصعيد الإبداعي.

وإذ أسجّل إعجابي الكبير-بالإبداعات الشعرية-للشاعرة التونسية د-آمال بوحرب التي تطمح دوما عبر كتاباتها الإبداعية إلى التطوّر والتجاوز،فإنّي أؤكّد على أنّ النص الإبداعي لن يخترق الحدود إلا بقوته الذاتية،كما أنّ حضور القارئ،بل حلوله،في الماهية الإبداعية الملغزة،هو وضع طبيعي يعكس انفتاح المبدع كإنسان على أخيه الإنسان،ويعكس انفتاح الكتابة الإبداعية الجديدة على العالم الحسي المشترك،والوقائع والعلاقات المتبادلة،وأيضًا على الأحلام والهواجس والافتراضات والفضاء التخيّلي غير المقتصر على فئة نخبوية من البشر دون سواها..

ولنا عودة إلى المشهد الشعري لهذه الشاعرة الفذة..ريثما يختمر عشب الكلام..


متابعة محمد المحسن