مناخات الفنانة التشكيلية: هدى بن حمودة
" سعي قوي من لدن الرسامة للبحث عن اللمسة المتفردة "
☆ أعمالها الفنية تغرٌد خارج السرب تتمرٌد عن المالوف☆
يعتبر الفن تلك البوصلة الدقيقة التي تهدي الاحاسيس الى النفوس الراقية الهادئة والرسام منبع تلك الاصالة المرهفة التي تسبح في محراب النقاء والعذوبة.
لقد كان ملفتا حضور المراة في اغلب اللوحات التي رصٌعنها فرشاة الفنانة التشكيلية هدى بن حمودة تكريما لدورها في مختلف أوجه الحياة باعتبار أن الفن رسالة السلام والمحبة والإخلاص لمكانة الذات النسوية في معترك نبضات الحياة أينما تجلٌت صورة المرأة ومظهرها بجمالية أخاذة شكٌلتها باقتدار لافت الرسامة متجاوزة المعايير الجغرافية والدينية لتصبح المرأة في لوحاتها كائن كوني لا يعترف بالنواميس والطقوس التي تحدٌ من حريتها وإبداعها وعطائها اللامحدود.
2- حضور لافت للمرأة بأشكال مدهشة:
لصورة المرأة في تجربة هدى بن حمودة حضور عميق يعكس برمزيته معنى الحياة والطبيعة، الأرض و الخصوبة ، الجمال والمحبة، فهي تمتاز بصفات متنوعة تمتزج مع الفكرة الفنية التي تحدد الجانب الجمالي المطروح فيها، كما أن دورها لم يتوقف عند حضورها كفكرة ورمز وصورة، بل انفلت من تلك الأطر المتعارفة العامة ليصبح للمرأة حضور ذاتي مشرق في رسوماتها وبصمتها التشكيلية المدهشة وهذا الأمر يحيلنا على محاولة البحث لفهم صورة المرأة في الفن والحديث ثم دورها في النهوض به والرقي بذاتها ككيان له معنى.
تقول هدى بن حمودة عن أعمالها "الفن التشكيلي إحساس ورغبة وثورة وإبداع، والفنان يشعر بما يرسمه حتى قبل اكتمال اللوحة، ويصل شعوره إلى السعادة والتحلٌْل بين تمفصلات القماشة فأنا أعيش حالة تناغم واستمتاع مع ألواني ولوحاتي. هي بمثابة قصة عشق ألهو بها وأستمتع فتنمو علاقتنا وتنضج ليتمخض عنها عملي الفني».
في أعمال ضيفتنا حضور المرأة بارز كعالم قائم بذاته منطلقة من قدرتها كأنثى على التعبير عما يختلج نفسها من أحاسيس ومكنونات بكل صدق لونا ورؤية وإيقاعاً. تبحر التشكيلية هدى بن حمودة في عالم المرأة وقيمها الإنسانية والجمالية لتتنوع أساليبها بتنوع حركات المرأة ،لكنها لم تغادر الضفاف الواسعة للمدرسة التعبيرية فغلب هذا الأسلوب على أعمالها مُطلِقََاً العنان لمشاعرها لتطفو على سطح لوحاتها مع توظيف للون بطيفه الواسع وقوة تعبيره وسيلة تجسد أحاسيسها ورؤاها بصور فنية وجمالية فاتنة وروح حداثية ، كأن ينسحب الجسد في عزّه ، أو أن يتحوّل الصمت إلى لغة لاتشبه إلا قِوامَ أمرأة تتداخل فيه الإلتواءات وحراك غير مسبوق وليس معلن دون صخب.
3- التأسيس لقاموس إبداعي جديد:
إن لوحات الرسامة هدى بن حمودة تجاهر لوحدها عبر عيون نساءها المفعمة بالحياة تسترق دمعة و جمرا بين الحين والآخر كأنها تُخفي حُمُى لوجع قديم . هذا باختزال ما تقوله لوحات هذه المرأة الفنانة، التي رسمت نفسها و عيونها، و صمتها، بتعبير عال، لتبسط فكرة حضور المرأة في فنها التشكيلي مستجمعة عوالم غارقة في الجمال والألوان والعلامات والأفكار والمجازات السردية التي تروي الواقع والحلم والجسد والفكرة، هكذا تحضر المرأة في رسومها، بألق و حزن، وجمال، وكأنها قادمة من أول اللغات، تؤسس لقاموس إبداعي جديد تكتبه بفرشاتها وعينيها وبقلبها الشغوف بهاجس الرسم .
بقلم الكاتب: جلال باباي
● سيرة مختزلة للفنانة التشكيلية:●
☆ هدى بن حمودة ☆
¤ من مواليد تونس العاصمة ، عشقت الرسم منذ نعومة أظافرها ،هي فنانة عصامية التكوين حذقت طقوس الفنون التشكيلية بالتعويل على إمكاناتها الذاتية ، وبعد التعمق في دراستها لسنوات في مجال الفن المعماري ،تحوٌلت رغبتها إلى وجهة الرسم باعتبار أن فن التزويق والأعمار يكمْل بامتياز شغفها بالرسم الذي تمتدٌ رحلتها معه لأكثر من عشر سنوات حيث أقامت معرضها الأول سنة 2014.
¤ متأثرة بمدارس فنية عالمية أضافت لتجربتها الكثير بدءا من "بوتيتشللي" ،" بيكاسو" مرورا ب " كليمت" و " ريفيرا" و "لوليتا ديلامبيكا " ،دون التغافل على المدرسة التونسية من خلال الفنانين الكبيرن: زبير التركي و جلال بن عبد الله وقد وفٌقت إلى أبعد الحدود جرْاء هذه المؤثرات وغيرها إلى نحت تجربتها المخصوصة وتثبيت معالم بصمة بضمير المفرد ليست شبيهة غيرها من التشكيليين وهذا الإنجاز ليس بالهيٌن على فنانة عصامية يحدوها تحدٌِِ لِضَمٌِ إسمها ضمن نخبة فناني المشهد التشكيلي الوطني في مسعى أول ثم التدرٌج نحو العالمية في مسعى ثانِِ وهذا الأمر لبس بعصيٌ على هدى بن حمودة.
¤ يعتمد أسلوبها على المنحى التشخيصي الإستيتيقي بكل معنى الكلمة باتباع خطوط رفيعة لتجسيد وجه المرأة ومظهرها بجمالية أخاذة تشكٌلها بمزاجها العالي و بجراة معقولة لتستوي لوحاتها أقرب إلى حِكم و مشاريع لأهازيج تقتفي رائحة شهرزاد.
ترتسم لديها المرآة ككائن حر مفعم بالأحاسيس والتسامح وقوٌة الشخصية
يعتبر الرسم لدى هدى بن حمودة وسيلة لتفريغ الأحاسيس الجياشة من الحب والسلام وحرية الفكر على بياض القماشة ودعوة لنبذ الظلم والغطرسةوفي زمن متقلب وعالم جيوسياسي يعبث بالإنسانية .
¤ ما تزال إلى اليوم الرسامة هدى بن حمودة تؤمن بأن الفن هو المهرب الوحيد والمتنفس الأكثر تاثيرا في عالم متأزم حتى يخٌلص المرأة من القهر والشعوب من القمع والإستبداد .
هذه باختصار الغايات الكبرى من ممارسة الفن التشكيلي النسوي لدى الرسامة الواعدة هدى بن حمودة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق