السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/
دروس في علم المنطق
3 /
العلم وأقسامه
كل إنسان يولد وهو خالي من أي معلومة ؛ لكنَّه وبما إنه مفطوراً على التفكير وهذا ما يميزه عن العجماوات ؛ نراه حين يولد لا يعرف شيئاً ويبدأ شيئا فشيئا بعدما ينظر ويشم ويتذوق ويلمس ويحس بما حوله من الأشياء سوف ويتأثر وينفعل مع ما حوله؛ وستكون نفسه التي كانت خالية مشغولة ؛ هذا الإنشغال والحالة التي تسمى (العلم)وهذا العلم الحسي الذي يشترك فيه مع بعض الحيوانات وإنشغال الحواس( الباصرة والسامعة والشامة والذائقة واللامسة )هذا العلم الحسي هو رأس مال لجميع العلوم
ثم ينتقل الطفل بمداركه ويرتقي لجمع هذه المعلومات الحسية ليكون خيال ويتصور الأكبر والأصغر والأطول والأكثر نوراً أو عتمة حتى يصل الى تصور الحكاية التي لم يرها أو المدينة التي لم يزرها وهذا ما يسمى ( العلم الخيالي )
بعد هذا ينتقل لمرحلة أرقى وهي تحول من المحسوسات والخيال إلى إدراك المعاني الجزئية ؛ هذه المعاني التي ليس لها مادة ولا مقدار ؛وهذا العلم يسمى ( العلم الوهمي ) كعلمه بحب الوالدين والفرح والحزن وغيرها فيدركها كما تدركها الحيوانات بقوة الوهم ؛ فالحيوان لا يدرك الا بهذه القوة
وسيكون الأنسان متفرداً تاركاً الحيوان لهذه القوة الواهمة لينتقل هو إلى ((( قوة العقل ))) وهنا لا ينتهي عند حد فيجمع بهذه القوة كل المسوسات والتخيلات والوهميات والمدركات بما يجعله مميزاً للصواب من الخطأ والصحيح من الفاسد؛ ومن الجزئيات إلى الكليات ويبقى يستنج بقدراته العقلية ما يشاء وهذا هو العلم الأكمل الذي يميزه عن غيره من الكائنات الأخرى ؛ سعياً لبناء حياته وتنظيمها والسير بخطى واثقة على طريق الصواب مؤثرا و متأثراً
إذن العلم هو :
( حضور صورة الشيء عند العقل أو إنطباعها )
ويقسم العلم إلى تصوّر وتصديق
أما التصوّر فهو حضور صورة مجردة في الذهن و برهنة أو اعتقاد أو جزم كعلمنا إن هذا الشكل مثلث أو مربع فهنا تتصور الأضلاع والزوايا فقط
أما لو علمنا قيمة الزوايا وأطوال المستقيمات وعلمنا القرق بين المثلث والمربع والفرق بين أنواع المثلثات فهذا الإدراك يسمى (( التصديق )) وهو : ( صورة المطابقة للواقع التي تعقلتها وأدركتها ) .وهي الإذعان وتسمية الشيء بما يطابقه ويكون لازماً له لا ينفك عنه
فالعلم والتصور والإدراك هي ألفاظ لمعنى واحد ولكن حين يستتبع التصوّر بالحكم يسمى تصديقاً فلا يكفي التصور المجرد للإذعان بالشيء ومختصره تسمية الشيء بلازمه
أما ما يسمى ((( التصور المطلق ))) فهو الجمع بين التصورين المجرد و المستتبع بالحكم .
================
نهلة أحمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق