المشاركات الشائعة

الاثنين، 29 فبراير 2016

قصة قصيرة بقلم سلامة جاد الله



قصة قصيرة أرجو أن تنال إعجابكم،،

ساعة في إحدى المحلات التجارية!

على كل عاقل في الدنيا أن يحمل ما قل حجمه و ارتفع ثمنه، لكن هذا المبدأ لا يلائم أمثالي من المتنزهين في كبرى المحلات التجارية، و لذلك دفعت عربتي أمامي و بدأت في انتقاء ما كبر حجمه و قل ثمنه و في نفس الوقت يكون مما لذ و طاب من حلويات و مقرمشات و لحوم و بقول و خضروات و كل السلع الاستهلاكية.


و في أثناء سيري البطيئ في إحدى الممرات سمعت صوت امرأة تحاول بيع أحد المنتجات لأحد الزبائن، و كانت نبرة الصوت مترددة و آلية و معبأة بالتوتر و لا تخلو من قلق، و بصفتي رجل مبيعات قديم و عندي تجارتي الخاصة تأكدت من أن تلك النبرة لن تخرج إلا من فتاة في مقتبل العمر و عندها رغبة حادة في البيع لكنها حديثة عهد بالمهنة و هذا هو أسبوعها الأول على أعلى تقدير و أن التدريب الذي حصلت عليه ليس كافياً و لن يساعدها على إكمال عملية بيع واحدة إلا إذا كان الزبون مقتنع بالمنتج أصلاً، و يبدو أن التدريب لم يكن كافياً لأن الراتب هو الآخر ليس كافياً و أن الأمل كله متعلق بعمولة البيع التي لا بد من الحصول عليها و إلا فقدت وظيفتها التي قبلتها بالتأكيد تحت بند من بنود الاضطرار.

و لذلك لم أكتف باستراق السمع و أكملت ممري لآخره ثم عدت بعربتي للممر التي وقفت هي على رأسه تحاول البيع، و لما اقتربت منها تعمدت ترك عربتي في الممر بحيث أن أضيق الطريق على المارة و بذلك تكون حركة السير أمامها بطيئة و بالتالي تكون فرصة البيع أمامها أكبر، و هكذا ادعيت تأمل منتجات الممر و في نفس الوقت استرقت السمع لنفس النبرة التي تزداد خجلاً و توتراً، و هكذا جاء دوري لتعرض منتجاتها علي، و بدون أن أستمع لها وضعت في عربتي أحد متجاتها و قلت بصوت مرتفع بعض الشيء:

- لقد جربت هذا المنتج من قبل! طعمه رائع جداً و سعره ممتاز!

و تعجبت بدورها قليلاً من رد فعلي المبالغ فيه و من عملية البيع التي تمت بدون كلمة واحدة، و قبل أن أدفع عربتي و أستكمل سيري قلت لها هامساً:

- كوني دائمة الابتسام... هذا هو أهم شيء!

و ازداد خجلها قليلاً لكنها على الأقل ابتسمت، و قبل أن ترد علي كنت قد ابتعدت عنها و عدت للممر الأول و سرت فيه متباطئاً و مراقباً إياها بطرف عيني، و كانت قد بدأت في استخدام سلاح الابتسام بشكل مقبول بعض الشيء، و في الجولة الثانية تعمدت تضييق الطريق أكثر، و لما وصلت إليها قلت هامساً:

- لا تنتظري المشتري و ادعي دائماً أنك مشغولة.

و من بعيد لاحظت أنها بدأت في ترتيب المنتجات و تنسيق لافتات العروض و الذي دفع أول زبون لأن يسألها بدلاً من أن تسأله هو، و هكذا ردت عليه مبتسمة و نجحت عملية البيع الأولى، و هكذا جاء دوري لأقول:

- استهدفي الزوجات دائماً... القرار قرارهن!

و في كل جولة كان نشاطها في ازدياد و كذلك ابتسامتها و مبيعاتها، و لذلك قلت لها في تلك الجولة:

- لا تعرضي تجربة المنتج في البداية لأن الزبون سيشعر أنه يتم توريطه بشكل ما حتى لو قيل له أن التجربة مجانية.

و بعد ساعة تقريباً استطاعت تنفيذ كل نصيحة بحذافيرها لدرجة أن ممرها بات مزدحما لدرجة تعوقني عن اسداء النصح أو حتى المرور بجوارها، و هكذا غيرت اتجاه سيري ناحية الخروج و دفعت ثمن مشترياتي و رحلت و على وجهي شيء من الرضى.

و في يوم من الأيام التقينا، كانت نشيطة و مشغولة و مبتسمة، و كان انشغالها يزداد كلما اقتربت منها، و لما سألتها عن منتجاتها ابتسمت لي كثيراً... لكنها استكملت الشرح مع زوجتي.

سلامة جاد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق