قصة قصيرة أرجو أن تنال إعجابكم،،
ساعة في إحدى المحلات التجارية!
على كل عاقل في الدنيا أن يحمل ما قل حجمه و ارتفع ثمنه، لكن هذا المبدأ لا يلائم أمثالي من المتنزهين في كبرى المحلات التجارية، و لذلك دفعت عربتي أمامي و بدأت في انتقاء ما كبر حجمه و قل ثمنه و في نفس الوقت يكون مما لذ و طاب من حلويات و مقرمشات و لحوم و بقول و خضروات و كل السلع الاستهلاكية.
و في أثناء سيري البطيئ في إحدى الممرات سمعت صوت امرأة تحاول بيع أحد المنتجات لأحد الزبائن، و كانت نبرة الصوت مترددة و آلية و معبأة بالتوتر و لا تخلو من قلق، و بصفتي رجل مبيعات قديم و عندي تجارتي الخاصة تأكدت من أن تلك النبرة لن تخرج إلا من فتاة في مقتبل العمر و عندها رغبة حادة في البيع لكنها حديثة عهد بالمهنة و هذا هو أسبوعها الأول على أعلى تقدير و أن التدريب الذي حصلت عليه ليس كافياً و لن يساعدها على إكمال عملية بيع واحدة إلا إذا كان الزبون مقتنع بالمنتج أصلاً، و يبدو أن التدريب لم يكن كافياً لأن الراتب هو الآخر ليس كافياً و أن الأمل كله متعلق بعمولة البيع التي لا بد من الحصول عليها و إلا فقدت وظيفتها التي قبلتها بالتأكيد تحت بند من بنود الاضطرار.
و لذلك لم أكتف باستراق السمع و أكملت ممري لآخره ثم عدت بعربتي للممر التي وقفت هي على رأسه تحاول البيع، و لما اقتربت منها تعمدت ترك عربتي في الممر بحيث أن أضيق الطريق على المارة و بذلك تكون حركة السير أمامها بطيئة و بالتالي تكون فرصة البيع أمامها أكبر، و هكذا ادعيت تأمل منتجات الممر و في نفس الوقت استرقت السمع لنفس النبرة التي تزداد خجلاً و توتراً، و هكذا جاء دوري لتعرض منتجاتها علي، و بدون أن أستمع لها وضعت في عربتي أحد متجاتها و قلت بصوت مرتفع بعض الشيء:
- لقد جربت هذا المنتج من قبل! طعمه رائع جداً و سعره ممتاز!
و تعجبت بدورها قليلاً من رد فعلي المبالغ فيه و من عملية البيع التي تمت بدون كلمة واحدة، و قبل أن أدفع عربتي و أستكمل سيري قلت لها هامساً:
- كوني دائمة الابتسام... هذا هو أهم شيء!
و ازداد خجلها قليلاً لكنها على الأقل ابتسمت، و قبل أن ترد علي كنت قد ابتعدت عنها و عدت للممر الأول و سرت فيه متباطئاً و مراقباً إياها بطرف عيني، و كانت قد بدأت في استخدام سلاح الابتسام بشكل مقبول بعض الشيء، و في الجولة الثانية تعمدت تضييق الطريق أكثر، و لما وصلت إليها قلت هامساً:
- لا تنتظري المشتري و ادعي دائماً أنك مشغولة.
و من بعيد لاحظت أنها بدأت في ترتيب المنتجات و تنسيق لافتات العروض و الذي دفع أول زبون لأن يسألها بدلاً من أن تسأله هو، و هكذا ردت عليه مبتسمة و نجحت عملية البيع الأولى، و هكذا جاء دوري لأقول:
- استهدفي الزوجات دائماً... القرار قرارهن!
و في كل جولة كان نشاطها في ازدياد و كذلك ابتسامتها و مبيعاتها، و لذلك قلت لها في تلك الجولة:
- لا تعرضي تجربة المنتج في البداية لأن الزبون سيشعر أنه يتم توريطه بشكل ما حتى لو قيل له أن التجربة مجانية.
و بعد ساعة تقريباً استطاعت تنفيذ كل نصيحة بحذافيرها لدرجة أن ممرها بات مزدحما لدرجة تعوقني عن اسداء النصح أو حتى المرور بجوارها، و هكذا غيرت اتجاه سيري ناحية الخروج و دفعت ثمن مشترياتي و رحلت و على وجهي شيء من الرضى.
و في يوم من الأيام التقينا، كانت نشيطة و مشغولة و مبتسمة، و كان انشغالها يزداد كلما اقتربت منها، و لما سألتها عن منتجاتها ابتسمت لي كثيراً... لكنها استكملت الشرح مع زوجتي.
سلامة جاد الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق