حبل الوصال ١٠
على ضفّة النّهر ، أنهت زينب شؤون منزلها ثمّ اتّخذت مكانا لتجلس وراحت تنتظر عودة حبيبها. كانت خائفة من أن يواجه أباها وأخويها ويجد منهما غلظة ومعاملة شريرة قد تغيّر مجرى أحداث قصّتها معه. أبوها متغطرس ولا يقبل إلاّ ما قد يتماشى مع مصلحته، وأخواها عضداه لا يعصيانه في أمر هو في نهايته يخدم مصلحتهما. لكنّها وفي بعض الأوقات كانت تطمئن نفسها أنّ أخاها الثالث قد يتدخّل لمساندتها وأحمد في مشروع زواجهما فهو يحبّها ويتمنّى لها حياة كريمة بعيدة عن عائلتها الّتي لم تكرمها ولم تحافظ على ما يجعلها سعيدة . كانت وهي تفكّر في الأمر تضع سيناريوهات عديدة لهذا اللّقاء. لم تكن مطمئنّة فهي تعرف عائلتها جدّا من جهة وقد خبرت طيبة أحمد من جهة أخرى.
طال انتظارها وزادت حيرتها أكثر فأكثر فهي لم تكن لها أيّ طريقة لتتواصل مع أحمد لتطمئنّ ولا يمكنها في وضعها الحالي أن تذهب لتزور أهلها وتتدخّل هي بنفسها. لزمت زينب مكانها مكتفيّة بالتّمني والدّعاء. ولكي تخفّف من وطأة ماهي فيه وقفت وراحت تتجوّل في مزرعتها وكأنّها تشكو حالها للنّباتات وللطّيور الّتي تسكن مدجنتها . أو كأنّها تسافر إلى خارج دائرة تفكيرها إلى أفكار تسكن بين المزروعات وفي قنّ طيورها فللنّبات عالم خاصّ ولا يدخله إلاّ مختصّ كما هو حال الطّيور وزينب تحسن التّعامل مع الطّيور ومع النّباتات. مرّ عليها وقت ليس بالقصير وهي من نبتة إلى أخرى تتفقدّها وتتعهّدها وبين طيورها تحاكيهم كما لو أنّهم يفهمونها أو يتفاعلون معها وبدا وكأنّها نسيت أمر أحمد وعائلتها حتّى أنّها نسيت احظار فطور الغداء . إلى حدّ ذلك الوقت يمضي أحمد وأصحابه وقتا صعبا في المقهى فقد اعترف لهم بعلاقة زينب بعائلة المحامي . تفاعلوا معه ودعوه إلى التّفكير الجدّيّ في كيفيّة مقاربة هذه المعظلة . فأيّ ردّة فعل غير مدروسة ستفسد كلّ شيء. وأيّ تفكير يخرج زينب من دائرة الحسابات هو تفكير فاشل ولا ينمّ عن عقلانيّة ولا عن انسانيّة. من هنا جاءت فكرة توطيد العلاقة مع المحامي الّذي بدا مختلفا عن بقيّة أفراد العائلة تلك. في نفس ذلك الوقت يجتمع أعضاء" جمعيّة مناصري المظلومين" وانتهوا إلى أنّ أحمد هو مفتاح عدّة قضايا عالقة في المدينة لذلك وجب توطيد العلاقة معه . يودّع الأصدقاء أحمد طالبين منه المحافظة على زينب ومواصلة الظّهور في المدينة حتّى يتسنّى لهم العمل معا لحلحلة مشكلاتهم في إطار جماعيّ يقوّيهم ويجمع حولهم كلّ المظلومين.
يبقى أحمد وحيدا في طاولته وكانت الكؤوس الفارغة فوقها تذكّره بمواقف أصدقائه وعزمهم على مساندته وشدّ أزره . شخص أحمد في هذه الكؤوس وكأنّه يحاورها ويستأنس برأيها . وأثناء ذلك يتذكّر أحمد الدّفاتر الّتي في عهدته ، فراح يفكّر في كيفيّة استغلالها لمصلحة المدينة ومصلحته . انتبه له النّادل فتقدّم منه طالبا أن يخدمه. فيفاجئه احمد بمطالبته بحقيبة كان أودعها إيّاه قبل مغادرته المدينة منذ سنوات مرّت. هذه الحقيبة تحمل كلّ دفاتر المدينة هرع بها مظطهدون إلى أب أحمد ليحفظوها عنده وانتقلت إلى أحمد صدفة بعد موت أمّه حسرة على زوجها. وباتت الحقيبة منذ ذلك الوقت سرّا من أسرار المدينة. ويطالب بها أحمد في ذلك اليوم لتكون شاهدا مفصليّا سوف يرتكز عليه هو ومن هم في مثل وضعيّته لاسترداد حقوقهم.
رشدي الخميري/ تونس.
على ضفّة النّهر ، أنهت زينب شؤون منزلها ثمّ اتّخذت مكانا لتجلس وراحت تنتظر عودة حبيبها. كانت خائفة من أن يواجه أباها وأخويها ويجد منهما غلظة ومعاملة شريرة قد تغيّر مجرى أحداث قصّتها معه. أبوها متغطرس ولا يقبل إلاّ ما قد يتماشى مع مصلحته، وأخواها عضداه لا يعصيانه في أمر هو في نهايته يخدم مصلحتهما. لكنّها وفي بعض الأوقات كانت تطمئن نفسها أنّ أخاها الثالث قد يتدخّل لمساندتها وأحمد في مشروع زواجهما فهو يحبّها ويتمنّى لها حياة كريمة بعيدة عن عائلتها الّتي لم تكرمها ولم تحافظ على ما يجعلها سعيدة . كانت وهي تفكّر في الأمر تضع سيناريوهات عديدة لهذا اللّقاء. لم تكن مطمئنّة فهي تعرف عائلتها جدّا من جهة وقد خبرت طيبة أحمد من جهة أخرى.
طال انتظارها وزادت حيرتها أكثر فأكثر فهي لم تكن لها أيّ طريقة لتتواصل مع أحمد لتطمئنّ ولا يمكنها في وضعها الحالي أن تذهب لتزور أهلها وتتدخّل هي بنفسها. لزمت زينب مكانها مكتفيّة بالتّمني والدّعاء. ولكي تخفّف من وطأة ماهي فيه وقفت وراحت تتجوّل في مزرعتها وكأنّها تشكو حالها للنّباتات وللطّيور الّتي تسكن مدجنتها . أو كأنّها تسافر إلى خارج دائرة تفكيرها إلى أفكار تسكن بين المزروعات وفي قنّ طيورها فللنّبات عالم خاصّ ولا يدخله إلاّ مختصّ كما هو حال الطّيور وزينب تحسن التّعامل مع الطّيور ومع النّباتات. مرّ عليها وقت ليس بالقصير وهي من نبتة إلى أخرى تتفقدّها وتتعهّدها وبين طيورها تحاكيهم كما لو أنّهم يفهمونها أو يتفاعلون معها وبدا وكأنّها نسيت أمر أحمد وعائلتها حتّى أنّها نسيت احظار فطور الغداء . إلى حدّ ذلك الوقت يمضي أحمد وأصحابه وقتا صعبا في المقهى فقد اعترف لهم بعلاقة زينب بعائلة المحامي . تفاعلوا معه ودعوه إلى التّفكير الجدّيّ في كيفيّة مقاربة هذه المعظلة . فأيّ ردّة فعل غير مدروسة ستفسد كلّ شيء. وأيّ تفكير يخرج زينب من دائرة الحسابات هو تفكير فاشل ولا ينمّ عن عقلانيّة ولا عن انسانيّة. من هنا جاءت فكرة توطيد العلاقة مع المحامي الّذي بدا مختلفا عن بقيّة أفراد العائلة تلك. في نفس ذلك الوقت يجتمع أعضاء" جمعيّة مناصري المظلومين" وانتهوا إلى أنّ أحمد هو مفتاح عدّة قضايا عالقة في المدينة لذلك وجب توطيد العلاقة معه . يودّع الأصدقاء أحمد طالبين منه المحافظة على زينب ومواصلة الظّهور في المدينة حتّى يتسنّى لهم العمل معا لحلحلة مشكلاتهم في إطار جماعيّ يقوّيهم ويجمع حولهم كلّ المظلومين.
يبقى أحمد وحيدا في طاولته وكانت الكؤوس الفارغة فوقها تذكّره بمواقف أصدقائه وعزمهم على مساندته وشدّ أزره . شخص أحمد في هذه الكؤوس وكأنّه يحاورها ويستأنس برأيها . وأثناء ذلك يتذكّر أحمد الدّفاتر الّتي في عهدته ، فراح يفكّر في كيفيّة استغلالها لمصلحة المدينة ومصلحته . انتبه له النّادل فتقدّم منه طالبا أن يخدمه. فيفاجئه احمد بمطالبته بحقيبة كان أودعها إيّاه قبل مغادرته المدينة منذ سنوات مرّت. هذه الحقيبة تحمل كلّ دفاتر المدينة هرع بها مظطهدون إلى أب أحمد ليحفظوها عنده وانتقلت إلى أحمد صدفة بعد موت أمّه حسرة على زوجها. وباتت الحقيبة منذ ذلك الوقت سرّا من أسرار المدينة. ويطالب بها أحمد في ذلك اليوم لتكون شاهدا مفصليّا سوف يرتكز عليه هو ومن هم في مثل وضعيّته لاسترداد حقوقهم.
رشدي الخميري/ تونس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق