عراجين شكر وتقدير للشاعر طاهر مشي لهذه القراءة التي حظيتُ بها وديواني #وَمَضَتْ
جمال اللغة العربية في ديوان "وَمَضَتْ" للأديبة أحلام بن حورية
"الكلمات الثمينة حين تخرج من كهوف أصحابها تكون ملكاً للريح .. الشعراء لا يسترجعون كلماتهم" – (بدر العتيبي)
فالشعر لغة بليغة المقاصد للتعبير عن ذواتنا، وما يختلج في وجداننا، عن إنسانيتنا.. وأحلامنا التائهة. فهو الجمال الغموض وهو الحالات التي تنتاب القريحة لتبعث النشوة في القلوب.. فيمثل شلالا يتدفق من المشاعر ليحدث تفاعلا مفاجئا بين عناصر الطبيعة وبصيرة الإنسان وتِقنيات اللغة.
هنا أتحدث عن أدب بديع، نسافر فيه بنشوة ومتعة الغوص في مكامن الذات والبديهة، فبعد ديوانها الأول "مَجادلُ" هاهي الأديبة أحلام بن حورية تطالعنا بمنجز آخر بديع، لغة متقنة ومفردات عربية أصيلة، لتتميز في نحت لوحات شعرية ومشاهد إبداعية تسحبنا بها إلى أعماق النص الشعري متمعنين بروية ومتعطشين للجمال اللغوي والنحت المتقن بتقنيات إبداعية فريدة، حتى تشكل الديوان الثاني الموسوم ب "وَمَضَتْ"
هذا المنجز هو إضافة نوعية وفارقة في الساحة الأدبية، لأنه منجز دسم، بما فيه من جمالية في الوصف والتعبير بصور شعرية مميزة ومتفردة، حيث برزت مفاتن اللغة العربية جلية، بكل ما تحمل اللغة من معاني،
“الشعر هو فن جمع المتعة بالحقيقة”. (صمويل جونسون)
فهذا السفر الممتع، بين سطور شاعرتنا المبدعة، نكتشف الجمال، وحب اللغة في اختيار المفردات لترمي بنا في طريق مفتوح نسير فيه دون ملل ولا كلل، فكلما تقرأ أحد النصوص التي مزجت فيها عناصر الطبيعة بفنون اللغة إلا وتتوه في غياهب الكلمات والصور وننهل من هذا المنجز المزيد، فقد قالت في قصيدة لَمّا ابتَسَمَ
لمّا اِبتَسَمَ
أشرقَ الكوْنُ في عَينيّ
وأزهرتِ الفصولُ حواليّ
كان يحمل ربيعًا بين يديه
وشمسًا وهّاجَةً على شفتيه
وجدتُنِي أرتعشُ
وشذا الحدائق يرشفُني
وهو لا يزال هُنا
يمشي مختالًا في أزقّةِ مخيّلتي
مُقْبِلًا نَحوي ويبتَسِمُ
منهجية بديعة تحملنا الشاعرة في سفر ود لتشاركنا أحلامها ومشاعرها، فتلوذ الى معبد الحب، لتجد وتناجي الحبيب، بطريقة إبداعية فترسم لوحة متكاملة مستعينة بالطبيعة ورموزها فتجسد أشواقها ونوازعها في مناجاة حميمية، جسدتها بعفوية وبصدق المشاعر وعذوبتها، لتجسد القصيدة المشتهاة، وتكون الطبيعة رمزا أساسيا في لوحاتها الشعرية،
لقد تفاوتت نصوص هذا المنجز، ليشتمل على نصوص قصيرة وأخرى متوسطة، لكن هذا النمط من الكتابة مرتبط بالرسم والفكرة التي تخالج وجدان شاعرتنا فتجدها تجسدت في نصوص متفاوتة الطول، ومتنوعة المواضيع والتناول..
فلم تقتصر نصوصها على الحب، فقط بل كتبت عن الوطن، وعبرت عما تعانيه المرأة في البلدان العربية، وكتبت عن القضايا العربية وفي مطلعها قضية فلسطين العربية، في عدة قصائد..
إن التحكم في عناصر الشكل والمضمون والقدرات الأدبية الفنية للأديبة أحلام بن حورية، كانت فاصلا هاما في تميز نصوصها وثرائها الأدبي، لتشيد معبد الشعر الأصيل، وترسم القصيدة طائرا محلقا في السماء، يخفق بأجنحة الشعر الذهبية،
هذا الديوان هو اشراقة نور، بأنامل الأديبة أحلام بن حورية، ليجوب الساحة الإبداعية، وقد نالني شرف مصافحة هذا المنجز، لأرتشف من لبه المصون،
لتشرق القصيدة، وهذه الفصاحة البليغة،
فقد تشكلت قصائدها بكل مكوناتها الإبداعية، من عاطفة وفكرة مجندة كل الحواس والفكر الباطني، لينسج خيالها بأساليب أدبية، ونظم متقن، وتيمات متنوعة.. منجز متكامل البنيان، فيه نصيب لكل المتعطشين للكلمة، واللغة العربية الأم،
هذا المنجز فيه العديد من الأبواب التي يدخل منها المبدعون لساحة القصيدة وفن الشعر العربي الأصيل..
تمنياتي لأديبتنا التوفيق الدائم.
الشاعر الطاهر مشي/تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق