قصة قصيرة
الشك يا حبيبي ::
*************
كان حبه لها غير عادي ،
أسلمها روحه بشكلٍ جدي ،
قدم لها كل ما يؤكد حبه العميق لها،
وقد بادلته كل مشاعر الحُب ،
لم يكن يتصور يوما أنه يستطيع أن يتحمل غيابها عن عينيه ولو للحظة واحدة ، كان يشعر بعمق حبها له ، وبادلته الشعور ذاته ، كان يغار عليها من نسمة الهواء ومن زهور السوسن أن تُنافس جمالها ، فكان لا يرى في الورود قيمةً إن لم تُزين به خصلاتٍ من شعرها الهارب على كتفيها ويُظلل جبينها وجيدها الذي تتلألأ بحبات الزمرد من حوله ، لم يطرب يوماً لزقزقة العصافير ولا لتغريد البلابل فكان يكفيه صوتها الملائكي ، فينعش قلبه وفكره ويشعل شوقه لها .
أحبها بكل تفاصيلها واستمتع بملامسة كفيها وهو يكتب بأصبعه عليها (أحبك ) و مغازلة أصابعها و مداعبة شفتيها ، سحره لون عيناها العسليتان و كأنه الشهد الذي آتاه من بريقهما الذي لم يسمح له بأن يغفُ لحظة عن النظر إليها و تأمل رموشها التي تمتد كالسهام تخترق جدار قلبه لتُغذيه بعشقٍ لم يسبق لأحدٍ أن تغذى به .
كان يعشق حضنها فلم يبخل عليها بحضنه وبقُبَلِهِ وقلبه الدافئ ، فكان هو بكله لها ، وكان يشعر بأنها تبادله ذات الأحساس والشعور .
بدأ يشعر وكأن وقود العواطف وشعلة حبها بدأت تخفت حدته شيئاً فشيء ،فلم يعُد يشعر بدفء يديها ، وتراجع تراقص أصابعها بين أصابعه ، وتضاءلت حماسة و شهوة اللقاءات ، وكأن شيئاً غريباً مس عواطفهما .
كان يجتاحها نفس الشعور بعد أن غادرا احتفالا دُعيا إليه وتراقصا مع تلك وذاك وألائك الأصدقاء فبدأ يدور في خُلدِ كل منهما سؤال مجنون وهو ( شو اللي صار ) ؟ وماذا جرى ؟ .
لم يُحاول أيٍّ منهما أن يسأل الآخر هذا السؤال ، فكانا يتبادلان أطراف الحديث بفتورٍ ، ولم تعُد الأصابع تُداعب خصلات شعر كل منهما ، كان السؤال المجنون يسري كالسُم في خلايا عقل كل منهما ، يحاولان أن يجدا جواباً له يفسر لهما سبب تراخي ثورة وعنفوان حُبهما ، فكان الشك هو الجواب .
الشك الذي أخذ يتسلل لقلب كل منهما وأستوطنهما فأصبحا يعيشان حالة الأرق من التوتر النفسي وكل منهما يأخذه تفكيره إلى أعماق الظن والشك ، فأصبحت الضحكات باهتة متراخية كحال سِكيرٍ أضناه الشُرب وطول السهر ، ذبلت العيون وتراخت الجفون على العيون كظلال غيومٍ سوداء ، فخفت بريقها وتشوشت رؤياها وانطفأت غمزاتها ، وكأن كل منهما أصابه مسٌ من الجنون الذي أنشأه ذاك السؤال المجنون ، فكان للشك أن أستوطن عقل كلٍ منهما .
د. عز الدين حسين أبو صفية ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق