خواطر وتأملات سليمان ... ( ١٨٠٩ )
حين كنا طلبة ندرس الدروس طول العام في المدارس أو الجامعات لم يكن يرعبنا الامتحان بقدر ما كان يرعبنا أكثر ، يوم يقولون النتيجة اليوم ، ونذهب وكلنا خوف ممتزج بالرجاء أن نكون من الناجحين ....
وما أن تنظر في الجمع الغفير من الطلبة أو أولياء الأمور الا وتجد هذا يرقص فرحا ويتلقى التهاني والقبلات ،
والآخر قد انزوى دافنا راسه بين يديه يبكي وولي أمره ينوح بجانبه باكيا على عام ذهب سدى بما فيه من إنفاق على الدروس طول العام وخلافه ...
مشهد تراه أعيننا ونقول أننا تعودناه في كل عام ، وأما حين تذكر القبر والملكين ينزلان ليسألان الميت إلا وتجد من يتمعر وجهه ويلوي عنقه اعتراضا ورفضا لما يسمع ...
سبحان الله ، لو انمت أبناءك اخوين في مضجع واحد واطفئت عليهما النور وذهبا يغطان في نوم عميق طول الليل ، ثم يأتينك في الصباح يقول أحدهما رأيت رؤية وانا أنعم فيها ومعي عروس لا أعرفها ولكنها جميلة لم تفارقني طول الليل ....
وهذا أخيه الذي كان بجانبه يأتيك مكفهر الوجه كئيب الطلعة يحكى لك كابوسا مفزعا وأن أحدهم يتربصه ليقتله أو أنه يهوى من جبل عال ، وقد تجد عليه آثار وعلامات في جسده وكأنه كان يضرب بالفعل ...
صدقنا هذين الأخوين فيما يحكيان ، ثم ننكر أن القبر فيه الميتين بجانب بعضهما هذا ينعم بنعيم الجنة ، وذاك يعذب بعذاب أهل النار ...
رؤية الدنيا صدقناها ، ونعيم القبر وعذابه كذبناه ... !!!
للأسف هناك جهالة غريبة بل وجحود وإنكار من كثير من الناس ، وتجد أن غالبية المنكرين أو الجاحدين لا ينظرون إلى القبر إلا نظرة ضيقة وأنه حفرة تعبث فيها الديدان والحشرات وقد اطبق عليه الصمت والظلام إلى ما لا نهاية ...
ويقتنعون أن يكون لحياة أحدهم في الدنيا امتحان ونتيجة وبرفضها إذا قلنا القبر وما فيه ...
سليمان النادي
٢٠٢٤/١١/١٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق