حبل الوصال ٥
يدخل أحمد مقرّ "جمعيّة مناصرة المظلومين " وأراد أن يقدّم نفسه ثم يستفسر عن سبب سؤال الجمعيّة عنه. وقبل أن ينبس ببنت كلمة يستقبله أحدهم هناك مناديا إيّاه باسمه وملقّبا إيّاه ب"أمل" البلد . يستغرب أحمد وتغمره ارتعاشة ويتصبّب جبينه عرقا من الحياء حتّى أنّه كان يومئ برأسه دون أن يعرف لماذا هذا اللّقب وكيف عرف السّيد الّذي استقبله اسمه وهو الغائب عن البلد منذ مدّة طويلة. يدعوه السّيد إلى الجلوس ويأمر له بقهوة أو ما يريد أحمد أن يشرب. لكنّ أحمد يعتذر لأنّه شرب قهوة قبل قليل ولا رغبة له في شيء آخر وما يطلبه فقط من مضيّفه هو أن يشرح له سبب بحثهم عنه وما طبيعة عمل هذه الجمعيّة. يقدّم السّيد نفسه على أنّه أحد الأعضاء المؤسّسين للجمعيّة وأنّ عمل الجمعيّة ولد من رحم معاناة المواطنين في هذا البلد . لا رغبة لهم في مال ولا جاه. فقط ما يدفعهم لهذا النّشاط هو مناصرة النّاس في قضاياهم وتوحيد تحرّكاتهم حتّى يتجنّبوا فوضى ردود الأفعال هنا وهناك وحتّى يعطوا مشروعيّة لهذه التّحركات ثمّ يضيف عضو الجمعيّة أنّهم يستمدّون مشروعيّتهم من شرعيّة القضايا الّتي يطرحونها ومن التفاف المواطنين الشّرفاء حول هذه القضايا بغضّ النّظر عن مواقعهم وما يمثّلونه في الواقع. المهمّ لديهم هو أن يؤمن كلّ فرد من المنخرطين أنّ الحقوق لا تضيع طالما وراءها من يطلبها بشرعيّة وفي إطار يؤمن بهذه الشّرعيّة وبعيدا عن الزّيف والخلط. أمّا عن تسمية أحمد بالأمل فلأنّ والده " رحمه اللّه" هو أوّل شخص ناهض الظّلم وصارعه في هذه البلدة وقد تخلّص منه المستبدّون كي لا يذيع صيته وتستيقض الهمم لتشدّ أزره وبذلك يفلت عن المستبدّين فرصة نيل مبتغاهم في المدينة. أحمد هو أمل الضّعفاء لأنّ لديه ملفّاة ورثها عن أبيه تثبت حقوق النّاس وتدين كلّ مغتصب نجا بفعلته في الماضي. لذلك بحثت الجمعيّة عن أحمد فهم أرادوا مناصرته لاسترداد ما سلب منه من جهة وللاستفادة من الملفاة الّتي بحوزته حتّى يطالبوا من خلالها بحقوق أهلها ويدينوا كلّ من اغتصب هذه الحقوق. يستعيد أحمد بعد هذه الايضاحات نفسه وقد شدّه كثيرا ما سمعه من الجمعيّة وقبل أن يعطي أيّ رأي بقبول التّعاون معهم أو رفضه ، طلب منهم أن يأخذ مهلة للتّفكير . شكر أحمد مضيّفة على الحفاوة الّتي لقيها منه وأخبره أنّه لن يغيب عنه طويلا ليعطيه موقفه. عند ذلك رافقه السيّد إلى خارج مقرّ الجمعيّة فهو أيضا سيغادر إلى مشاغل أخرى لكنّهما توقّفا لبعض الدّردشة في الشّارع قبل الافتراق. ويمرّ أحمد من جديد أمام مقهاه القديمة في طريق عودته إلى حبيبته فيناديه النّادل:" سيدي أحمد..سيدي احمد ، دقيقة من فضلك" فيستجيب أحمد :" تفضّل صديقي ..هل نسيت أن أدفع ثمن قهوتي؟ " يردّ النّادل:" لا..لا أنّما أردت أن أخبرك أنّ السّيد الّذي كنت بصدد الحديث معه هو الّذي سأل عنك في المرّة الفارطة وهو بعينه من تحدّث عن غياب أخته الّتي سمّاها زينب" فيقف أحمد مشدوها ويسأل النّادل بغضب كتمه أو هي الحسرة " لماذا لم تنبّهني ؟" يعتذر منه النّادل قائلا :" كنت بعيدا عنّي بعض الشّيء ولم يكن باستطاعتي الخروج من المقهى" فيربت احمد على كتف صديقه " لا عليك المهمّ أنّني عرفته وشكرا جزيلا لك يا صديقي " ثمّ يودّعه على أمل اللقاء قريبا. وتأخذ أحمد قدماه إلى ضفّتي النّهر دون وعي منه بمساره لأنّ تفكيره حينها كان يضع خطّة للحديث مع أخ زينب ثمّ يأتي بغيرها دون أن يصل لفكرة نهائيّة . تواصل تفكيره في الجمعيّة وفي اخ زينب حتّى استقبلته زينب في بيتهما على ضفّة النّهر.
رشدي الخميري/ تونس
يدخل أحمد مقرّ "جمعيّة مناصرة المظلومين " وأراد أن يقدّم نفسه ثم يستفسر عن سبب سؤال الجمعيّة عنه. وقبل أن ينبس ببنت كلمة يستقبله أحدهم هناك مناديا إيّاه باسمه وملقّبا إيّاه ب"أمل" البلد . يستغرب أحمد وتغمره ارتعاشة ويتصبّب جبينه عرقا من الحياء حتّى أنّه كان يومئ برأسه دون أن يعرف لماذا هذا اللّقب وكيف عرف السّيد الّذي استقبله اسمه وهو الغائب عن البلد منذ مدّة طويلة. يدعوه السّيد إلى الجلوس ويأمر له بقهوة أو ما يريد أحمد أن يشرب. لكنّ أحمد يعتذر لأنّه شرب قهوة قبل قليل ولا رغبة له في شيء آخر وما يطلبه فقط من مضيّفه هو أن يشرح له سبب بحثهم عنه وما طبيعة عمل هذه الجمعيّة. يقدّم السّيد نفسه على أنّه أحد الأعضاء المؤسّسين للجمعيّة وأنّ عمل الجمعيّة ولد من رحم معاناة المواطنين في هذا البلد . لا رغبة لهم في مال ولا جاه. فقط ما يدفعهم لهذا النّشاط هو مناصرة النّاس في قضاياهم وتوحيد تحرّكاتهم حتّى يتجنّبوا فوضى ردود الأفعال هنا وهناك وحتّى يعطوا مشروعيّة لهذه التّحركات ثمّ يضيف عضو الجمعيّة أنّهم يستمدّون مشروعيّتهم من شرعيّة القضايا الّتي يطرحونها ومن التفاف المواطنين الشّرفاء حول هذه القضايا بغضّ النّظر عن مواقعهم وما يمثّلونه في الواقع. المهمّ لديهم هو أن يؤمن كلّ فرد من المنخرطين أنّ الحقوق لا تضيع طالما وراءها من يطلبها بشرعيّة وفي إطار يؤمن بهذه الشّرعيّة وبعيدا عن الزّيف والخلط. أمّا عن تسمية أحمد بالأمل فلأنّ والده " رحمه اللّه" هو أوّل شخص ناهض الظّلم وصارعه في هذه البلدة وقد تخلّص منه المستبدّون كي لا يذيع صيته وتستيقض الهمم لتشدّ أزره وبذلك يفلت عن المستبدّين فرصة نيل مبتغاهم في المدينة. أحمد هو أمل الضّعفاء لأنّ لديه ملفّاة ورثها عن أبيه تثبت حقوق النّاس وتدين كلّ مغتصب نجا بفعلته في الماضي. لذلك بحثت الجمعيّة عن أحمد فهم أرادوا مناصرته لاسترداد ما سلب منه من جهة وللاستفادة من الملفاة الّتي بحوزته حتّى يطالبوا من خلالها بحقوق أهلها ويدينوا كلّ من اغتصب هذه الحقوق. يستعيد أحمد بعد هذه الايضاحات نفسه وقد شدّه كثيرا ما سمعه من الجمعيّة وقبل أن يعطي أيّ رأي بقبول التّعاون معهم أو رفضه ، طلب منهم أن يأخذ مهلة للتّفكير . شكر أحمد مضيّفة على الحفاوة الّتي لقيها منه وأخبره أنّه لن يغيب عنه طويلا ليعطيه موقفه. عند ذلك رافقه السيّد إلى خارج مقرّ الجمعيّة فهو أيضا سيغادر إلى مشاغل أخرى لكنّهما توقّفا لبعض الدّردشة في الشّارع قبل الافتراق. ويمرّ أحمد من جديد أمام مقهاه القديمة في طريق عودته إلى حبيبته فيناديه النّادل:" سيدي أحمد..سيدي احمد ، دقيقة من فضلك" فيستجيب أحمد :" تفضّل صديقي ..هل نسيت أن أدفع ثمن قهوتي؟ " يردّ النّادل:" لا..لا أنّما أردت أن أخبرك أنّ السّيد الّذي كنت بصدد الحديث معه هو الّذي سأل عنك في المرّة الفارطة وهو بعينه من تحدّث عن غياب أخته الّتي سمّاها زينب" فيقف أحمد مشدوها ويسأل النّادل بغضب كتمه أو هي الحسرة " لماذا لم تنبّهني ؟" يعتذر منه النّادل قائلا :" كنت بعيدا عنّي بعض الشّيء ولم يكن باستطاعتي الخروج من المقهى" فيربت احمد على كتف صديقه " لا عليك المهمّ أنّني عرفته وشكرا جزيلا لك يا صديقي " ثمّ يودّعه على أمل اللقاء قريبا. وتأخذ أحمد قدماه إلى ضفّتي النّهر دون وعي منه بمساره لأنّ تفكيره حينها كان يضع خطّة للحديث مع أخ زينب ثمّ يأتي بغيرها دون أن يصل لفكرة نهائيّة . تواصل تفكيره في الجمعيّة وفي اخ زينب حتّى استقبلته زينب في بيتهما على ضفّة النّهر.
رشدي الخميري/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق