راشق أفندي
بقلم الشاعر حمدي عبدالقادر
راشق أفندي من الطبقةِ ميسورةِ الحالِ كما يقولون يعملُ موظفًا بالقطاعِ العام ، ثم سافرَ إلي إحدى الدول الخليجية ، ومكثَ بها خمس سنوات ليعودَ بعدها ،وكل أملهِ أنْ ينالَ مركزًا مرموقًا في أي مكان وشعارهُ (عيشْ طبالًا تأخدْ أكثر وتعلُ أكثر) . فاضتْ نفسُ زوجتهِ بأحاسيسِ الحزنِ ؛وهي ترى زوجها يتملْقُ منْ حوله ؛ ليصل لمبتغاه ؛ جلستْ إليهِ ناصحةً ، وهي تتوددُ إليهِ ، واضعةً ذراعها حول كتفهِ ،مُودعةً قُبْلةً حانيةً على خدهِ ؛ وكأنها تُفضِي إليهِ بأحدِ الأسرارِ الهامةِ ؛ وما أنْ تهيأ نفسيًا لاستقبالِ ذاك الخبر الهام حتى أبدتْ لهُ بما جال في خاطرِها من أمرِهِ ؛ لكنهُ تَقَبَلَ مِنْهَا الكلامَ كأمرٍ واقعٍ معروفٍ ؛ فقالتْ مندهشةً وأنتَ راضٍ عنْ نَفْسِكَ وأنتْ تُهِينَها هكذا ؛فقالَ بهدوءٍ يُحْسَدُ عليهِ : طبعًا قمة الرضا . فقالتْ ببسمةٍ تسترُ شَفَقَتُها ولماذا ؟ قالَ: مِنْ وِجهَةِ نَظَرِكِ أَنهُ نِفاق ؛ لكنهُ في واقعِ الأمرِ ممكن تُسميه تَبادل منافع مصالح مشتركة ؛ هؤلاء يحبون أنْ ينافِقَهُم غَيرَهُم ونحن نسترزق ،والرزق يُحبُ الخِفية .
قالتْ وهي تُحاول أنْ تتمالك أعصابها :وهلْ مِنْ الخفية أنْ تبقى طيلة وقتك تُلمعُ في مديرِك ، وتتغافلُ عن أخطائهِ ، وكلامهُ يبقى حِكَمْ، ورأيهُ فَرِيدٌ ،وقرارهُ سديد ٌ؟
وهلْ مِنْ الخفيةِ أنْ تَتَنازلَ عنْ قيمك عنْ مبادِئك ؛أنْ تنْزِلَ بِمُستواك لمستنقعِ النفاقِ وجُبِ التملقِ ؟
قالَ مبررًا: ألا تنظرين إلينا ؟! بتملقنا السادةَ وذوِيهم وبناتِهم وبَنِيهم ، لا فرقَ بيننا وبينهم كلٌ له حقٌ في الكعكةِ .
ياعزيزتي ، فعلتُ ذالك لتنمو أموالنُا ، ونربي أولادَنا ، والحياة تبقى آخر حلاوة .
ثمْ جلسَ على مكتبهِ يرتشفُ فنجانَ قهوتهِ وهويحاولُ إقْناعها بوجهِة نظرهِ ؛ وعيناهُ تنظران إلى صورةِ سيدهِ رئيس مجلس الادارة قائلًا: ياعزيزتي ،لا تكابري اليوم أرض الصدقِ والمبادئ والقيمِ بورٌ.
هل تعرفين ما معنى بور؟
يعني بالبلدي ميجبش همه ؛ جفَ الزرعُ فيها ياعزيزتي ، وأرضُ النفاقِ اليوم حُبْلي بكلِ ما تَشتهي النفسُ الخبيثةُ .
نظرتْ إلى سوادِ كلامهِ كسوادِ خُلقهِ ثمْ قالتْ غاضبةً : أنتَ وأمثالك كلامُكم كألوانِكم معجونٌ بماءٍ غابرٍ منْ جُبِ حبُ الذاتِ ؛ ومطهي بنارِ تملق القومِ ،ومقطعٌ بسكينِ الأنا ، ومحلى بالترهاتِ ؛ بعد إِذْنِك لو كنتَ تريدني وتريدُ أولادَك ؛ أفقْ منْ غفوتِك ، وعدْ لقيمِك ومبادِئك .
مسحَ الترابَ عنْ صورةِ سيدهِ ثمْ قبلها ، وهويقولُ : ربنا يُباركُ لنا فيهُ ؛ لولاه كان زماني في الشارعِ ؛ لكني اليوم منْ رِجالهِ المقربين ، وقريبًا سأكونُ له الرجل الأول واليد اليمني
قالتْ : حرامٌ عليك ارحمني وارحمْ نفسْك ؛ لنْ تموتَ نفسٌ حتى تستوفي رزقها وأجلها .
اطلقْ العنانَ لرُوحك ، وفكْ قيودَالذلِ عنْها ؛ الحرُلا يرضى بالهوانِ.
لم يمر عامٌ حتى كانَ يُحاكم في قضيةِ فسادٍ كُبرى كان فيها المتهم الثاني بعد سيده
أما زوجته فكانتْ قدْ ............

بقلم الشاعر حمدي عبدالقادر
راشق أفندي من الطبقةِ ميسورةِ الحالِ كما يقولون يعملُ موظفًا بالقطاعِ العام ، ثم سافرَ إلي إحدى الدول الخليجية ، ومكثَ بها خمس سنوات ليعودَ بعدها ،وكل أملهِ أنْ ينالَ مركزًا مرموقًا في أي مكان وشعارهُ (عيشْ طبالًا تأخدْ أكثر وتعلُ أكثر) . فاضتْ نفسُ زوجتهِ بأحاسيسِ الحزنِ ؛وهي ترى زوجها يتملْقُ منْ حوله ؛ ليصل لمبتغاه ؛ جلستْ إليهِ ناصحةً ، وهي تتوددُ إليهِ ، واضعةً ذراعها حول كتفهِ ،مُودعةً قُبْلةً حانيةً على خدهِ ؛ وكأنها تُفضِي إليهِ بأحدِ الأسرارِ الهامةِ ؛ وما أنْ تهيأ نفسيًا لاستقبالِ ذاك الخبر الهام حتى أبدتْ لهُ بما جال في خاطرِها من أمرِهِ ؛ لكنهُ تَقَبَلَ مِنْهَا الكلامَ كأمرٍ واقعٍ معروفٍ ؛ فقالتْ مندهشةً وأنتَ راضٍ عنْ نَفْسِكَ وأنتْ تُهِينَها هكذا ؛فقالَ بهدوءٍ يُحْسَدُ عليهِ : طبعًا قمة الرضا . فقالتْ ببسمةٍ تسترُ شَفَقَتُها ولماذا ؟ قالَ: مِنْ وِجهَةِ نَظَرِكِ أَنهُ نِفاق ؛ لكنهُ في واقعِ الأمرِ ممكن تُسميه تَبادل منافع مصالح مشتركة ؛ هؤلاء يحبون أنْ ينافِقَهُم غَيرَهُم ونحن نسترزق ،والرزق يُحبُ الخِفية .
قالتْ وهي تُحاول أنْ تتمالك أعصابها :وهلْ مِنْ الخفية أنْ تبقى طيلة وقتك تُلمعُ في مديرِك ، وتتغافلُ عن أخطائهِ ، وكلامهُ يبقى حِكَمْ، ورأيهُ فَرِيدٌ ،وقرارهُ سديد ٌ؟
وهلْ مِنْ الخفيةِ أنْ تَتَنازلَ عنْ قيمك عنْ مبادِئك ؛أنْ تنْزِلَ بِمُستواك لمستنقعِ النفاقِ وجُبِ التملقِ ؟
قالَ مبررًا: ألا تنظرين إلينا ؟! بتملقنا السادةَ وذوِيهم وبناتِهم وبَنِيهم ، لا فرقَ بيننا وبينهم كلٌ له حقٌ في الكعكةِ .
ياعزيزتي ، فعلتُ ذالك لتنمو أموالنُا ، ونربي أولادَنا ، والحياة تبقى آخر حلاوة .
ثمْ جلسَ على مكتبهِ يرتشفُ فنجانَ قهوتهِ وهويحاولُ إقْناعها بوجهِة نظرهِ ؛ وعيناهُ تنظران إلى صورةِ سيدهِ رئيس مجلس الادارة قائلًا: ياعزيزتي ،لا تكابري اليوم أرض الصدقِ والمبادئ والقيمِ بورٌ.
هل تعرفين ما معنى بور؟
يعني بالبلدي ميجبش همه ؛ جفَ الزرعُ فيها ياعزيزتي ، وأرضُ النفاقِ اليوم حُبْلي بكلِ ما تَشتهي النفسُ الخبيثةُ .
نظرتْ إلى سوادِ كلامهِ كسوادِ خُلقهِ ثمْ قالتْ غاضبةً : أنتَ وأمثالك كلامُكم كألوانِكم معجونٌ بماءٍ غابرٍ منْ جُبِ حبُ الذاتِ ؛ ومطهي بنارِ تملق القومِ ،ومقطعٌ بسكينِ الأنا ، ومحلى بالترهاتِ ؛ بعد إِذْنِك لو كنتَ تريدني وتريدُ أولادَك ؛ أفقْ منْ غفوتِك ، وعدْ لقيمِك ومبادِئك .
مسحَ الترابَ عنْ صورةِ سيدهِ ثمْ قبلها ، وهويقولُ : ربنا يُباركُ لنا فيهُ ؛ لولاه كان زماني في الشارعِ ؛ لكني اليوم منْ رِجالهِ المقربين ، وقريبًا سأكونُ له الرجل الأول واليد اليمني
قالتْ : حرامٌ عليك ارحمني وارحمْ نفسْك ؛ لنْ تموتَ نفسٌ حتى تستوفي رزقها وأجلها .
اطلقْ العنانَ لرُوحك ، وفكْ قيودَالذلِ عنْها ؛ الحرُلا يرضى بالهوانِ.
لم يمر عامٌ حتى كانَ يُحاكم في قضيةِ فسادٍ كُبرى كان فيها المتهم الثاني بعد سيده
أما زوجته فكانتْ قدْ ............

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق