السبت، 7 نوفمبر 2015

راشق أفندي بقلم الشاعر حمدي عبدالقادر

راشق أفندي
بقلم الشاعر حمدي عبدالقادر

راشق أفندي من الطبقةِ ميسورةِ الحالِ كما يقولون يعملُ موظفًا بالقطاعِ العام ، ثم سافرَ إلي إحدى الدول الخليجية ، ومكثَ بها خمس سنوات ليعودَ بعدها ،وكل أملهِ أنْ ينالَ مركزًا مرموقًا في أي مكان وشعارهُ (عيشْ طبالًا تأخدْ أكثر وتعلُ أكثر) . فاضتْ نفسُ زوجتهِ بأحاسيسِ الحزنِ ؛وهي ترى زوجها يتملْقُ منْ حوله ؛ ليصل لمبتغاه ؛ جلستْ إليهِ ناصحةً ، وهي تتوددُ إليهِ ، واضعةً ذراعها حول كتفهِ ،مُودعةً قُبْلةً حانيةً على خدهِ ؛ وكأنها تُفضِي إليهِ بأحدِ الأسرارِ الهامةِ ؛ وما أنْ تهيأ نفسيًا لاستقبالِ ذاك الخبر الهام حتى أبدتْ لهُ بما جال في خاطرِها من أمرِهِ ؛ لكنهُ تَقَبَلَ مِنْهَا الكلامَ كأمرٍ واقعٍ معروفٍ ؛ فقالتْ مندهشةً وأنتَ راضٍ عنْ نَفْسِكَ وأنتْ تُهِينَها هكذا ؛فقالَ بهدوءٍ يُحْسَدُ عليهِ : طبعًا قمة الرضا . فقالتْ ببسمةٍ تسترُ شَفَقَتُها ولماذا ؟ قالَ: مِنْ وِجهَةِ نَظَرِكِ أَنهُ نِفاق ؛ لكنهُ في واقعِ الأمرِ ممكن تُسميه تَبادل منافع مصالح مشتركة ؛ هؤلاء يحبون أنْ ينافِقَهُم غَيرَهُم ونحن نسترزق ،والرزق يُحبُ الخِفية .
قالتْ وهي تُحاول أنْ تتمالك أعصابها :وهلْ مِنْ الخفية أنْ تبقى طيلة وقتك تُلمعُ في مديرِك ، وتتغافلُ عن أخطائهِ ، وكلامهُ يبقى حِكَمْ، ورأيهُ فَرِيدٌ ،وقرارهُ سديد ٌ؟
وهلْ مِنْ الخفيةِ أنْ تَتَنازلَ عنْ قيمك عنْ مبادِئك ؛أنْ تنْزِلَ بِمُستواك لمستنقعِ النفاقِ وجُبِ التملقِ ؟
قالَ مبررًا: ألا تنظرين إلينا ؟! بتملقنا السادةَ وذوِيهم وبناتِهم وبَنِيهم ، لا فرقَ بيننا وبينهم كلٌ له حقٌ في الكعكةِ .
ياعزيزتي ، فعلتُ ذالك لتنمو أموالنُا ، ونربي أولادَنا ، والحياة تبقى آخر حلاوة .
ثمْ جلسَ على مكتبهِ يرتشفُ فنجانَ قهوتهِ وهويحاولُ إقْناعها بوجهِة نظرهِ ؛ وعيناهُ تنظران إلى صورةِ سيدهِ رئيس مجلس الادارة قائلًا: ياعزيزتي ،لا تكابري اليوم أرض الصدقِ والمبادئ والقيمِ بورٌ.
هل تعرفين ما معنى بور؟
يعني بالبلدي ميجبش همه ؛ جفَ الزرعُ فيها ياعزيزتي ، وأرضُ النفاقِ اليوم حُبْلي بكلِ ما تَشتهي النفسُ الخبيثةُ .
نظرتْ إلى سوادِ كلامهِ كسوادِ خُلقهِ ثمْ قالتْ غاضبةً : أنتَ وأمثالك كلامُكم كألوانِكم معجونٌ بماءٍ غابرٍ منْ جُبِ حبُ الذاتِ ؛ ومطهي بنارِ تملق القومِ ،ومقطعٌ بسكينِ الأنا ، ومحلى بالترهاتِ ؛ بعد إِذْنِك لو كنتَ تريدني وتريدُ أولادَك ؛ أفقْ منْ غفوتِك ، وعدْ لقيمِك ومبادِئك .
مسحَ الترابَ عنْ صورةِ سيدهِ ثمْ قبلها ، وهويقولُ : ربنا يُباركُ لنا فيهُ ؛ لولاه كان زماني في الشارعِ ؛ لكني اليوم منْ رِجالهِ المقربين ، وقريبًا سأكونُ له الرجل الأول واليد اليمني
قالتْ : حرامٌ عليك ارحمني وارحمْ نفسْك ؛ لنْ تموتَ نفسٌ حتى تستوفي رزقها وأجلها .
اطلقْ العنانَ لرُوحك ، وفكْ قيودَالذلِ عنْها ؛ الحرُلا يرضى بالهوانِ.
لم يمر عامٌ حتى كانَ يُحاكم في قضيةِ فسادٍ كُبرى كان فيها المتهم الثاني بعد سيده
أما زوجته فكانتْ قدْ ............


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق