خِتَانُ المَوت:
قصّة قصيرة بقلم الأستاذ محمد جعيجع من الجزائر 15 آذار"مارس" 2020
تَلَقَّتْ مَزْبَلَةُ الحَيِّ بِدَايَةَ شَهْرِ آذَارْ "مَارِسْ" عَامَ أَلْفَيْنِ وَعِشْرِينَ لِلْمِيلَادِ دَعْوَةً لِحُضُورِ حَفْلِ خِتَانٍ أُقِيمَتْ لِأَحَدِ صِيصَانِ دِيكٍ مُغْتَرِبٍ بِمَزْبَلَةٍ بِضَوَاحِي مَدِينَةِ "بَارِيسْ" الفِرَنْسِيَةِ، والَّذِي يَحْمِلُ التَّرْقِمَ تِسْعَةَ عَشَرَ (19) والمُسَمَّى "Coq19" المَولُودِ شَهْرَ يَنَايِّرْ "جَانْفِي" مِنْ نَفْسِ العَامِ. اِسْتَلَمَ الدَّعْوَةَ خَالُهُ "فَرُوجْ" المُقِيمُ بِمَزْبَلَةِ القَرْيَةِ شَمَالَ قَارَّةِ اِفْرِيقْيَا، وَطَبْعًا لَبَّى الدَّعْوَةَ بِحُضُورِ الحَفْلِ؛ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفُضُ دَعْوَةً كَهَاتِهِ؟! ...
رَجِعَ "فَرُوجُ" عَائِدًا إِلَى مَوْطِنِهِ الأَصْليِّ مُنْبَهِرًا مِمَّا شَاهَدَهُ وَلَمَسَهُ مِنْ حَضَارَةٍ وَتَقَدُّمٍ وَرُقِيٍّ وَازْدِهَارٍ بَعْدَ رِحْلَةٍ دَامَتْ بِضْعَةَ أَيَّامٍ، حَيْثُ دَفَعَتْهُ دَهْشَتُهُ إِلَى سَرْدِ مَا جَرَى مِنْ أحْدَاثٍ خِلَالَ حَفْلِ الخِتَانِ وَوَصْفِّ مَا رَآهُ خَارِجَهُ. اِنْهَالَ عَلَيْهِ جُمُوعُ المُهَنِئِينَ لَهُ بِالسَّلَامَةِ والفُضُولِيينَ والمُتَشَدِّقِينَ، فَثُلَّةٌ تَرُوحُ وَأُخْرَى تَجِيءُ وَهُوَ ثَمِلٌ مِنْ سِحْرِ مَا رَأَى مُسْتَرْسِلًا حَدِيثَهُ وَكَأَنَّهُ قَدْ اِعْتَلَى خَشَبَةَ مَسْرَحٍ تَفْتَقِدُهُ المَزْبَلةُ ...
مَا هِي إِلَّا أَيَّامٌ مَعْدُودَاتٌ لِتَظْهَرَ أَعْرَاضُ مَرَضٍ؛ حُمَّى وَجَفَافٌّ فِي الحَلْقِ وَسُعَالٌ يَصْحَبُهُ ضِيقٌ فِي التَّنَفُّسِ عَلَى العَائِدِ مِنَ البِقَاعِ المُدَنَّسَةِ "فَرُوجْ"، تَفَطَّنَ لَهُ حَلَّاقُ المَزْبَلَةِ الّذِي كَانَ يُمَارِسُ التَّطْبِيبَ وَالعِطَارَةَ إِضَافَةً إِلَى الحِلَاقَةِ، حَيْثُ نَقَلَ عَلَى جَنَاحِ السُّرْعَةِ الأَمْرَ إِلَى شَيْخِ المَزْبَلَةِ "سَرْدُوكْ"، مُقَدِّمًا حُلُولًا اِسْتِعْجَالِيَةً بَعْدَ أَنْ أَبْدَى عَجْزَهُ لِلشَّيْخِ مُقْتَرِحًا الحَجْرَ الصِّحِّيَّ. وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ الخَبَرُ حَقَّهُ كَامِلًا مِنْ عِلَاكٍ وَتَشَاوُّرٍ اِنْتَفَضَ الشَّيْخُ صَادِحًا :
لَقِيتُ عَلَى النَبَأْ قَلْبًا أَمِينَا...
يَرَى خَطَرًا بِعَيْنِهِ يَقِينَا
رَأَيْتُ بِهِ خُطُوبًا وَاحْتِمَالًا...
كَمَوْجٍ صَاعِدٍ غَمَرَ السَّفِينَا
فَشُكْرًا لِلرَّسُولِ عَنَّا وَلِينَا...
عَلَى إِفْشَائِهِ السِّرَ الدَّفِينَا
وَبَاءٌ قَدْ غَزَى وَأَضْحَى وَبَالًا...
جَمِيعَ الدُّورِ دَارَ الغَافِلِينَا
عَلَيْنَا أَخْذُ حِيطَةٍ لَا نُسَلِّمْ...
عَلَى بَعْضٍ وَلَا تُقَرِّبْ إِلَيْنَا
وَتَعْقِيمُ اليَدَيْنِ غَسْلًا مَثِيلًا...
دَوَامُ الغُسْلِ فَضْلُ الطَّاهِرِينَا
وَكَمْ فِي العَزْلِ مِنْ أَمْنٍ وَخَيْرٍ...
وَبَاتَ الحَجْرُ مَفْرُوضًا عَلَيْنَا
فَلَا نَاجِي مِنَا وَفِينَا عَدَا مَنْ...
حَمَاهُ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَا
اِنتَشَرَ الخَبَرُ اِنْتِشَارَ النَّارِ فِي الهَشِيمِ لَا سِيَّمَا الأَنْبَاءُ الّتِي تَرِدُ مِنْ وَرَاءِ البِحَارِ، فَصَارَ الصِّيَاحُ صَوْتًا لِلدَّجَاجَاتِ والقَوْقُ لِلدِّيَكَةِ وَرَاحَ مُعْظَمُهُمْ يُمَارِسُونَ مِهْنَةً لَا يَفْقَهُونَ مِنْهَا شَيْئًا عَدَا الاسْتِسْلَامِ بِوَضْعِ الرَّأْسِ بَيْنَ فَكَّي مِقَصِّ الحَلَّاقِ، وَلَا يُمَارِسُونَ حَقَّهُمْ فِي حُرِّيَةِ التَّعْبِيرِ إِلَّا عِنْدَ طَبِيبِ الأَسْنَانِ. مَاتَ "فَرُوجُ" وَظَهَرَتْ حَالَاتٌ جَدِيدَةٌ، وأُخِذَتِ الإِشَاعَةُ مَأخَذَ الجِّدِّ وَبَاتَ لِزَامًا إِخْضَاعُ كِبَارَ السِّنِّ لِلْفَحْصِ المُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ عُرْضَةً لِلْهَلَاكِ بِوَضْعِ حَبَّةِ قَمْحٍ أَمَامَ المُفْحَصِ عَنْهُ؛ فَإِذَا فَشَلَ فِي اِلْتِقَاطِهَا بِالنَّقْرَةِ الأُولَى كَانَ الحَجْرُ مِنْ نَصِيبِهِ...
وَلِأَنَّ "القَنَاعَةَ كَنْزٌ لَا يَفْنَى" أَقْدَمَ الأَكْثَرِيَةُ مِنْ عُمَّارِ المَزْبَلَةِ لَا سِيَّمَا الأَثْرِيَاءُ مِنْهُمْ بِتَخْزِينِ الحَبِّ وَأَسْرِ الدُّودِ وَالتَّسَبُّبِ فِي نَفَادِ المَخْزُونِ وبَدَأَ القِيلُ وَالقَالُ وَنُدْرَةُ صِدْقِ المَقَالِ، فَنَشَرَ العَامِلُونَ عَلَيْهَا "مُخَابَرَاتُ المَزْبَلةِ" إِشَاعَةً بِأَنَّ الشَّيْخَ قَدْ اِعْتَلَاهُ الفَيرُوسُ "العَائِلَةُ الحَاكِمَةُ لَيْسَتْ بِمَنْأى عَنِ الوَبَاءِ" لِطَمْأَنَةِ الرَأيّ العَامِّ وَكَأَنَّ قَانُونَ المُسَاوَاةِ قَدْ وُّضِعَ لِلْوَبَاءِ دُونَ سِلْمٍ وَدُونَ هَنَاءٍ...
اِسْتَمَرَّ الوَضْعُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيهِ إِصَابَاتٌ جَدِيدَةٌ وَنُفُوقٌ كُلَّ يَوْمٍ، فَلَيْسَ "كُلُّ دِيكٍ عَلَى مَزْبَلَتِهِ صَيَّاحْ" هَذَا مَا كَانَ مِنْ حُضُورِ المآتِمِ والأَفْرَاحْ...
قصّة قصيرة بقلم الأستاذ محمد جعيجع من الجزائر 15 آذار"مارس" 2020
قصّة قصيرة بقلم الأستاذ محمد جعيجع من الجزائر 15 آذار"مارس" 2020
تَلَقَّتْ مَزْبَلَةُ الحَيِّ بِدَايَةَ شَهْرِ آذَارْ "مَارِسْ" عَامَ أَلْفَيْنِ وَعِشْرِينَ لِلْمِيلَادِ دَعْوَةً لِحُضُورِ حَفْلِ خِتَانٍ أُقِيمَتْ لِأَحَدِ صِيصَانِ دِيكٍ مُغْتَرِبٍ بِمَزْبَلَةٍ بِضَوَاحِي مَدِينَةِ "بَارِيسْ" الفِرَنْسِيَةِ، والَّذِي يَحْمِلُ التَّرْقِمَ تِسْعَةَ عَشَرَ (19) والمُسَمَّى "Coq19" المَولُودِ شَهْرَ يَنَايِّرْ "جَانْفِي" مِنْ نَفْسِ العَامِ. اِسْتَلَمَ الدَّعْوَةَ خَالُهُ "فَرُوجْ" المُقِيمُ بِمَزْبَلَةِ القَرْيَةِ شَمَالَ قَارَّةِ اِفْرِيقْيَا، وَطَبْعًا لَبَّى الدَّعْوَةَ بِحُضُورِ الحَفْلِ؛ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَرْفُضُ دَعْوَةً كَهَاتِهِ؟! ...
رَجِعَ "فَرُوجُ" عَائِدًا إِلَى مَوْطِنِهِ الأَصْليِّ مُنْبَهِرًا مِمَّا شَاهَدَهُ وَلَمَسَهُ مِنْ حَضَارَةٍ وَتَقَدُّمٍ وَرُقِيٍّ وَازْدِهَارٍ بَعْدَ رِحْلَةٍ دَامَتْ بِضْعَةَ أَيَّامٍ، حَيْثُ دَفَعَتْهُ دَهْشَتُهُ إِلَى سَرْدِ مَا جَرَى مِنْ أحْدَاثٍ خِلَالَ حَفْلِ الخِتَانِ وَوَصْفِّ مَا رَآهُ خَارِجَهُ. اِنْهَالَ عَلَيْهِ جُمُوعُ المُهَنِئِينَ لَهُ بِالسَّلَامَةِ والفُضُولِيينَ والمُتَشَدِّقِينَ، فَثُلَّةٌ تَرُوحُ وَأُخْرَى تَجِيءُ وَهُوَ ثَمِلٌ مِنْ سِحْرِ مَا رَأَى مُسْتَرْسِلًا حَدِيثَهُ وَكَأَنَّهُ قَدْ اِعْتَلَى خَشَبَةَ مَسْرَحٍ تَفْتَقِدُهُ المَزْبَلةُ ...
مَا هِي إِلَّا أَيَّامٌ مَعْدُودَاتٌ لِتَظْهَرَ أَعْرَاضُ مَرَضٍ؛ حُمَّى وَجَفَافٌّ فِي الحَلْقِ وَسُعَالٌ يَصْحَبُهُ ضِيقٌ فِي التَّنَفُّسِ عَلَى العَائِدِ مِنَ البِقَاعِ المُدَنَّسَةِ "فَرُوجْ"، تَفَطَّنَ لَهُ حَلَّاقُ المَزْبَلَةِ الّذِي كَانَ يُمَارِسُ التَّطْبِيبَ وَالعِطَارَةَ إِضَافَةً إِلَى الحِلَاقَةِ، حَيْثُ نَقَلَ عَلَى جَنَاحِ السُّرْعَةِ الأَمْرَ إِلَى شَيْخِ المَزْبَلَةِ "سَرْدُوكْ"، مُقَدِّمًا حُلُولًا اِسْتِعْجَالِيَةً بَعْدَ أَنْ أَبْدَى عَجْزَهُ لِلشَّيْخِ مُقْتَرِحًا الحَجْرَ الصِّحِّيَّ. وَبَعْدَ أَنْ أَخَذَ الخَبَرُ حَقَّهُ كَامِلًا مِنْ عِلَاكٍ وَتَشَاوُّرٍ اِنْتَفَضَ الشَّيْخُ صَادِحًا :
لَقِيتُ عَلَى النَبَأْ قَلْبًا أَمِينَا...
يَرَى خَطَرًا بِعَيْنِهِ يَقِينَا
رَأَيْتُ بِهِ خُطُوبًا وَاحْتِمَالًا...
كَمَوْجٍ صَاعِدٍ غَمَرَ السَّفِينَا
فَشُكْرًا لِلرَّسُولِ عَنَّا وَلِينَا...
عَلَى إِفْشَائِهِ السِّرَ الدَّفِينَا
وَبَاءٌ قَدْ غَزَى وَأَضْحَى وَبَالًا...
جَمِيعَ الدُّورِ دَارَ الغَافِلِينَا
عَلَيْنَا أَخْذُ حِيطَةٍ لَا نُسَلِّمْ...
عَلَى بَعْضٍ وَلَا تُقَرِّبْ إِلَيْنَا
وَتَعْقِيمُ اليَدَيْنِ غَسْلًا مَثِيلًا...
دَوَامُ الغُسْلِ فَضْلُ الطَّاهِرِينَا
وَكَمْ فِي العَزْلِ مِنْ أَمْنٍ وَخَيْرٍ...
وَبَاتَ الحَجْرُ مَفْرُوضًا عَلَيْنَا
فَلَا نَاجِي مِنَا وَفِينَا عَدَا مَنْ...
حَمَاهُ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَا
اِنتَشَرَ الخَبَرُ اِنْتِشَارَ النَّارِ فِي الهَشِيمِ لَا سِيَّمَا الأَنْبَاءُ الّتِي تَرِدُ مِنْ وَرَاءِ البِحَارِ، فَصَارَ الصِّيَاحُ صَوْتًا لِلدَّجَاجَاتِ والقَوْقُ لِلدِّيَكَةِ وَرَاحَ مُعْظَمُهُمْ يُمَارِسُونَ مِهْنَةً لَا يَفْقَهُونَ مِنْهَا شَيْئًا عَدَا الاسْتِسْلَامِ بِوَضْعِ الرَّأْسِ بَيْنَ فَكَّي مِقَصِّ الحَلَّاقِ، وَلَا يُمَارِسُونَ حَقَّهُمْ فِي حُرِّيَةِ التَّعْبِيرِ إِلَّا عِنْدَ طَبِيبِ الأَسْنَانِ. مَاتَ "فَرُوجُ" وَظَهَرَتْ حَالَاتٌ جَدِيدَةٌ، وأُخِذَتِ الإِشَاعَةُ مَأخَذَ الجِّدِّ وَبَاتَ لِزَامًا إِخْضَاعُ كِبَارَ السِّنِّ لِلْفَحْصِ المُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ عُرْضَةً لِلْهَلَاكِ بِوَضْعِ حَبَّةِ قَمْحٍ أَمَامَ المُفْحَصِ عَنْهُ؛ فَإِذَا فَشَلَ فِي اِلْتِقَاطِهَا بِالنَّقْرَةِ الأُولَى كَانَ الحَجْرُ مِنْ نَصِيبِهِ...
وَلِأَنَّ "القَنَاعَةَ كَنْزٌ لَا يَفْنَى" أَقْدَمَ الأَكْثَرِيَةُ مِنْ عُمَّارِ المَزْبَلَةِ لَا سِيَّمَا الأَثْرِيَاءُ مِنْهُمْ بِتَخْزِينِ الحَبِّ وَأَسْرِ الدُّودِ وَالتَّسَبُّبِ فِي نَفَادِ المَخْزُونِ وبَدَأَ القِيلُ وَالقَالُ وَنُدْرَةُ صِدْقِ المَقَالِ، فَنَشَرَ العَامِلُونَ عَلَيْهَا "مُخَابَرَاتُ المَزْبَلةِ" إِشَاعَةً بِأَنَّ الشَّيْخَ قَدْ اِعْتَلَاهُ الفَيرُوسُ "العَائِلَةُ الحَاكِمَةُ لَيْسَتْ بِمَنْأى عَنِ الوَبَاءِ" لِطَمْأَنَةِ الرَأيّ العَامِّ وَكَأَنَّ قَانُونَ المُسَاوَاةِ قَدْ وُّضِعَ لِلْوَبَاءِ دُونَ سِلْمٍ وَدُونَ هَنَاءٍ...
اِسْتَمَرَّ الوَضْعُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيهِ إِصَابَاتٌ جَدِيدَةٌ وَنُفُوقٌ كُلَّ يَوْمٍ، فَلَيْسَ "كُلُّ دِيكٍ عَلَى مَزْبَلَتِهِ صَيَّاحْ" هَذَا مَا كَانَ مِنْ حُضُورِ المآتِمِ والأَفْرَاحْ...
قصّة قصيرة بقلم الأستاذ محمد جعيجع من الجزائر 15 آذار"مارس" 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق