الخميس، 9 أبريل 2020

من رواية المطرود لسقراطة الشرق سياده العزومي

من رواية المطرود
 لسقراطة الشرق
 سياده العزومي
عضو اتحاد الكتاب

 نبشت في كل ركن في المدينة باحثا عن عمل،
 سألت السائلين على الأرصفة وأمام المساجد والهيئات والمؤسسات سألت الباعة الجائلين، سألت المواطن  والوافد وأطفال الشوارع ،
 كنت أنبش عن العمل وكأنني أنبش عن قرط طفلة سقط من أذنها في رمال شاطئ كبير،
أما المحلات فقد طرقت أبوابها واحدا واحدا،
 وكلما كان اليأس يلبس لباس التخفي ويتسلل إلى أعماقي كان مخاض عملة ولادة مواقف أهلي يفسح الطريق للعزيمة والإصرار بداخلي ، أضرس نوايا اليأس بأضراس عزيمتي وأقتلع شتلتها،
من المواقف العالقة في ذكرياتي وتتأرجح أمام مشاعر فكري وعيني كلما مررت على محل تلك المرأة صاحبة المخبز حين سألتها عن عمل بعد أن ألقت نظرة طولية وعرضية عليَّ وأشارت بطرف عينيها وفي كلمات حملت السخرية رصدتني قائلة:-
ـ أنت تأكل الخبز قبل أن ينضج.
لحظة قفز فيها الأمس بكل ما فيه أمامي واعتلى مسرح حياة واقعي الكبير أيقنت أن الماضي وما ورثت حتى هيئتي  تقف كالجبال الراسخات أمام التقاط أنفاس أو لقيمات تقيم صلبي على وجه هذه الحياة،
شقيقي الأكبر فاردا نيته السوداء على الجميع والحقد يسيل من أنيابه ويشتعل يزلزل قيعان أعماقي وعلى نشاز ضحكاته قائلا:- ---مات أبوك
مات من كان يحميك
وأمي على يمين ساعد رأيه تشد  أزره غارقة في اللامبالاة تقطع لحمي وأخي الصامت ينبش في جراحي واخواتي الصغار يصيحون أمسكك حرامي والحادث وصاحب العين وصديق السوء الكل يشير إلى مشنقة الأزمات والمصاعب أقتل نفسك أرحم نفسك ، وأنا كعقلة الأصبع أقود شاحنة مصاعب حياتي الكبيرة، موضوع يميني ويساري المنحنيات وعراقيل مواقف الحياة وعليَّ أن أقود حياتي وأتخطاها والموت لا محالة هو نهايتي وتقيد قضيتي ضد مجهول أو مقتولاً بمشنقة الأزمات وتقيد قضيتي بالإنتحار، الواقع ظلام دامس والعدو لا حصر لعدده وعدته ولا نهاية لشره إلا الهلاك، وفي الجانب الأخر أبي وأخي البار يربتان عليَّ وصوت جراري يعلو ويعلو ويعلو بداخلي، استيقظت على صفعة صوتها للذكريات بداخلي قائلة:-
ليس عندي عمل لك أنصرف
ملئت صدري برحيق الإنسانية وتبسمت وعاهدت نفسي بنفسي وأنا السائل مكسور الخاطر المطرود لا حول ولا قوة ولا ظل لي ألا أكسر سؤال سائلا أبدا حتى ولم تكن عندي إجابة، ودائما ابتسم في وجه حياته وأربت على آلامه وأشاركه في المشورة في أمره وأدعوا له الله أن يوفقه ويتلطف به فهو مثلي إنسان من روح الله الرحمن الرحيم على خلقه، تعلمت من جراحي كيف أكون إنسان ورغم أنها جرحتني بإجابة سؤالي لكن كنت أرى فيها جد العمل ليل نهار لا تكل ولا تمل منه فهي امرأة متفوقة في سوق العمل وكما قال أجدادي
إذا رأيت امرأة متفوقة في سوق العمل فأعلم أن ذكرها نائم في البيت، ينتظر اللحظة المناسبة التي تضعف فيها ينقض كالذئب عليها ويطعنها في جميع جوانب الحياة ليشفي حقد غله من  نجاحها وتفوقها عليه يتخفى وراء المواقف عاضاً على لسان غل فكره وكبرياء ذكورته باث سم حقده في ظهرها مصاحبا أعدائها مفشيا سرها لاعن وجودها مقبح كل جميل فيها وفي مواقفها

مازلت أكتب لكم
وسأظل بإذن الله أكتب لكم
دمتم بخير أحبتي
سقراطة
      سياده

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق