الذاكرة الشعرية.......و روضة بوسليمي.
بقلم /عوني سيف ، القاهرة.
---------------------------------------------
الذاكرة الشعرية في بعض نصوص الشاعرة التونسية: روضة بوسليمي.
_ كمتذوق للشعر،و احب النقد الأدبي و لي فيهما محاولات قليلة. اعرف جيدا ً أن النص لا ينشأ في فراغ ، بل ينشأ في عالم ممتلئ بالنصوص و القراءات ، و الأبنية النصية التي تكون الكيان اللغوي.
_ فالنص عند بوسليمي هو مساحة من الغزل الصوفي ، أو الرومانسي يتخلله عشقها للطبيعة و انتظار المحبوب- إذا كان شخصاً أو وطناً -و بحثاً عن أجواء من الحرية غير المشروطة بالزمان أو المكان.
النص الشعري عندها كقطعة نسيج ملونة ، فيها نقوش وخطوط تتوازي تارة و تتقاطع تارة أخرى. فالنقوش هي المصادر الشعرية المتنوعة. بوسليمي تحلق بالصور بين الطبيعة و التاريخ ، و المفردات القرآنية. و الخطوط عندها هي اللازمان واللامكان في انتظار المعشوق.
_ أود أن أقدم للقارئ الكريم بعض مكونات الذاكرة الشعرية لدي بوسليمي.
١- الطبيعة.
الطبيعة احتلت جزء غير قليل. فهي في نص "هطول"
- بيدي فنجان قهوتي
و في الأعالي قمر معلق.
- و أمسي علي رائحة الخريف.
_ وفي نص "غزل الانبياء" تقول :
- يحسبني ابنة القمر .
- نبتة لا تحتاج سقيها
تكبر وحدها على حالها
كشمس الصباح.
٢- التاريخ في نصوص بوسليمي واضح و جلي ، فهي تقول في ثنايا نصوصها:
- سومرية الهوي
- فينيقية الجوي
- كليوباترا
- يا ذاكرة الحضارات البكر
٣- موروثها الثقافي ، العربي ، الإسلامي يسقي بعض البذور لتنبت لنا مفردات ذات دلالات دينية ، مثل قولها:
- يا أخت آسيا
- يا حواء الاولى
- استيقظت على سماء
تمطرني منا و سلوي
أجزم للنجم الثاقب.
فالقارئ العربي يعرف المن و السلوي اللذان امطرهما الله علي بني إسرائيل في البرية، و النجم الثاقب ، واضح النور الذي ذكر في سورة الطارق.
_الشاعرة روضة بوسليمي غزلت بموروثها الثقافي صور بلاغية وجمالية في غاية الابداع.
٤- اللامحدودية في استخدام الزمان.
بوسليمي تخطت الزمان المحدد في انتظار المراد في النص، باستخدامها مفردات تدل علي الدهر و الابدية ، وذلك في نصي "غزل الانبياء"و"من الخمر ما يعيد الرشد".
- مر دهر و لم تسل عني
- تبعته
إلي مشيئة أبدية
- ناديت طويلاً
لكن الليل لا يجيب.
و أخيراً ، اقول:
النص عند روضة بوسليمي ، موثق بادراكها للموروث الثقافي و اللغوي وذلك واضحاً من خلال ذاكرتها الشعرية كما ظهر لنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق