نهاية رحلة
الحلقة الثانية عشر
أظهر المعلّمون مهارات متفاوتة وملكات على محكّ السّهرة الفنيّة في تلك اللّيلة "ههههه"، ومع ذلك لم يكونوا ليصنّفوا ما كانوا يقومون به فهم فرحون بالانطباع الّذي حمله عنهم المتفقّد والّذي بدوره صوّب رأي المدير فيهم وجعلهم يثقون أكثر في سلوكاتهم التّربويّة من جهة ومن جهة أخرى كانوا فرحين من أجل الزّميلين الّذين -وأخيرا- حصلا على ما يريدان من المتفقّد وهو العدد الّذي سيمكّنهما من الارتقاء ومن طلب النّقلة، ولو أنّ ذلك سيحرمهم من بعضهم البعض في السّة المقبلة. بعد السّهرة ، آوى الزّملاء إلى فرشهم " استراحة المقاتلين" وتتالت الأيّام إلى أن أتى موعد الامتحان الّذي ستقيّم فيه مجهودات المعلّمين من جهة وما حصل لدى تلاميذهم من تلك المجهودات ومن استعداداتهم هم في المنزل من جهة اخرى. أيّامات الامتحانات هي أيّام مخاض كبير بالنسبة للتّلاميذ وهي أيّام تمحيص وتركيز مرهقة جدّا بالنّسبة للمعلّمين ولكنّها تسبق العطلة الّتي سيرتاح فيها الطّرفان ويجدّدان فيها طاقة سوف تمكنّهما من مواصلة السّنة الدّراسيّة بروح جديدة ونفس أعمق ممّا عليه قبيل العطلة وبداية السّنة. يعود المعلّمون خلال العطلة إلى مدنهم ويلتقون بأصدقائهم ومن بين هؤلاء زملاء لهم يتبادلون معهم التّجارب والأخبار حول الظّروف الّتي أحاطت بعملهم. ولا يخلو حديثهم من الطّرائف الّتي حصلت لهذا أو ذاك الزّميل فتكون فرصة للضّحك والتّندّر. وقد تكون فرصة لإعطاء صورة مغايرة وجديدة عن شخص أو عن منطقة وأهلها فكما أسلفنا يمكن للثّقافة السّمعيّة أن تجانب أو تخطئ الطّريق إلى الحقيقة فيلعب المعلّمون في هذا الصّدد دور "شهود العصر" أو "شهود عيان" لتصحيح ما تواتر من مواقف أو أقوال عن مناطق وأشخاص لم ينصفها الواقع أو التّاريخ. سيّدي المعلّم كان أحد الشّهود على المنطقة الّتي عمل بها وعن طيبة وكرم أهلها. فبالرّغم ممّا حكي ويحكى عنها، لعب دورا في تصحيح بعض الرّؤى والأفكار المسبّقة عنها وعن أهلها. وتمضي العطلة في التّجوال تارة والحلقات الموسّعة في المقهى تارة أخرى ممّا سمح باستعادة بعض الرّاحة النّفسيّة والبدنيّة. سمحت العطلة أيضا بالوقوف خارج المشهد الّذي كان المعلّمون جزءا منه، ليراجع سيّدي المعلّم بعض المواقف ويجدّد أخرى أو يكرّسها لأنّ تجربته بدأت تتّسع وتتعمّق وخاصّة تنضج مع دخوله معترك العمل والتّعويل على النّفس.
رشدي الخميري/جندوبة/ تونس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق