الأربعاء، 12 أكتوبر 2022

نهاية رحلة الحلقة التّاسعة..قلم رشدي الخميري

 نهاية رحلة

الحلقة التّاسعة

بعد اللّقاء الّذي جمعه بالوليّ، استجمع سيّدي المعلّم شتات مشاعره الّتي تبعثرت بين الحياء من أب البنت، والخوف ممّا قد يحصل معهمن جهة، وإرادة المحافظة على صورة المربّي الّذي يريد أن يتحمّل مسؤوليّاته إزاء ما يتّخذه من مواقف من جهة ثانية، وأخذ يراجع الموقف برمّته فرأى نفسه قد كسب الثّقة في نفسه وثقة وليّ نعته النّاس بالشّديد و..و..وفهم أنّ رسالته قد وصلت وأنّ ما يقوم به من مجهود أتى أكله وأنّ الأولياء ثمّنوه فغضّوا النّظر عن انزلاقاته وهفواته. وزاد عزمه على تكريس ما قد بدأه في عمله مع الاستفادة ممّا جرى مع البنيّة. ركب سيّارة العودة إلى المدرسة وتعلو محيّاه راحة نفسيّة كأنّ حملا ثقيلا أزيح عن كاهله. وكالعادة ولأنّ الطّريق طويلة نسبيّا، لا تخلو السّفرة من تجاذب الحديث مع هذا وذاك في مواضيع تفرض نفسها على النّاس مثل غلاء المعيشة وبعض المواقف السّياسيّة والدّينيّة ومواضيع أخرى حول أخبار في العالم. يصل سيّدي المعلّم ومعه بعض اللوازم والمشتريات الّتي يحتاجونها في المطبخ مع الخضر والغلال وبعض اللّحم لأنّ المعلّمون في تلك المدرسة يصعب عليهم الذّهاب إلى المدينة يوميّا فذلك مكلّف من جهة ومرهق من جهة أخرى لذلك هم يغتنمون فرصة ذهاب أيّ منهم ليكلّفوه بشراء كلّ لوازمهم المشتركة بينهم وحتّى الخاصّة بكلّ منهم. نزل المعلّم من السّيارة بالقرب من المدرسة وكان بعض زملائه في قاعاتهم يتابعون عملهم وكان البعض الآخر في المنزل فإمّا لأنّ حصّتهم في المساء أو لأنّ ذلك اليوم هو عطلة أسبوعيّة لبعضهم. أطلّ الّذين في القاعات وسلّموا على زميلهم الهادف عليهم من المدينة وكانت تحيّتهم عبارة عن سؤال أو أسئلة فهمها المعلّم ولم يبدي انتباها بل اكتفى بردّ التّحيّة بوجه بشوش . ثمّ دخل المنزل فإذا بمن فيه يهرعون ويسلّمون مع وابل من الأسئلة حول الجديد في المدينة وعن الرّاتب وهل هناك زيارة مرتقبة من المتفقّد إلى مدرستهم فهناك البعض في حاجة لهذه الزّيارة لأنّ الزّيارة تعني إسناد عدد وهذا العدد سيساعد الزّميل عندما يريد أن يشارك في نقلة إلى مدرسة أخرى. فنقلة المعلّمين تخضع لمقاييس وأحدها العدد، إذ كلّما كان العدد من المتفقّد مرتفعا كلّما زادت فرصة فوز الزّميل بالعمل في مدرسة يطلبها. ردّ سيّدي المعلّم على تحيّاتهم بما يليق بهم وبه وعن تساؤلاتهم بما تمكّن من الحصول عليه من معلومات، ثمّ قبل أن يأخذوا منه المشتريات فاجأهم بأنّ والد البنت أتى لمقابلته في محطّة النّقل ولم يواصل ليرى ردّة فعلهم فإذا بهم شخصوا ينتظرون بقيّة الخبر وسيّدي المعلّم ينظر في وجه كلّ منهم يستطلع تساؤلاتهم ثمّ ضحك طويلا فزادت حيرتهه:" هيّا أخبرنا بما حصل لك حتّى نخبر الإدارة لتتّخذ تدابيرها" فضحك مرّة أخى وأخبرهم بأنّ الوليّ كان على عكس ما حكي عنه وأنّه كان متفهّما جدّا وروى لهم الموقف من ألفه إلى يائه. تقبّل المعلّمون الموقف بتعجّب كبير واستغراب ثمّ راحوا يستعدّون للغداء ولحصّتهم المسائيّة

رشدي الخميري/جندوبة/تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق