قصة قصيرة
يعيش يعيش
القت به الحياة في مساعي اليأس منذ صرخة البعث الاول من رحم ام ثكلت في ابنائها جميعا ...كانت ولادته رهان مناورة مع الحياة بين القبول او الرفت...لم تدرك امه معنى ما اعتمل داخلها من تجاذبات بين امومة مزعومةمنوطة بالفناء واخرى مخضبة بالخصوبة والاستبقاء ...غمرتها دموع تماهت مع ذكرى من اختطفتهم المنية منها و مع نصرة لامراة امنت ولو لوهلة انها سبب لسيرورة حياة
...اجتاحتها لهفة غريبة لارضاعه قبل ان تتفرس وجهه وتعطيه اسما ....كانت تنازل الحياة للاحتفاظ به ...لن تدع الخيبات تتسلل لامومتها وتغتالها لذا اختارت له من الاسماء «يعيش » ..رزقت به في كبرها ولم تنجب بعده قط
...كابدت من الويلات الوانا لتسترزق ما يقوّي بنيانه ...
أحنت ظهرها ليشتد عوده و تستقيم هامته ....توددت للشرّ
ان يغنيها عن مذلته والفقر ان يتلبس بغير ضالتها ....
ترملت ولم يكمل يعيش سنته الاولى ..ويحها من معترك
اغبش يجابهها بانياب احتدت مع احتداد شهوانية تربصت
بها من عيون لا تنظر لها الا كونها سقط متاع ....جست نبضها افرغت منه حمولة مشاعر انثوية لتجعل منه نبراس امرأة تزف لابنها كل يوم رغيفا حرا من انعتاقات الاستقواء رغم استضعافها بتعلة فقرها ....يعيش يجب
ان يعيش ...كانت تستيقظ مع الفجر .... تضع غطاء راسها
«الفولارة» ...وسام شدة قدت خيوطها من ورود لم تتفتح الا على القماش الذي زركشت عليه ..تشتم بعض عبقها عندما تطلى الفولارة باريج اديم عرقها ايام الحر
وهي في طريق مسارها اليومي في تلك المنعرجات المتعثرة بوقع تقاذفات لمهج العيش الكريم ....تسلك بها
شاحنة مع سليلات نضال الرغيف مثيلاتها من الفلاحات
اللاتي توشحن بنفس الاوسمة على رؤوسهن ... يتابطن قارورة ماء وبعض الخبز زج في منديل ...سارت الشاحنة
بهن المسالك الفلاحية وكانت تهتز مع كل كبوة او هوة
يهوي على اذنها صوت السائق الجهوري يؤذن انه سيقتطع
في اخر النهار عند العودة ثلث الاجرة اليومية مقابل
النقل ....لم يرسخ في ذهنها مما قال الا الاربع دينارات التي
ستبتر من مؤجر تنقلها ...كانت باستطاعتها ان تدفعها
لشراء بعض لحم الدجاج ليعيش..ليعيش افضل منها ..
مع كل اهتزازة تدندن نساء بلادي نساء ونصف ....
وجسدها يرتطم بجليستها لتقع هذه على جانب الثانية
...لم تكترث لما وقع لشرود ذهنها نحو مآل يعيش ...سنوات تعمل لتخليصه من مغبة الجوع ...انتفضت من مكانها في اخر الشاحنة مع العشرات من مثيلاتها لتغرغر الشهادة .. ارتمى الرغيف منها لتغطيه الفولارة وقد زكىت كليهما دماء طهرها ..اقتيد يعيش لموقع الحادث يشتم رائحة الموت الممزوجة بفاكهة الارض ...احتمى بامه لوهلة يتخبط في تراب لن يكون يوما مدنسا لانه استسقى ثراه من دم امه
.....يعيش لابد ان يعيش .....هكذا رددت خالته قول اختها كوصية على ابنها وكانها استشرفت مصيرها قبل ذلك اليوم المشؤوم ....اخذت الخالة زمام امور ابن اختها يتيم
الابوين ..، كفلته واحسنت له بما جادت به حياتها المتواضعة...بلغ يعيش الرابعة عشرة من عمره ،انبثق الصبا من وجنتيه في احتشام ،وانكسار لا يخبر عنه انما يستشعره في كل نظرة احسان متكبرة يشفقها عليه زوج خالته ...كان يمقت فيه كل نوازع الفرح ولو كانت في نجاحه كل سنة بالاسعاف ...لم يسلم جأشه من ترديد وجوب انقطاعه عن الدراسة ليعيل نفسه بنفسه ...لم يأذن لجبروته المتطفلة على طفولته الغضة بان ترأف لحاله ...لم يعر الخالة اي اهتمام لتوسلاتها لترك يعيش يعيش بسلام
اوجس له خاطره ان يلحقه باحد حضائر البناء ليعينه في الانفاق عليه وعلى ولديه ....استكان الصبي لواقعه المقيت ولم يكن باليد حيلة غير طاعة هذا القهر المسلط عليه.. ارتضى حمل اكياس الاسمنت وركبتاه لا تقدران على حمل جسده الهزيل ،تشققت يداه وكان يذرف دموع المذلة خفية من ان تتلطخ رجولته بارتماسات نسوية فالدموع ولو كانت من وميض ذكرى الام ،تبقى عارا عليه امام جحود المتسلط لكل تضخيات مرضاته ....انبرى العام ولم يفقه يعيش ان كان يعيش حقا ...جحافل من تجاذبات اكفهرت امامه لتسود من بعدها الدنيا في بصيص ما بقي له من نور ...ذهب البصر بين فولارة الوالدة المخضبة بالدماء وملح الرغيف ، بين صولات زوج الخالة وجولاته في،كيان
لا يزال مقمعا ،وبين غبار الحضائر حيث لا مناص للهروب منها الا بترياق هجرة سرية اوجس،له بها احد العملة معه ...هي المفازة بعد تجميع نصف المبلغ والاخر يرجع اقساطا حين اللحاق ببلاد العجائب...وعده بجود جماعة تنتظر حلوله لا لغير تشغيله وسد رمق ضعفه .....
انزوى في ركن من القارب يرتجف ذات يوم مقرور رجفة
جمدت الحركة بين ثنايا جسده وانطلقت رحلة يعيش
ليعيش
عش لمجرد العيش يا يعيش
بك الكون نفث الريش
ليتدثر به كل طاغية على المعيش
له تسلم اوراح الطيش
عش لمجرد العيش يا يعيش
بقلم الاستاذة لمياء بولعراس 17 اكتوبر 2019
يعيش يعيش
القت به الحياة في مساعي اليأس منذ صرخة البعث الاول من رحم ام ثكلت في ابنائها جميعا ...كانت ولادته رهان مناورة مع الحياة بين القبول او الرفت...لم تدرك امه معنى ما اعتمل داخلها من تجاذبات بين امومة مزعومةمنوطة بالفناء واخرى مخضبة بالخصوبة والاستبقاء ...غمرتها دموع تماهت مع ذكرى من اختطفتهم المنية منها و مع نصرة لامراة امنت ولو لوهلة انها سبب لسيرورة حياة
...اجتاحتها لهفة غريبة لارضاعه قبل ان تتفرس وجهه وتعطيه اسما ....كانت تنازل الحياة للاحتفاظ به ...لن تدع الخيبات تتسلل لامومتها وتغتالها لذا اختارت له من الاسماء «يعيش » ..رزقت به في كبرها ولم تنجب بعده قط
...كابدت من الويلات الوانا لتسترزق ما يقوّي بنيانه ...
أحنت ظهرها ليشتد عوده و تستقيم هامته ....توددت للشرّ
ان يغنيها عن مذلته والفقر ان يتلبس بغير ضالتها ....
ترملت ولم يكمل يعيش سنته الاولى ..ويحها من معترك
اغبش يجابهها بانياب احتدت مع احتداد شهوانية تربصت
بها من عيون لا تنظر لها الا كونها سقط متاع ....جست نبضها افرغت منه حمولة مشاعر انثوية لتجعل منه نبراس امرأة تزف لابنها كل يوم رغيفا حرا من انعتاقات الاستقواء رغم استضعافها بتعلة فقرها ....يعيش يجب
ان يعيش ...كانت تستيقظ مع الفجر .... تضع غطاء راسها
«الفولارة» ...وسام شدة قدت خيوطها من ورود لم تتفتح الا على القماش الذي زركشت عليه ..تشتم بعض عبقها عندما تطلى الفولارة باريج اديم عرقها ايام الحر
وهي في طريق مسارها اليومي في تلك المنعرجات المتعثرة بوقع تقاذفات لمهج العيش الكريم ....تسلك بها
شاحنة مع سليلات نضال الرغيف مثيلاتها من الفلاحات
اللاتي توشحن بنفس الاوسمة على رؤوسهن ... يتابطن قارورة ماء وبعض الخبز زج في منديل ...سارت الشاحنة
بهن المسالك الفلاحية وكانت تهتز مع كل كبوة او هوة
يهوي على اذنها صوت السائق الجهوري يؤذن انه سيقتطع
في اخر النهار عند العودة ثلث الاجرة اليومية مقابل
النقل ....لم يرسخ في ذهنها مما قال الا الاربع دينارات التي
ستبتر من مؤجر تنقلها ...كانت باستطاعتها ان تدفعها
لشراء بعض لحم الدجاج ليعيش..ليعيش افضل منها ..
مع كل اهتزازة تدندن نساء بلادي نساء ونصف ....
وجسدها يرتطم بجليستها لتقع هذه على جانب الثانية
...لم تكترث لما وقع لشرود ذهنها نحو مآل يعيش ...سنوات تعمل لتخليصه من مغبة الجوع ...انتفضت من مكانها في اخر الشاحنة مع العشرات من مثيلاتها لتغرغر الشهادة .. ارتمى الرغيف منها لتغطيه الفولارة وقد زكىت كليهما دماء طهرها ..اقتيد يعيش لموقع الحادث يشتم رائحة الموت الممزوجة بفاكهة الارض ...احتمى بامه لوهلة يتخبط في تراب لن يكون يوما مدنسا لانه استسقى ثراه من دم امه
.....يعيش لابد ان يعيش .....هكذا رددت خالته قول اختها كوصية على ابنها وكانها استشرفت مصيرها قبل ذلك اليوم المشؤوم ....اخذت الخالة زمام امور ابن اختها يتيم
الابوين ..، كفلته واحسنت له بما جادت به حياتها المتواضعة...بلغ يعيش الرابعة عشرة من عمره ،انبثق الصبا من وجنتيه في احتشام ،وانكسار لا يخبر عنه انما يستشعره في كل نظرة احسان متكبرة يشفقها عليه زوج خالته ...كان يمقت فيه كل نوازع الفرح ولو كانت في نجاحه كل سنة بالاسعاف ...لم يسلم جأشه من ترديد وجوب انقطاعه عن الدراسة ليعيل نفسه بنفسه ...لم يأذن لجبروته المتطفلة على طفولته الغضة بان ترأف لحاله ...لم يعر الخالة اي اهتمام لتوسلاتها لترك يعيش يعيش بسلام
اوجس له خاطره ان يلحقه باحد حضائر البناء ليعينه في الانفاق عليه وعلى ولديه ....استكان الصبي لواقعه المقيت ولم يكن باليد حيلة غير طاعة هذا القهر المسلط عليه.. ارتضى حمل اكياس الاسمنت وركبتاه لا تقدران على حمل جسده الهزيل ،تشققت يداه وكان يذرف دموع المذلة خفية من ان تتلطخ رجولته بارتماسات نسوية فالدموع ولو كانت من وميض ذكرى الام ،تبقى عارا عليه امام جحود المتسلط لكل تضخيات مرضاته ....انبرى العام ولم يفقه يعيش ان كان يعيش حقا ...جحافل من تجاذبات اكفهرت امامه لتسود من بعدها الدنيا في بصيص ما بقي له من نور ...ذهب البصر بين فولارة الوالدة المخضبة بالدماء وملح الرغيف ، بين صولات زوج الخالة وجولاته في،كيان
لا يزال مقمعا ،وبين غبار الحضائر حيث لا مناص للهروب منها الا بترياق هجرة سرية اوجس،له بها احد العملة معه ...هي المفازة بعد تجميع نصف المبلغ والاخر يرجع اقساطا حين اللحاق ببلاد العجائب...وعده بجود جماعة تنتظر حلوله لا لغير تشغيله وسد رمق ضعفه .....
انزوى في ركن من القارب يرتجف ذات يوم مقرور رجفة
جمدت الحركة بين ثنايا جسده وانطلقت رحلة يعيش
ليعيش
عش لمجرد العيش يا يعيش
بك الكون نفث الريش
ليتدثر به كل طاغية على المعيش
له تسلم اوراح الطيش
عش لمجرد العيش يا يعيش
بقلم الاستاذة لمياء بولعراس 17 اكتوبر 2019
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق