الأربعاء، 23 أكتوبر 2019

حب في أتون الحرب...قلم توفيق ركضان القنيطري

🌷 حب في أتون الحرب 🌷

أيها الراحلون
إلى ديار حبيبتي
بلغوها مني السلام..
خذوا معكم
فلا وياسمينا
وقصيدة هيام..
حبيبتي مهووسة بالشعر
وبراعم الزهر
ولون عيني
ولذة شفتي
وهديل الحمام..
أهديتها ذات مساء فلة
أحمر شفاه
وآخر قصائدي
وقلبي المتيم بالغرام..
فردت الهدية
قبلة
و ساعة فضية
حتى لا أنسى
 موعدنا المقدس
في دوامة الأيام..
يا حبيبتي
كيف أنساك ؟
قلبي ينبض بهواك
عيني لا ترى سواك
طيفك زائري الوحيد
في اليقظة و المنام..
ودعتني بالدموع
وقلبها الموجوع
كانت تدرك
استحالة الرجوع
وطبول الحرب ببلادها
تعلن اغتيال
الحب والسلام..
مرت الشهور
وعقارب ساعتها تدور
حتى آن أوان العبور
وضعت  على ظهري حقيبتي
بيدي جواز المرور
وأمامي حارس الحدود
العابس على الدوام..
سألني عن سبب الزيارة ؟
تكرر على سمعي صدى العبارة
ترددت.. ارتبكت..
واعتلت جبيني الحرارة
قلت : مشتاق لوعه الهيام..
وانسابت من عيني دمعة
صرخ آمرا
ارحل من هنا بسرعة
نحن في حرب
والحرب خدعة
الحب صار عندنا
ضلال و بدعة..
صرخت في وجهه أليس هذا حرام؟ ..
رجوته قائلا : لدي رقم هاتفها
هلا كسبت أجرا واتصلت بها ؟
إنها ببيروت تقيم منذ زمن بها
مددت يدي بالدولارات
ومعها مفكرة الأرقام..
ألو :سيدة جوليانا
حبيبك قد جاءنا
سنتركه يعبر حدودنا
فلا تنسي هدايانا
- حاضر عالي المقام..
مجنونا إليها كنت أجري
قطعت جبالا وأنهارا بالماء تجري
تعثرت بسوء قدري
فكيف ألام ؟..
طوقني أعداء حبيبتي
فتشوا حقيبتي
وجدوا مذكرتي
تحضن صورتها و أبياتي
قالوا أيها المجنون الشاعر
بروحك من أجلها تغامر
رهانك للأسف خاسر
وقدرك غادر غادر
قررنا بحقك الإعدام..
شردت حالما
حلقت هائما
حضر طيفها
استلم رسالتي لها
كنت حيا برفقتها
ميتا في غيابها
دمي سيكون قربانها
أنا شهيدها
فبلغوها
أنني في حبها
كنت الشجاع الهمام..
قبل تنفيذ الحكم
دوى انفجار
لم أدر ما الذي صار !
جنود من بلاد حبيبتي
فكوا عني الحصار
وأمروني بالتقدم إلى الأمام..
صعدت المروحية ببرود
لاحت لي متاريس وحدود
وحقول خضراء بالخير تجود
وهالني تجمع أناس وخيام..
رموني هناك وحيدا
أحسستني بينهم فريدا
ظنوني خائفا رعديدا
فما ألقوا علي السلام..
فجأة ودون مقدمات
صرخت بأصدق الكلمات
حبيبتي
أشم رائحة عطرك مع النسمات
أين أنت يا جميلة الجميلات ؟!
أفوق الأرض أم تحتها
أم ملاك صرت فوق الغمام؟ !
فاضت دموعي
انطفأت شموعي
وحكيت قصتي
لأناس عرفوا حبيبتي
نصحوني بالرجوع
في ظل القصف
و الموت الزؤام..
كيف أعود؟
لن يرهبني قصف اليهود
كفني أحمله منذ عهود
مرحى بإحدى الحسنيين
لقاء حبيبتي
أو لمواكب الشهداء يكون الانضمام..
غشيتني غفوة
رأيت حبيبتي الحلوة
تضع أحمر الشفاه وأبهى كسوة
تتقدم نحوي خطوة خطوة
تهمس لي : لم يبقى الكثير
استيقظ ولا تنام..
حضرت سيارة الإسعاف
سمعوا هذياني ظنوني أحتضر
حملوني إلى المستشفى
كنت أردد جوليانا حبيبتي
هي من أعشق وأهوى
همس أحدهم: مجنون هذا الغلام..
لا يهمه حرب أو دمار
ولا كمائن أو أخطار
أخذوا مفكرتي
من رقمها وجدوا العنوان
عرفوا صعوبة المشوار
وقرروا لم شتات حبيبين
شردهما الغرام..
سلكوا دروبا دون أخطار
وراوغوا قصف الأشرار
ولما وصلوا
بكوا وولولوا
بيت حبيبتي من القصف
صار  مجرد  حطام..
لا لا حبيبتي ليست هنا
عطرها لا يفوح هنا
قلبي لا يزال ينبض لها
قبل قليل حلمت بها
اتركوني.. سأزيل بيدي
كل الركام..
علا صوت الرصاص
وأنا أبحث عن الخلاص
توقفت سيارة عسكرية
سمعت صوتا يهيم بالحنية
ينادي : حبيبي
التفت أقصده
كانت حبيبتي تلوح لي
تعال أيها الشجاع المقدام..
جريت نحوها
دفنت رأسي في حضنها
بكيت من فرحتي بها
رفعت بصري إلى السماء
يارب امنحنا الهناء
لننعم معا
بالحب والسلام

🌷توفيق ركضان القنيطري🌷



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق