الخميس، 7 نوفمبر 2024

حين تودع الشاعرة الفلسطينية السامقة أ-عزيزة بشير "سفيرها" بكلمات تداعب الوجدان.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 حين تودع الشاعرة الفلسطينية السامقة أ-عزيزة بشير "سفيرها" بكلمات تداعب الوجدان..

يتوهّج الإبداع مضيئا في سماء الشّعر العربي ليسافر عبر موسيقى القصيدة الجميلة إلى شاعرة تتنفّس الكلمة العذبة والشّعر الجميل العابق بمواويل الحب المترامي بين أحضان القصيدة العربية،ياقوت حرفها و زبرجد شعرها و سحر بيانها وقافية بوحها تطرب القارئ لفصاحة تعبيرها و لغتها الثّرية الموحية بملكة الإبداع الشّعري و موهبة الكتابة .
وإذن؟
قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ الكتّاب الحقيقيين يشتغلون بشكل دائم،في رؤوسهم وفي نصوصهم،على آليات الكتابة التي يقيمون فيها كتأملات وتقطيعات خاصة للعالم.وهم بذلك الصنيع،يرقبون الحياة والوجود من نقطة دقيقة بمثابة فتحة بابهم المكتظ بالأسئلة والإشتغال الدؤوب.
الشاعرة الفلسطينية المغتربة التي أنجبتها مدينة جنين الجاسرة ذات زمن أوغل ليله في الدياجير الأستاذة عزيزة بشير،واحدة من هؤلاء،تشتغل بحرقة في الكتابة الشعرية،لتأسيس نفس وخيار جمالي،له تسويده وتقطيعه ونظره الخاص ليس للحياة فحسب،بل للنص الشعري نفسه الذي يغدو مرتعشا في يدها وزئبقيا وشفيف المرايا إلى حد الكسر في الرّوح..
هذه الشاعرة المتألقة تؤسس لمشهد شعري متميز،عبر استمرارية وصيرورة ذات قيمة انتمائية فذة،حيث تبيح لقلمها،لرؤاها ورؤياها،متعة التحليق في الآقاصي لتأثيث عوالم بعيدة،باحثة من خلالها عن ممرات دلالية وصورية ومديات بلاغية روحية لكونها الشعري اللامحدود،وخالقة عبر توظيفاتها متعة دلالية،ولذة تصويرية حركية،لتمارس فعلتها الكينونية الإبداعية،حالمة بولادة جديدة في رحم النص الشعري.
ولذا وجب-في تقديري-لفت النظر بدقة لكل الآليات والتقنيات المستعملة وفق وعي جمالي ونقدي ملازم.وإذا حصل،سيتم تقليب صفحات ابداعاتها-الخصبة-،مثلما نقلب المواجع الرائية،لأنّ الألم في الكتابة،له بكل تأكيد،ينابيعه الخلاقة التي تغني نهر الإبداع الإنساني بالإضافات العميقة والجميلة.
وهذا يعني أنّ نجاح المبدعة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير في جل منجزاتها الشعرية متمثّلا في عدم سقوطها في الإرهاق اللغوي،فهي تملك لغتها وتعرف كيف تتلاعب بها ومعها،وتبدو رؤية الشاعرة واضحة،واعية تماما لطروحاتها كشاعرة بالدرجة الأولى،وكفنانة تعشق الرسم بالكلمات في الثانية،ففي قصائدها المنتقاة بحذق ومهارة تحاول الإنفلات من عقال ذاتها والإنفصال عنها لصالح المحيط،والعبور من الخاص بإتجاه العام والإنساني.
وخلاصة القول :
نصوص-الشاعرة الفلسطينية أ-عزيزة بشير-استطاعت أن تختزل الكثير من محاور اللغة وتبقي المعنى في عمق هذه اللغة بالرغم من الوجع الظاهر على النصوص،لكنها تحمل الكثير من الانزياح الذي يؤدي إلى تركيب الصورة الشعرية بزخم كبير،بحيث يشعر المتلقي بعمق لحظة الألم التي كانت هي المحور في أناشيد الروح لأن الشاعرة بنيت النص على نسق الوجع والشجن ..أي أن امتداد المعنى بقي في عمق اللغة،وهذا ما جعل الصور الشعرية مشعة بأطياف مواسم الحزن كأنها سيمفونية الصورة،والمتكاملة بشكل يعطي لخيال المتلقي مساحات واسعة من التأويل،لأن الرؤيا التي كونت في محوره بقيت في عمق مسالك اللغة،ولأن الدلالة ترادفت مع الاستعارة الذهنية للمدرك الحسي في تكوين الصورة الشعرية..وقد استطاعت الشاعرة أ-عزيزة بشير أن تحقق التوازن النفسي اللغوي وفق صيغة الحاضر الغائب حيث بقى الانزياح يثبت الاستعارة مع البقاء على حركة الصورة الشعرية المتنقلة، وهذا جعل الصورة الشعرية مركبة على قدر المشاعر النفسية داخل النص،أي أن بؤرة النص بقيت تشع منها وتنسق شتات الرؤى..
وإذ أسجّل إعجابي الكبير-بالإبداعات الشعرية-للشاعرة الفلسطينية المتميزة الأستاذة عزيزة بشير التي تطمح دوما عبر كتاباتها الإبداعية إلى التطوّر والتجاوز،فإنّي أؤكّد على أنّ النص الإبداعي لن يخترق الحدود إلا بقوته الذاتية،كما أنّ حضور القارئ،بل حلوله،في الماهية الإبداعية الملغزة،هو وضع طبيعي يعكس انفتاح المبدع كإنسان على أخيه الإنسان،ويعكس انفتاح الكتابة الإبداعية الجديدة على العالم الحسي المشترك،والوقائع والعلاقات المتبادلة،وأيضًا على الأحلام والهواجس والافتراضات والفضاء التخيّلي غير المقتصر على فئة نخبوية من البشر دون سواها..
لنقرأ هذه القصيدة الرائعة التي خطتها أنامل الشاعرة أ-عزيزة بشير على هامش حفلُ وداعٍ لمعالي السّيِّد باسم الآغا* سفيرِ دَولَةِ فلسطين في السّعوديّة..
ولكم حرية التفاعل والتعليق..
نِعمَ السّفيرُ وَنِعمَتِ الأجدادُ
أدّى الأمانةَ (باسِمٌ وَبِلادُ
خدَمَ القضيّةَ واشْرأبَّ لِحلِّها
(سلمانُ وابنُهُ) ناصَروا و َأجادوا
مَلِكُ البلادِ ،وليُّهُ، قد واعَدوا:
نَصْرٌ ودولةُ حقُّكُمْ فَتَنادوا
نِعمَ السّفيرُ وَنِعْمَ ُجُهدُكَ (باسمٌ)
فالجُرحُ غزّةُ، وَالعِداةُ أبادوا
أنتَ ابنُ غزّةَ والسّفيرُ لدَولةٍ
كلٌّ لهُ في السّابِحاتِ جَوادُ
ناضلْتَ في عَرْضِ القضيّةِ لِلْوَرى
وَقْفُ القِتالِ ونصرُهُمْ وَعَتادُ
جوزيتَ خيْراً كنتَ خيْرَ مَنِ ارتَقى
كنتَ الرّشيدَ، وجادَ فيكَ مِدادُ
يحْميكَ رَبّي!بالسّلامةِ (باسمٌ)
نِعمَ السّفيرُ وَعاشَتِ الأمجادُ!
الأستاذة عزيزة بشير
شكرا لك أستاذتنا الفاضلة عزيزة بشير وتحية صادقة تعبق بعطر النصر والتحرير..لرجال فلسطين الأفذاذ،حاملي الرسالة الدبلوماسية دفاعا عن الأرض والعرض والكرامة في هذا الوطن العربي الفسيح..
محمد المحسن
*باسم عبد الله يوسف حمدان الآغا دبلوماسي فلسطيني،كان سفيرًا لدولة فلسطين لدى ليبيا واليمن،وشغل منصب السفير الفلسطيني لدى السعودية منذ عام 2013.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق