الثلاثاء، 12 نوفمبر 2024

قصة قصيرة العابرون بقلم الكاتب المصري م محمود عبد الفضيل

 قصة قصيرة

العابرون
الكاتب المصري م محمود عبد الفضيل
جلست على كورنيش النيل أتابع حركه الماء غير منتبه لما خلفي من حركه الأشخاص و السيارات و كأنني دخلت غرفه معزوله حجبت كل الأصوات رغم ضجيجها ، و لا اري غير مياه النيل تنعكس عليها اشعه الشمس وقت الغروب
في مشهد خلاب يريح الأعصاب و يهدئ النفس
ومع ميل الشمس للغروب بزوايا مختلفه كلما مر الوقت يزورني صفحه من صفحات الفشل التي تكالبت علي في الفتره الأخيره بدايه من رسوبي هذا العام في الكلية التي حسدني عليها الجميع و رغم تكرار الرسوب في الكليه الا أنه في هذه المره أشد مراره من المرات السابقه فهذا العام تخرجت فيه آمال التي ارتبطت بها عاطفيا خلال دراستي في المرحله الثانويه و مما زاد الطين بله أنها أصبحت معيده في كليه العلوم و تمت خطبتها لمعيد في نفس الكلية اما انا فما زلت في السنه الثانيه في كليه الصيدله
علاوه علي معاتبه الأهل لي بسبب تكرار الرسوب خاصه أن وضع الأسرة المالي محدود و دوام مقارنتي بأبن عمي سعد الذي تخرج هذا العام من كليه الهندسه بتفوق منقطع النظير
كل هذه الإحباطات المتشابكه تمر من أمام عيناي و كأنها فيلم درامي مشاهده تتشابك لتصنع ميلودراما سوداء
أو كأنها اوراق من كتاب اقلب في صفحاته صفحه تلو الأخري في ملل و حزن و اتمني أن أصل إلي نهايته دون جدوي
ومع الظلام قفزت إلي خاطري فكره الانتحار و السؤال الأهم هو كيفيه الانتحار وهل لدي الشجاعه للعبور من الحياه إلي البرزخ المجهول وهل عذابات ما بعد الموت أقل وطأة من هذا الواقع الحزين الذي تجمعت فيه كل مصائب الحياه من فشل و فقر و فراق الحبيبه
في تلك اللحظات استأذن شاب و جلس بجانبي
ملامحه بها وسامه و لكن ملابسه تدل علي فقره الشديد
و بمجرد جلوسه بجواري بدأ في تجاذب أطراف الحديث معي و رغم عدم قدرتي علي سماع أي صوت او تقبل أي حديث الا أنه بدأ يحكي مأساته و فشله المتكرر في حياته بدايه من زواج ابنه عمه التي أحبها منذ نعومه أظافره و طرد عائلته له لأن أفكاره مختلفه و لا تتناسب مع تقاليد العائله و بدأت الدموع تنسكب من عيونه و مع سماع صوت بكائه نظرت إليه و تعجبت من احمرار لون عينيه
و حاولت أن اهون عليه بعض مشاكله و أخبرته أنني أعاني من نفس الظروف بل أشد حتي أنني أصبحت قاب قوسين أو أدني من فكره الانتحار و لكني لم أصل إلي طريقه سهله لتنفيذ تلك الفكره
بدأ في مسح دموعه و ابتسم وهو ينظر لي في وداعه وكأنه نسي همومه التي حملها علي عاتقه منذ جلوسه معي و أخبرني أن الحل في مشكلتي ليست في ترك الحياه و لكن في تغيير المكان و باستطاعته أن ينقلني الان لاي مكان اختاره في العالم للعيش فيه مع امدادي بأي أموال و من اي عملة اختارها للعيش في رغد
نظرت إليه في سخريه متسائلا عن الكيفية وهو شاب يعاني من نفس مشاكلي علاوه علي أنه تم طرده من أسرته و تنكرت له عائلته
نظر إلي مبتسما و اختفي من أمامي عابرأ النيل سائرا علي قدميه
حاولت اللحاق به محاولا السير علي الماء وكلما هرولت في الماء للحاق به زاد انغماسي في الماء حتي وصل منسوب الماء إلي رقبتي
ولم أفق إلا علي صيحات المارة علي الكورنيش
ارجع يا مجنون ... ارجع يا مجنون
ولكن في لحظات أصبحت في قاع النهر الذي جرفني مع التيار و مع كل مسافه يتم جرفي فيها اجد أناس ممددون في القاع
حاولوا العبور و لكنهم فشلوا
Peut être une image de 1 personne

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق