المطلفات
كلمة مطلقة, مطلقات في مجتمعنا .
كلمة لم تستثني أية واحدة ولم تفرق لا بين التي طلقت قهرا وتعسفا و لا التي طلقت تطليقا بسبب الضرر ولا وديا ولا من خلعت نفسها.
كلمة مطلقة باتت السهم القاتل المخترع لقلب الملقبة به بدون إستئذان والرصاصة القاتلة, الكابوس المسلط عليها وحبل الإعدام الملتف حول عنقها . الذي لا يرحم بسبب النظرة الغير عادلة الموجه لهن من قبل المجتمع بمن فيه أقرب الناس إليهن.
كلمة مطلقة, صفة, إسم و نعت بعلامة مسجلة بتعريف دولي لا يختلف عليه إثنان ولا يتيه عنه أي أحد.مهما كان تعليمه ومعرفته و درياته.
كلمة مطلقة تعرف بها هاته الفئة المغلوبة على أمرها ولا ذنب لها إلا ما رحم ربي في زمن باتت تعرف وتوصف وتنعت به من كل الفئات, من قريب و من بعيد بدون إسثتناء.
مطلقة كلمة مدوية قاتلة خانقة, مفقدة للوعي ومتلفة لخلايا الدماع و مثيرة للأعصاب, أصبحت مدونة ببطاقة حياتها الشخصية اليومة وبأوراق حالتها المدنية بداية من العائلية ومحيطها الأسري إلى المهنية والإجتماعية والتي أصبحت هاجس يؤرق حياتها. وكابوس يلاحق الأف النساء بكل الأقطار العربية عامة والتي تتفاقم درجات خطورتها وكوارثها من بلد لأخر ومن مجتمع لأخر خاصة بالجزائر وبمنطقتنا المحافظة.
كلمة مطلقة أصبحت تعاني من جرائها العديد من الفئات النسوية بمختلف أعمارهن و مستوايتهن وحالتهن المادية والإجتماعية, من حالة نفسية هيسترية صعبة للغاية جراء المضايقات والإستفزازات والأوضاع المزرية. وجملة المشاكل التي تتفاقم وتزداد كل يوم. وباتت موضوع إهانة وتجريح ومساس بكرامتهن و شرفهن ومادة لزجة لدى الجميع للتفوه بها.
أصبحت الكثيرات منهن منبوذات من المجتمع, مرفوضات مهمشات وممنوعات من الزواج بدون سبب يذكر و بدون مبرر لا لشيء إلا لأنها مطلقة, غير مرغوب فيهن و لا يلتفن إليهن محرم عليهن الحلال و والستر و التحصن والتعفف, لكن مرغوبات كخليلات مطلوبات عشيقات للمجون والليالي الحمراء و الدعوة لسلك طريق الحرام والتشجيع عليه.
مكروهات نهارا محبوبات مطلوبات ليلا بكل حرص .
كلمة وإسم مطلقة كرهته معظم المطلقات وتسعى للتخلص منه ونفيه جملة وتفصيلا بكل الطرق والوسائل و شتى الطرق , منهن من تسرع في إعادة الزواج خاصة الفئات هشة السن ذوات العشرينيات و الثلاثينات,في غالب الأحيان بأي عريس كان حسب وجهة نظر بعضهن و تصريحاتهن لا لشيء إلا لإجل محو هذا العار اللاصيق بها و بأهلها والمشوه لسمعتها وبمكانتها والمدمر لحياتها وحياة أطفالها و التأثير على نفسيتهن و إجبار الكثير منهن على التشرد و جر البعض للإنحراف لا سيما عنصر الإناث , ولأجل إثبات مكانتها بين أوساط المجتمع و أفراد أسرتها من جهة بأنها ليست سيئة وتم أهل لإعادة الزواج ولإقناع نفسها بأنوثتها ومكانتها من جهة ومن جهة لإغاضة مطلقها والإثبات له بأنها مطلوبة و مرغوب فيها و يمكنها إعادة الزواج و العيش في سعادة و ثبات دون حاجتها إليه ومن جهة اخرة وأهم إسكات الأفواه المتشدقة المشوهة لها.
والكثيرات من رفضت هذا الطرح والفكرة التي لا تجلب لهن سوى التعاسة والمشاكل، لا سيما المتاعب النفسية والفكرية مما ينجم عنه خاصة أنها تعتبر نفسها سلعة وعرض حقل تجارب للتذوق والإستمتاع بها و بجسدها.
وفئة أخرى أقسمت وجزمت وحسمت أمرها ونذرت نفسها لخدمة نفسها وأهلها ومجتمعها بعدما جربت حظها و رضيت بنصبيها و مكتوبها حسب تصورها لأنها فقدت الثقة الكاملة في صنف الرجال و باتت لا تأمن لهم مهما كانت العقود و المواثيق و الضمانات و الإغراءات ...
أما الفئة الناقمة القلة القليلة من رضيت بالزواج لتكميم الأفواه وخرس الألسن كما سبق وأن ذكرت ولحاجة في نفس يعقوب.
وفئة أخرى فضلت الإنتقام لنفسها ورد إعتبارها بطريقتها الخاصة وخوض بحر التجارب والمغامرات ولكل منهن وجهتها وتوجهها وتصورها والطريق الذي أختارته لنفسها دون إدراك ولا تميز. غير مبالية بالقيل والقال وغير مكتثرة وضاربة بكل الأعراف والتقاليد عرض الحائط.
وتبقى الفئة المحصورة بين إرضاء نفسها وأسرتها وإسكات مجتمعها بين المطرقة والسندان في حيرة من أمرها أتقبل بالتسمية والوصف أم ترفضه وتصمت للأبد أو تدافع بطريقتها التي تراها الأصلح والأنسب.
أما الفئة المثقفة حسب رأيهن المتدينات الراضيات بالقضاء والقدر ومكتوبهن مفوضات أمرهن للمولى عز وجل هو صاحب الأمر من قبل ومن بعد والواتي هن غير مباليات ولا مكثترات للأمر ولا تفكرن فيه أصلا ولم تتأثربه.
وفئة المحظوظات اللواتي لقين الدعم النفسي والأسري والإحاطة و التكفل من أهلهن و ذويهن و محيطيهن لا بتالي أصلا به.
موضوع شائك ويتطلب الكثير مما سببه وخلفه من تركة جد ثقيلة على مدار الأعوام في مجتمع لايرحم ولايقدر ولا يأبه بحالة هولاء المظلومات المهظومات المهدورات الحقوق المستغلات, المعرضات للعنف و التسلط و الإستغلال ناهيك عن المساومة والتحرش و ما شابه ذلك بسبب النظرة السائدة والمفهوم الخاطئ من أقرب المقربين الذي زاد للطين بلة, ناهيك عن باقي الأوساط المجتمعية التي ترى في المطلقة سهولة السيطرة وإغرائها للنيل منها وقت ما شاوؤا, خاصة ذوات الظروف المادية و المالية السيئة و حالة الفقر والعوز كما أثبته و بينته الإحصائيات والمعطيات بالأرقام من الدراسات والملفات المعروضة على أروقة المحاكم و مخافر الشرطة وباقي الجهات الإجتماعية, وما خفي كان أعظم وأثقل.
إن كلمة مطلقة ومطلقات أستفحلت ظاهرتها للعلن ولم تعود تلك الكلمة المحرمة من الطابوهات السابقة, بل أصبحت محل دراسات و ندوات و محاضرات و سلسلة دورات و تكوينات من طرف المختصين لاسيما علماء النفس والإجتماع عامة و مرشادات السلك الديني نتيجة عدد من العوامل المترابطة بها هاته الفئة خاصة بعد تجاوزهن مرحلة الانفصال و حل حبل الآرتباط الذي كان يشدها ويحميها ويقيها من كل هذا.
إكتفاء الساعة لفقرة الموضوع لا ختاما وعليه.
إن هذا الوضع التي تعيشه المطلقات من معاناة ومآس ومضايقات داخلية و خارجية و التي لا تعد ولا تحصى, أصبح لا يطاق ولا يحتمل ولابد من حل عاجل إن لم يكون جدري فسيكون جزئ بحول الله وإجتهادات أهل الإختصاص .
كانت هاته وجهة نظر دراسة حالات من أمهات القضايا المعروضة علينا والمعالجة من طرفنا ومن مناقشات صاحباتها ونظرتهن وإستشارتهن لحالتهن سواء النفسية أو الإجتماعية. يتبع.....
بقلم الأستاذ الحاج نورالدين أحمد بامون -باحث إجتماعي مؤرخ -ستراسبورغ فرنسا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق