الأحد، 27 أكتوبر 2024

الحياة بين الواقعيّة والعبثيّة بقلم الكاتب ولهان بوعثمان

 الحياة بين الواقعيّة والعبثيّة 


الحياة بين الواقعيّة والعبثيّة منظور يستحقّ التّساؤل حول معنى وقيمة الوجود وحول الغاية من العيش في هذه الدّنيا، أسطورة سيزيف وما ترمز من خلاله حول معاني الكفاح والجهاد والنّجاح في الحياة تجعلك في بادئ الأمر تستخفّ بما يقوم به الإنسان من فعل للوصول إلى هدفه أين تتساءل عند تكرار الحدث رغم كلّ ذلك التّعب والإرهاق وما يصادفه من فشل ما الجدوى من كلّ ذلك؟ وإلى أيّ مدى سيصل الإنسان!؟ 


ولكن الإنسان بطبعه التمرّد على الواقع، التطلّع إلى المجهول، الإصرار في المحاولة وكسر أسوار الغموض واللاّ معروف، ففكر الإنسان يرفض الإستسلام وقبول الواقع كما هو، فالفعل في حدّ ذاته يمثّل للإنسان العمل الذي يحقّق به التقدّم في الحركة وبالتّالي التطوّر. 


ربّما نظريّة فلسفة الوجوديّة تجعل الإنسان يقبل على الحياة رغم عوارض الفشل والمرض والموت وما يصطحبه من فناء، فحبّ الحياة رغم الموت وما يتبعه من زوال لا يثني الإنسان على رسم خطّ خاص به ينفرد به قلمه، دربه أن ينهج طريقا زاخرا بالأمنيات والأحلام التي يريدها كما هو على وقعه، أن تجعل منه شخصا ينحت ذاته ويزخرف حاضره غير سائل عمّا قد يحمله له القدر من مرارة أو إنتكاسات أو فشل أو نهايات مؤلمة قد تظهر لأول وهلة أنّ ما يقوم به من محاولات ليس إلاّ من قبيل العبثيّة. 


ورغم إصطدام الإنسان بوقع الحياة التي لها عالمها وتصوّراتها ورؤيتها كما تشتهي أحداثها وكما يبتغي واقعها مجرّدة من كلّ إحساس وعواطف إلاّ أنّه يدرك مقتنعا أنّ الحياة تسير ثابتة رغم كلّ الظّروف وفي كلّ مكان وزمان غير آبهة بالصّدامات والصّراعات والمآسي والأفراح والمناسبات، فالكلّ راحل ولا مفرّ من الهروب والكلّ مصيره الزّوال مهما تعدّدت الأفعال والأحداث، فلا بقاء لحضارة ولا أمّة حتّى الجغرافيا تتغيّر بفعل الزّمن والتّاريخ مدوّنة الشّعوب يتحوّر وينسخ حسب منظور كاتبه ويفهم حسب رؤية قارئه. 


من هذا المنطلق تقودني بصيرتي إلى مزيد فهم قولة العلاّمة والمؤرّخ "إبن خلدون" بأنّ الإنسان مدنيّ بطبعه لأنّ هذا السّلوك البشري يجعل منه كائنا مقبلا على الحياة بروح صاخبةومتفائله دأبه العمل وإنجاز الأفعال وتحدّي الصّعاب غايته الوصول إلى الأهداف التي برمجها عقله مسبقا قصد إثبات وجوده حتّى وإن غاب عنه أحيانا الواعز الدّيني وما يحتويه من قيم حول قدسيّة العمل ودار الدّنيا والآخرة، لأستنتج خلاصة وحيدة بأنّ سرّ سعادة وقوّة الإنسان رغم تعدّد المذاهب الدينيّة والإيديولوجيّات  والنظريّات العلميّة تكمن في الفعل مهما كان مصدره ورغم إختلاف نتائجه الذي به يشحذ همّته ويصون كرامته ويحفظ عزّته.


ولهان بوعثمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق