نشيج في هدأة الليل..يقطر شوقا ودموعا..
..إلى أمي التي أنجبتني في عتمات الفصول..وشمخت فوق زخات العذاب حين داهمها الذبول..
مشتاق إلى ذوات كثيرة وأشياء شتى..بي حنين عاصف إلى أمّي،تلك الشجرة الباسقة التي انتهت قبرا واجما،زاده البياض حيادا.. أين منّي وجه أمّي في مثل ليل كهذا..؟!
بسمتها العذبة..بسمتها الأصفى من الصفاء..عتابها لي آخر الليل حين أعود "ثملا" وقد لفضتني حانات المدينة وشوارعها الخلفية..
أين منّي حضنها الدافئ وهي تهدهدني وأنا الطفل والشاب والكهل..
لم أعرف اليتم يوم غاص أبي الرحيم إلى التراب..!
واليوم تشهد كائناتي وأشيائي أنّي اليتيم..
شيخ تجاوز الستين بخمس عجاف..ولكنّي أحتاج أمّي بكل ما في النّفس من شجن وحيرة وغضب عاصف..
أحتاجها لألعن في حضرة عينيها المفعمتين بالآسى غلمانا أكلوا من جرابي وشربوا من كأسي واستظلّوا بظلّي عند لفح الهجير..
لم أبخل عليهم بشيء وعلّمتهم الرماية والغواية والشدو البهي..
واليوم تحلّقوا في كل بؤرة وحضيض لينهشوا لحمي وحروف إسمي..!
أحتاج أمّي التي خاضت تجربة الحياة بمهارة..وظلت ظلالها ممتدة من الجغرافيا إلى ارتعاشات القلب..
مازالت هنا رابضة على عتبات الرّوح مثل رفّ جناح..
ومازلت أسمع تراتيلها وصلواتها كلّما مرّت الرّيح بحذوي..
وها أنا أرى طيفها في الأيّام الشتائية الماطرة حين السحب تترجّل على الأرض ضبابا..
آه يا أمّي كيف سمحت لنفسي بتسليمك إلى التراب..؟!
حنيني شائك ومتشعّب مثل حزني تماما،وكياني مكتظّ بالوجوه والذوات..
محمد المحسن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق