الجمعة، 8 نوفمبر 2024

غصن - البان قصّة قصيرة. بقلم الكاتبة جميلة مزرعاني

  غصن - البان 

قصّة قصيرة. بقلمي 


وافق شنّ طبقة. عبارة تردّدت على ألسن الكثيرين في حيّ شعبي من أحياء العاصمة بيروت بعد قصّة حبّ عاصفة بين راشد وليال تكلّلت بالزّواج تفرج الصبح عن أحلام إستودعها العاشقان صندوق الحظّ والنّصيب تثبت للملأ ميثاق عهد تعمّد بالحبّ والوفاء.مذ ضربا كفّا بكفّ لخوض حياة سعيدة فالسنوات كفيلة ليفهم الواحد الٱخر طباعه ونمط تفكيره ويكون الخيار صائبا للعيش تحت سقف واحد في السّرّاء والضّرّاء تزيّنه الثقة والاحترام .

شاء القدر أن يرزقا بثمرة حبّهما - فتاة جملة رقيقة تشبه القمر - أسمياها غصن البان تيمّنا بالشجرة التي جمعت حبّهما ذات لقاء.كبرت الصغيرة على الحبّ والحنان طفلة مدلّلة ملكت قلوب محبّيها التي لا يرفض لها طلب.تسحر بجمالها كلّ من رٱها .

درجت غصن البان على التفوّق في دراستها في المراحل الإبتدائية والتكميلية فالثانوية. تتميّز على رفقائها بنيل المرتبة الأولى على لائحة الشرف. فمنذ نعومة الظّفر كان همّ والديها النفخ في مسامعها لدراسة الطبّ.فلا تفوتهم فرصة إلا همسوا أمام الجميع بقولهم : غصن البان طبيبة المستقبل النّاجحة. لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن. فغصن البان برزت موهبتها في الرقص منذ الصغر .وكانت تحظى بتشجيع الجميع في الحفلات المدرسية والمناسبات العائلية تلفت نظر الحضور قامة هيفاء وخصر نحيل وشعر أسود دامس.جمال أخّاذ زرع في رأس الفتاة بذار غرور مستحكم.فغدت تعاند أهلها في كلّ صغيرة وكبيرة دون أن تكترث لنصائحهم خصوصا في خيارات المستقبل تفاجئهم قائلة:  أنا من يقرّر في شأن مستقبلي .فيتبادل الأبوان نظرات عميقة مقلقة تدعو للعجب دون مناقشتها في أمور  بالغة الأهميّة.

وكان لغصن البان أذن من طين وأذن من عجين.  فيما يدعو للقلق تأخّرها يوميًا بعد دوام المدرسة كانت تبرّر للأهل أنها تدرس عند صديقتها منال تحضّران للإمتحان النهائي.ذات مساء عادت تحمل بيدها كيسا سارعت تخفيه في الخزانة حتى لا تلفت نظر والديها. وحدها تعلم سرّه وذوو النّباهة والفصاحة .

في اليوم التالي قطع النهار وغصن البان لم تعد إلى المنزل .مما أثار رعب والدتها اختلج قلبها في صدرها يضرب ضربات عنيفة هي المرة الأولى التي يطول تأخًرها .يا إلهي ردّها إلينا سالمة. الوقت يمرّ بسرعة البرق ما عاد الأمر  يحتمل سأتصل بصديقتها منال علّها تفيدني بعلّة تأخّرها. راحت أناملها المرتجفة تضغط على الأرقام ............

يا حسرة على منال كيف تجرؤ تخبر والدتها أن ابنتها غدت راقصة محترفة بعد عدّة شعور قطعتها في دراسة أصول الرقص الشرقي  في معهد مختصّ وقد تخرّجت بشهادة عالية؟

وبسرعة البرق  وقّعت إلتزاما ليليّا للرقّص في نايت كلوب براتب كبير .

كيف سيواجه والدها الصدمة وهو مريض قلب منذ مدة حتى نصحه الطبيب بالانتباه لصحته وعدم الإنفعال والغضب؟ كيف سيستوعب أنً حلم طبيبة قد تبخّر؟

كيف سيتقبّل المجتمع المحافظ رؤية غصن البان ببدلة رقص تلتحف عريها والرجال من حولها ينثرونها بالفلوس كمن ينثر الأرزّ مع دعوة خاصة لليلة ذهبية؟

أسئلة كثيرة  إجاباتها على لسان الغد وفي بنات أفكار كل من قرأ ولديه تصوّر للنهاية والحلّ.


جميلة مزرعاني 

لبنان الجنوب 

ريحانة العرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق