الاثنين، 11 نوفمبر 2024

جودة الحبكة والتكثيف اللغوي..في اللوحة الإبداعية للكاتبة المغربية عتيقة هاشمي "لغة الفيزياء" متابعة الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 جودة الحبكة والتكثيف اللغوي..في اللوحة الإبداعية للكاتبة المغربية عتيقة هاشمي "لغة الفيزياء"

قد لا أجانب الصواب إذا قلت أنّ القصة القصيرة اليوم،أكثر الأجناس الأدبية انتشاراً لما تتمتع به من ميزات الاختصار والإيجاز،ولهذا فقد ساعدت كثيراً من القراء على إشباع رغباتهم وأذواقهم في وقت قصير وبمتعة أكبر،وقد تدرجت القصة القصيرة عبر مراحل تطورها شكلاً ومضموناً،حتى وصلت إلى هذه المكانة العالية من النجاح،في إرضاء أذواق القراء..
إن العناصر الفنية التي اعتمدت عليها القصة القصيرة عبر مراحل تطورها من قصة تقليدية تعتمد على الوصف ونقطة البداية،ثم العقدة،ونقطة التنوير،إلى قصة حديثة تعتمد على جودة الحبكة والتركيز والتكثيف اللغوي،والزمان والمكان والتداعي الداخلي،وتصاعد الحوار قد أدى إلى مايسمى بالدراما في القصة القصيرة.. وقد ارتبطت كلمة drama منذ القدم بالمسرح لما تتمتع به المسرحية من حوار وحركة،لأن الحركة والحوار من أهم خواص المسرح،وكلمة دراما هي المعنى الفني للمسرحية،فالحوار وحركة الشخصيات والتداعي الداخلي يعطي المسرحية الإثارة والدهشة،التي تجعل المشاهد يتأثر بها سلباً أو إيجاباً،وتولد عنده الرغبة في متابعة المسرحية.
وإذن ؟
القصة القصيرة إذا، ليست مجرد قصة تقع في صفحات قلائل بل هي لون من ألوان الأدب الحديث ظهر في أواخر ‏القرن التاسع عشر و له خصائص و مميزات شكلية معينة لأنه من المؤسف أن هناك من يتعامل مع القصة ‏القصيرة على أنها ناحية كمية ( حجم القصة ) فقط دون تفهم كامل لخصائصها.‏
وتكمن أهمية القصة القصيرة في أنها شكل أدبي فني قادر على طرح أعقد الرؤى وأخصب القضايا ‏والقراءات ذاتية وغيرية ونفسية واجتماعية،وبصورة دقيقة واعية من خلال علاقة الحدث بالواقع وما ‏ينجم عنه من صراع وما تمتاز به من تركيز وتكثيف في استخدام الدلالات اللغوية المناسبة لطبيعة الحدث ‏وأحوال الشخصية وخصائص القص وحركية الحوار والسرد ومظاهر الخيال والحقيقة وغير ذلك من ‏القضايا التي تتوغل هذا الفن الأدبي المتميز..
لنقرأ هذه اللوحة الإبداعية التي خطتها أنامل الكاتبة المغربية عتيقة هاشمي ولكم حرية التفاعل والتعليق:
لغة الفيزياء
تجعلك الخسارة تعيش الألم بكل تفاصيله..
تظن انك حي.. والحقيقة أنك تصبح جسدا بلا روح..
في كل مرة تسمع طرقا على الباب، وبعض الخربشات.. تسرع.. يسبقك نبض الفؤاد.. تفتحه.. تقف مشدوها.. لا احد .. يملأ البياض المكان.. يزداد الألم عمقا.. تدرك ان المفتاح قد ضاع منك في مكان ما.. في زمن ما .. دون أن تنتبه..
تدرك انك كنت منذ البداية وحدك.. وانك قد ألقي بك بعشوائية في هذا الكون منذ زمن.. تشعر كأنهم يلفونك تسعين درجة.. لا فائدة.. تندثر لغة الفيزياء.. النظرية التي أعطتك الأمل بالأمس، رمتك اليوم إلى العدم .. يتناثر زخم الكويرات امامك معلنا ثورة عليك.. لا أنت، انت.. لَا تَشَابُكَ كَمِّيٌّ .. لَا شَيْءَ .. سَتَخْتَفِي .. كَمَا كَوْكَبُكَ يَوْمًا مَا .. تنْسَى كَأَنَّكَ لَمْ تَكُنْ ..
(عتيقة هاشمي)
لوحة إبداعية رائقة تستوقفنا،من حيث نسيجها السّردي،و تقنية الأسلوب إذ نحسّ بروح التّشكيل الأدبي،وحساسية التّعبير الفنّي.
وخلاصة القول : إنّ تحليل النص الوارد (لغة الفيزياء) يدفعنا إلى الإسترسال والإستفاضة والبحث في تقنيات القصة القصيرة جداً.
والمقام هنا لا يسمح بذلك،وهو ما يمكن أن يكون في دراسات لاحقة حين يختمر عشب الكلام.
متابعة محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق