قراءة بقلم الشاعر والناقد ا. خلف ابراهيم
حول نص أيا طائر الفينيق/ سرد تعبيري للشاعرة سامية خليفة / لبنان
قراءة بقلم ا. خلف ابراهيم :
/قراءة ثقافية/
النص يحمل عمقًا ثقافيًا وأخلاقيًا وجماليًا يبرز الارتباط بين الهوية الإنسانية وتجارب الألم والبحث عن الأمل. يبدأ النص بتصوير مشهد مأساوي تحت الرماد، مما يعكس حالة من الفقد والخراب الذي يعاني منه الفرد والمجتمع. هذا الفقد ليس مجرد غياب مادي، بل هو أيضًا انقطاع عن الذكريات والبراءة، حيث يتم استحضار مشاعر الطفولة التي سُلبت، مما يعكس تأثيرات الصدمات على الهوية الشخصية والجماعية.
على المستوى الثقافي، يعكس النص صراع المجتمعات في مواجهة التحديات التي تتعرض لها، سواء كانت سياسية أو اجتماعية. فالتعبيرات المستخدمة تعبر عن معاناة جماعية، مما يجعل النص مرآة تعكس واقعًا مريرًا يعاني منه كثيرون. يتجلى هذا من خلال الصور البلاغية القوية مثل الأرض العطشى والخذلان، حيث تصبح هذه الألفاظ رموزًا للمعاناة المستمرة.
أما على المستوى الأخلاقي، فإن النص يدعو إلى التأمل في قيم الإنسانية والتضامن. تتجسد هذه القيم في مناشدة "طائر الفينيق"، الذي يمثل رمز الأمل والقدرة على النهوض من الرماد. هذه الدعوة تعكس إيمانًا عميقًا بقدرة الفرد والمجتمع على تجاوز الأزمات، مما يسلط الضوء على أهمية الأمل كقيمة أخلاقية مركزية في الحياة.
جماليًا، يتميز النص بأسلوبه الشعري والغني بالصور الحسية، مما يخلق تجربة جمالية مؤثرة. استخدام اللغة بشكل مكثف ومعبر يجعلنا نشعر بوطأة الألم والحنين، ويعزز من تجربة الفهم العميق للمشاعر الإنسانية. التباين بين الأمل واليأس، وبين الفقد والبحث عن الحياة، يُضفي بعدًا جمالياً يجعل النص يتجاوز كونه مجرد تعبير عن المعاناة ليصبح دعوة للتجدد.دمتي بود وسعادة أستاذة سامية جل التقدير لحرفكم المتميز دائمآ.
في النهاية، يجسد النص رحلة إنسانية معقدة تسلط الضوء على الصراعات الداخلية والخارجية، مما يجعل القارئ يتفاعل مع قضايا الهوية والأمل والإنسانية في سياق ثقافي عميق.
أيا طائرَ الفينيقِ/ سرد تعبيري
تحت الرّكامِ بحورٌ من مشاعرَ وذكرياتٍ ، نشق المعابرَ إليها بدمعٍ مالحٍ، وأملٍ بنجاةٍ، نرثي الصّبا الذي شابَ قبلَ أوانِ القطافِ، نرثي الطفولةَ التي اندثرتْ بعدما سُلبتَ منها الضّحكاتُ. الأرضُ عطشى والخذلانُ مياهُه الصَّديدُ. الأثلامُ تجاعيدُ والزَّمنُ أغبرُ يحاصرُ الفرحَ، فما عدْنا نحلمُ بزرعٍ ولا بحصادٍ.
لن يتوقّفَ الزّمنُ وإن صدئتْ مراجيحُ الحياةِ، ولن تخدعَنا مرايا الزّيف ولا طلاءُ ماءِ الذّهبِ، فتحتَ لمعات المرايا صليلُ سيوفِ الخيانةِ ورعدُ قنابلِ الوحشيّةِ وتحت طلاءِ الذّهب سخامُ غدرٍ.
العزفُ أمسى ماكرَ الأصداءِ.
أيا طائرَ الفينيقِ أقبلْ علينا، علّمنا كيفَ نحيا من تحتِ الرّمادِ ، نحن شعبٌ لم يعتدِ الوقوفَ على أعتابِ اليأسِ ليسبكَ من الأيّامِ بريقَ سرابٍ .
أيا طائرَ الفينيقِ ، هل الإنسانيّة تبخرتْ مع أوَّلِ قيظٍ؟
أتراها الشَّمسُ غدرتْ وهي رمزُ الحريّةِ والبطولةِ والمعرفةِ والسّطوعِ والحياةِ،
أمِ الرِّياحُ...أمِ الحروفُ؟
سامية خليفة/ لبنان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق